منعتها أميركا واليابان والصين بسبب الجاسوسية والقرصنة، لكن دولاً أخرى رحّبت بها.. هذه وجهتك الأفضل لتأسيس شركات العملات الرقمية

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/30 الساعة 21:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/31 الساعة 06:03 بتوقيت غرينتش
عملة البيتكوين

 في العادة تكون مقرات الشركات الكبرى موجودة في ديلاوير، أما شركات المراهنات عبر الإنترنت فغالباً ما تقوم بافتتاح مكاتبها في كل من جبل طارق ومالطا. أما الآن، فقد أصبح السباق نحو التحول إلى الوجهة المفضلة لشركات العملات الرقمية، التي تبحث عن ملجأ، بعد أن منعتها أميركا واليابان بسبب الجاسوسية والقرصنة.

بلدان "صغيرة" تُقدم امتيازات كبيرة

في بعض البلدان والأقاليم الصغيرة، بما في ذلك برمودا ومالطا وجبل طارق وليختنشتاين، قام المسؤولون في الآونة الأخيرة بسنّ قوانين وتطبيق تشريعات جديدة في نظام العمل. وذلك بهدف جعل بلدانهم أكثر جذباً للمشاريع وشركات تبادل العملات الرقمية.

في 4 يوليو/تموز 2018، أقرّت حكومة مالطا ثلاثة قوانين جديدة، بحيث تسمح للشركات بإصدار عملات رقمية جديدة بالإضافة إلى تبادل العملات الرقمية الأخرى الموجودة الفعل، بكل سهولة. أما في برمودا فقد أصدرت الهيئة التشريعية قانوناً يسمح للشركات الناشئة التي تقدم عروض عملة أولية بالتسجيل لدى وزارة المالية من أجل الحصول على موافقة سريعة.

وقال رئيس وزراء برمودا، إي ديفيد بيرت، في مقابلة في مؤتمر العملات الرقمية الذي انعقد في مايو/أيار الماضي بنيويورك، محاولاً جذب الشركات من خلال التحدث عن سحر الجزيرة: "نحن فقط 65 ألف ساكن في هذه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 20 ميلاً مربعاً. وعلى الرغم من ذلك نحن نملك اقتصاداً متطوراً للغاية، كما أننا نرغب حقاً في جعل برمودا دولة حاضنة لهذه الصناعة".

يعتبر التنافس القائم بين شركات تبادل العملات الرقمية جزءاً من الدافع الأكبر للحكومات التي ترغب في فهم كيفية التعامل مع هذه الصناعة الجديدة التي حققت نجاحاً واسعاً خلال السنة الماضية. والجدير بالذكر أن تأسيسك لشركة عملات رقمية يمكن أن يسمح لك بتحقيق مكاسب عديدة، وذلك من خلال الوظائف والإيرادات الضريبية.

لكن الرغبة في الاستثمار في العملات الرقمية تنطوي أيضاً على مخاطرة كبيرة. فلطالما ارتبطت عمليات الاحتيال والخداع بهذه الصناعة. وقد ساعدت التكنولوجيا الأساسية التي ترتكز عليها البيتكوين، المعروفة باسم البلوكتشين في تسهيل عملية إرسال الأموال دون الحاجة إلى موافقة من الوكالات الحكومية أو المؤسسات المالية الحالية. ويعتبر سوق العملات الرقمية غير مستقر، حيث تراجعت أسعار معظم العملات الرقمية سنة 2018 بعد الارتفاع الصاروخي الذي شهدته السنة الماضية.

في المقابل قامت دول كبرى بحظرها

ازداد استخدام العملات الرقمية من قبل المخترقين خلال هذا الشهر، في الوقت الذي وجهت فيه وزارة العدل الأميركية اتهامات لنحو 12 ضابط مخابرات روسياً على خلفية قرصنة قاعدة بيانات اللجنة الوطنية الديمقراطية. وقد اعترف هؤلاء الضباط باستخدام البيتكوين على وجه التحديد لتمويل أعمالهم. وقد أدت التقلبات وعدم اليقين إلى تثبيط رغبة بعض البلدان وجعل بعضها الآخر يتردد في احتضان شركات تبادل العملات الرقمية.

على سبيل المثال، حظرت الحكومة الصينية تبادل العملات الرقمية والعروض الأولية للعملة بعد أن اجتاحت حالة من الحماس العديد من مواطنيها، الذين قاموا برهن مدخراتهم بهدف امتلاك العملات الرقمية. كما قامت السلطات اليابانية أيضاً بوقف العديد من المبادلات خلال هذه السنة، بعد أن تم اختراق واحدة من أكبر البورصات المرخص لها.

