لكل الكسالى والمترددين والذين يُؤجلّون الأشياء المهمة.. هذا الكتاب غيّر حياتي فعلاً

عدد القراءات
866
عربي بوست
تم النشر: 2021/12/08 الساعة 11:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/08 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
ميل روبينز صاحبة كتاب "قاعدة الثواني الخمس"

في كتب التنمية الذاتية أو التنمية البشرية، كما يُطلقون عليها، يخبرونك أنّك جميلٌ كما أنت، وأنّك إنسانٌ عظيم، وأنّك قادر على أن تحل جميع مشكلاتك، بل ويُمكنك أن تصل إلى أحلامك مهما بدت مستحيلة..

يخبرونك أنّه بإمكانك أن تتغير وتصبح شخصاً آخر، أفضل وأغنى وأكثر ذكاءً ووسامة أيضاً..

كل هذا جميل ومُلهم.. ولكن المشكلة أنّهم لا يخبرونك كيف تفعل ذلك؟

وهذا الشيء تحديداً، هو سبب مشكلتي مع هذا النوع من الكتب، شعارات رنّانة، وكلماتٍ مبالغة في الحماسة، وتكرار لفكرة حب الذات ونبذ الأفكار السلبية، بدون منطقٍ حقيقي، يمكنه أن يقنع العقل والقلب معاً.

ولكن حينما وقع في يدي كتاب قاعدة الثواني الخمس، للكاتبة الأمريكية Mel Robbins، اندهشت من بساطة الفكرة التي قام عليها الكتاب، وفاعليتها مع الكثيرين الذين قاموا بتطبيقها للسيطرة على مجريات أمورهم الحياتية، التي فشلوا في السيطرة عليها من قبل.

ورأيت بعدها أنّ الوقت قد حان، لأكتشف بنفسي مدى فاعلية قاعدة الثواني الخمس..

وها قد فعلت..

حياة جديدة في خمس ثوانٍ فحسب.. أيُمكن أن يكون ذلك حقيقياً؟

هذا العنوان هو اسم الفصل الأول من كتاب قاعدة الثواني الخمس، مُبالغٌ فيه بشدة.. أليس كذلك؟

ولكن قبل أن أصل لهذه النقطة.. سألت نفسي سؤالاً مُهمّاً: لماذا يصعب علينا أن نتغير؟ لماذا لا نفعل الأشياء التي نعلم تمام العلم أنّها ستعود علينا بالنفع، ونمتنع عن الأشياء التي نؤمن تماماً، أنّها ستعود علينا بالضرر؟

وعلمت في نفس اللحظة.. أنّ الإيمان بالفكرة وحده لا يكفي..

يخبرونك– عبثاً- في كتب التنمية البشرية، بأنّه فور قراءتك لها، ستتغيّر حياتك بأكملها، وقد تقتنع حقيقة بكل كلمة تقرؤها في تلك الكتب، ولكن ما يحدث بعدها هو الشعور بمشاعر إيجابية ، تدوم لعدة ساعات ربما، ثم.. لا شيء..

لا شيء يتغير لأنّ التغيير لا يأتي من تغيير الأفكار والمعتقدات فحسب..

يحدث التغيير، عندما يحدث تغيير حقيقي..

عندما يتغير السلوك أو العمل، حينما تخرج خارج منطقة الراحة كما يُسمّونها..

وهذا هو ما تقوم عليه قاعدة الثواني الخمس: الفعل.

كل ما عليك هو أن تقوم باتخاذ القرار الذي تعرف أنّه هو القرار الصحيح في مدة خمس ثوانٍ فحسب، تتأهب فيها لتنفيذ القرار في الثانية السادسة منذ لحظة اتخاذ القرار الأولى.

بغض النظر عن حالتك العاطفية أو الجسدية، ستقوم بدفع نفسك دفعاً لفعل ما يجب عليك فعله، سواء كان ذلك الشيء هو الذهاب لصالة الألعاب الرياضية، أو التوقف عن عادة سيئة كالتدخين مثلاً، أو التحدث بصدقٍ والإفصاح عن مشاعرك التي لم تعتد أن تفصح عنها لأحد، أو القيام بواجبٍ اجتماعي غير مُحبب، وغيرها من الأشياء الأخرى التي لا نرغب في الغالب أن نفعلها.

أن تفعل أولاً ثم تقتنع لاحقاً، أو لا تقتنع حتى، لا يهم..

المهم هنا حقاً.. هو الشعور بالسيطرة .. وهو الشيء الذي سيقود بالتبعية إلى التغيير..

التغيير القادر على تغيير الحياة فعلاً.. في خمس ثوانٍ فحسب..

فكرة قاعدة الثواني الخمس ببساطة

فكرة غاية في البساطة.. لا يحتاج شرحها إلا لثوانٍ فعلاً، لا توجد مشقة في التنفيذ ولا تحتاج الكثير من الجهد..

حينما بدأت في استخدام هذه القاعدة، بدأت أستوعب أنّ كل الموانع ما هي إلا حاجز نفسي، فور كسري له، أصل لما أُريد فعلاً..