وحذر رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، جاي كلايتون، من أن معظم الشركات التي جمعت أموالاً عن طريق بيع العملات الرقمية على الأرجح لم تتبع القانون. لكن الهيئة لم تقدم توجيهات واضحة حول الحدود البينة بين المشاريع القانونية وغير القانونية.

لكن ذلك لم يمنع البلدان الصغيرة من توفير "بيئة مواتية"

وقد ساعد هذا كله في فتح الباب أمام البلدان الصغيرة لتوفير بيئة مواتية، منفصلة عن الجهود الفردية، لإنشاء ملاذات رقمية آمنة، تماماً كما هو الحال في بورتوريكو. ويبدو أن هذه الخطوة التي قامت بها العديد من البلدان كانت فعالة، فقد أعلنت عشرات الشركات، بما في ذلك أكبر بورصة في العالم، عن خطط لإنشاء مكاتب في الدول الصغيرة التي أصدرت هذه القوانين.

لطالما كانت برمودا جهة فاعلة في هذا المجال. وبالإضافة تمريرها لقانون يسمح بالموافقة السريعة على العروض الأولية للعملة، يمتلك هذا الأرخبيل البريطاني قانوناً في طور الإنجاز ينصّ على فتح الأبواب لتبادل العملات الرقمية والخدمات ذات الصلة. من جانبه، قال السيد بيرت إن حكومته تعمل على تحديد ملامح المنهج الخاص بها في قطاع التأمين، علما وأن برمودا تعد رائدة في هذا المجال.

عملة البيتكوين عادت للتداول بقوة مؤخرا خاصة بآسيا
عملة البيتكوين عادت للتداول بقوة مؤخرا خاصة بآسيا

جذبت الإجراءات التي اتخذتها برمودا، ويل مكدونوف، وهو مؤسس العلامة التجارية المعروفة باسم iCash. وقد صرح مكدوناف بأنه قرر تأسيس شركته هناك، لأن الجزيرة تتميز بالخبرة في التمويل الدولي، إضافة إلى أن الحكومة على استعداد تام لتقبل ما ستقدمه الشركة من إضافة.  

وقال مكدونوف، وهو أيضاً نائب الرئيس السابق لشركة Goldman Sachs، إن "أكبر مشكلة تواجهها شركات البلوكتشين تكمن في أنها لا تعلم كيفية إدارة وتنظيم أعمالها. وقد اكتشفت هذه الدول التي سنت قوانين واضحة للغاية أن العديد من الشركات تقوم بمخالفة هذه القوانين".

يخطط السيد مكدونوف الآن لجمع 35 مليون دولار من خلال بيع رموز iCash للمستثمرين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة. وقد تم تصميم رموز iCash في البداية لتكون وسيلة دفع على إحدى مواقع المراهنة على الإنترنت. وقد أكد مكدونوف أنه سيظل في فلوريدا، لكنه سيفتح مكتب ويوظف رئيس عمليات في برمودا، وهو أمر تطلبه الجزيرة من جميع الشركات.

وهو ما نجح فعلاً باستقطاب كبريات شركات "العملات الرقمية"

تلعب بعض الشركات الأخرى دوراً هاماً في هذا المجال. مثلاً تبحث Binance، وهي أكبر بورصة لتبادل العملات الرقمية في العالم، على موقع جديد بعد أن قامت بغلق مكتبها في اليابان هذه السنة، لأن الشركة كانت تمارس عملها دون رخصة. وفي شهر مارس/آذار، أعلنت البورصة، التي تسعى إلى تنظيم هذه اللوائح، أنها ستفتتح مكاتب جديدة في مالطا وستوظف مئات الموظفين، وذلك بسبب القوانين المرنة التي وضعتها البلاد.

وقد دفع ذلك رئيس وزراء مالطا، جوزيف موسكات، إلى نشر تغريدة لتوجيه تهنئة في الصدد، معلناً عن نية الجزيرة في أن تكون "رائدة عالمياً في تنظيم الشركات والمعاملات القائمة على تكنولوجيا البلوكتشين". وبعد مضي شهر، سافر الرئيس التنفيذي لشركة Binance، تشاو تشانغ بينغ، إلى برمودا ليعلن أن الشركة ستنفذ مشاريع تلتزم بقوانين البلاد كما ستستثمر 15 مليون دولار في الجزيرة. وفي حفل التوقيع مع السيد بيرت، ارتدى السيد تشاو ربطة عنق وسروالاً قصيراً أزرق اللون من صنع برمودا.

وقد رفض تشاو تشانغ بينغ الرد على طلبات التعليق.

والبلدان "المحتضنة" مستعدة لتقديم المزيد من "التنازلات"

أفادت العديد من الدول التي قامت بتمرير القوانين الجديدة بأنها غير مهتمة بأن تصبح موطناً لأي نشاط غير القانوني. وأورد ألبرت إيسولا، وزير المالية في جبل طارق، أن حكومته معتادة على اتخاذ قرارات صعبة في ظل حرصها على تنظيم معاملات شركات المراهنة على الإنترنت على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية.

وأضاف إيسولا أنه "بالنسبة لكل ترخيص قمنا بإصداره، فإننا على الأرجح، قد رفضنا 10 على الأقل. فعندما تفكر في قطاع جديد، تكون أسماء الشركات الكبرى جذابة للغاية، لكن يجب أن تتمتع بالمصداقية كشرط أساسي. وبالتالي، ينبغي علينا دائماً أن نكون على استعداد لرفض البعض منها حتى وإن كانت من الشركات الكبرى".

توفر شركات المراهنة على الإنترنت في جبل طارق، حوالي 3 آلاف موطن شغل، أي حوالي 10% من مجمل سكان البلاد. وقال السيد إيسولا إنه يرى إمكانيات مماثلة في تكنولوجيا البلوكتشين، واصفاً إياها "بالاتجاه الجديد للأعمال".

تمر دولة جبل طارق، في الوقت الراهن، بالمراحل النهائية قبل التصويت على اللوائح التنظيمية، تماماً مثل مالطا التي ستسمح للشركات بإصدار وتداول العملات الرقمية. وبالفعل، تقدمت 35 شركة بطلب إلى الحكومة للحصول على تراخيص لبدء أعمالهم القائمة على تكنولوجيا البلوكتشين.

ويبدو أنها ستستمر في التوسع..

تعد ليختنشتاين، وهي دولة تقع في جبال الألب، وتحديداً بين النمسا وسويسرا، من بين المشاركين الملتحقين حديثاً في ركب الدول المتبنية لمجال العملات الرقمية. وسيقوم رئيس الوزراء بتعميم قانون البلوكتشين هذا الصيف للسماح شركات ببيع العملات الرقمية.

انتشر هذا النشاط ليشمل دول أخرى، فقد أقرت ولاية وايومنغ وديلاوير قوانين تهدف إلى الترحيب ببعض مشاريع البلوكتشين، علماً بأنها لم تركز على تلك الشركات التي تقوم بتداول العملات الرقمية. وفي سنة 2014، أقرت نيويورك ترخيصاً تحت مسمى BitLicense، ساهم في جذب العديد من الشركات في البداية للتمركز في الدولة. ولكن منذ ذلك الحين أصبح هذا الترخيص يشكل عائقاً بسبب متطلبات الحكومة واسعة النطاق وعمليات الموافقة التي تتطلب بعض الوقت.

أما في سويسرا فقد سعت مدينة كانتون تسوغ بدورها إلى تبني أعمال متعلقة بالعملات الرقمية، لتصبح فيما بعد كريبتو فالي (Crypto Valley). في مايو/أيار الماضي سافر كبير المسؤوليين الاقتصاديين في كانتون تسوغ، غويدو بولغيروني، الذي شارك في هذه الجهود، لحضور مؤتمر العملات الرقمية الذي حضره السيد بيرت كذلك. وخلال حضوره في حفل كوكتيل بكريبتو فالي، قال السيد بولغيروني إن مهمته الأولى تتمثل في التأكد من أن أي شخص لديه مشروع قائم على التعامل بالعملات الرقمية في منطقة كانتون تسوغ راض عن سير العمل. وأورد بولغيروني في الصدد قائلاً: "كم عدد السلطات القضائية الأخرى التي تتيح مثل هذه البيئة والفرص؟".


اقرأ أيضا

ظهر باسم وهمي على الإنترنت واخترع البيتكوين.. كيف نشأت العملات الرقمية على يد شخص مجهول؟

أنا مهووسٌ بالعملات الرقمية وخبَّأت البيتكوين تحت جلدي خوفاً من القرصنة! (فيديو)

يؤسس جيشاً من الهاكرز لتغيير العالم.. قصة أمير تاكي رمز البيتكوين الذي قاتل داعش في سوريا ويساند انفصاليي برشلونة