قرار آخذه على نفسي، أتخذه في خلال خمس ثوانٍ، أقوم بالعدّ 5..4..3.. وسيطرة قوية أُلزم بها نفسي الضعيفة.. 2….1  بعدها أقوم بالفعل على الفور.

متى بدأت بالعدّ 5.. لا مجال للتراجع للقيام بالفعل عند الوصول لـ 1.

جرّبت هذه القاعدة في أمرٍ بسيطٍ أول الأمر، في إجراء مكالمة هاتفية ثقيلة على نفسي، كنت أؤجلها لشهورٍ عديدة، ولكنّي اتخذت القرار في لحظة، ونفذته في خمس ثوانٍ..

سأتصل الآن.. 5.. 4.. 3.. لا سبيل للتراجع.. 2.. 1..

وقمت بالاتصال..

خالجني بعدها شعور لم أمر به في حياتي إلا قليلاً.. بأنني يُمكنني السيطرة على نفسي فعلاً، والقيام بالشيء الصحيح أخيراً، رغم صعوبته وحساسيته..

تغيّر شيء بداخلي.. وشعرت بالرضا، وبالأمل في إمكانية تحسين حياتي..، وهذا لأنني لأول مرة أفعل شيئاً حقيقياً، أرى نتائج فورية مضمونة له، وبدون جهدٍ كبير، لأنّ وقت مقاومتي كان لا يُذكر، لو كنت قد اتخذت هذا القرار في الصباح مثلاً، على أن أُنفذه في المساء، لظللت طيلة اليوم أختلق الأعذار لنفسي بألا أفعل، ولكنّي بهذه الحيلة، قد قطعت الطريق على قلبي الذي لا يُريد، وفعلت الشيء الصحيح رغماً عن الجميع، وأولهم أنا.

قصة ميل روبينز مع قاعدة الثواني الخمس.. وقصتي أيضاً

تحكي الكاتبة ميل روبينز عن الفكرة التي جعلتها تبتكر هذه القاعدة، والتي طرأت على ذهنها بما يُشبه الإلهام، في فترة سيئة من حياتها. تقول روبينز بأنّها في تلك الفترة كانت تتأخر دوماً على موعد الاستيقاظ، مما يُسبب لها العديد من المشاكل لاحقاً، والتي تُزيد من أيامها سوءاً..

تقول إنّه ذات ليلة، لفت انتباهها على شاشة التلفزيون، لقطة بها صورة صاروخ فضائي، وسمعت العدّ التنازلي 5..4..3..2..1، وبعدها انطلق الصاروخ. حينها قالت في نفسها:

"سَأُطلق نفسي غداً من السرير مثل الصاروخ، سأتحرك بسرعة جداً ولن أترك لنفسي وقتاً للمماطلة."

وحينما رنّ جرس المنبّه في الساعة السادسة صباحاً، لم تكن تُريد النهوض من السرير كالعادة، ثم تذكرت مشهد إطلاق الصاروخ، وبدلاً من الضغط على مفتاح الإغفاءة كعادتها، بدأت تعد تنازلياً 5..4..3..2..1.. ثم نهضت واقفة.

من هنا جاءت الفكرة لميل روبينز التي نشرتها في عام 2017 من خلال كتاب The Five Seconds Rule، والذي نال شهرة فائقة وحقق أعلى الإيرادات في العالم أجمع.

حينما قرأت كتاب قاعدة الثواني الخمس، عرفت أنّ هذا الكتاب يصلح لي تماماً.. وأنّه واحدٌ من الكتب القلائل التي يُمكنك أن تقوم بتنفيذ ما جاء بها بكل سهولة، وتحصل وقتها على النتيجة على الفور.

رأيت في ذلك الكتاب الحل السحريّ لكل الكسالى والمترددين والمُسوّفين الذين يُؤجلّون الأشياء المهمة، وأنا أولهم، كي أتمكن من السيطرة على ذاتي التي تمنعني من القيام الشيء الصحيح.

بدأت أستخدم هذه الفكرة في أمور بسيطة، مثل القيام بأعمال المنزل الثقيلة على نفسي، وأداء بعض الواجبات الاجتماعية التي أقوم بتأجيلها دوماً، وكانت النتيجة جيدة جداً، فقد اكتشفت أنّ صعوبة الأمر بالنسبة لي، تكمن في اتخاذ القرار فحسب، وأنّه فور عزمي على القيام بالشيء الذي لا أريد القيام به، تصير الأمر أكثر سهولة.

وكان الأمر أكثر صعوبة بعض الشيء، حينما أرغمت نفسي على أن أستخدم هذه القاعدة في أمرٍ أكثر حساسية، وهو أن أبوح لشخص عزيزٍ بما في داخلي، وأنا أعلم أنّ هذا الحديث ربما قد يجعلني أخسره للأبد، ولكني كنت أعرف أنّ الصدق في هذا الموقف، هو الشيء الذي يتحتم عليّ أن أتمسك به، لذلك لم أُفكر كثيراً..

5..ضربات قلبي قد زادت كثيراً..

4.. هل سأفعلها حقاً؟ ..

3.. أشعر أنّي لن أقدر..

2.. ستكون ردة الفعل سيئة..

1.. وأفرغت ما بقلبي..

ولم أخسر ذلك الشخص.. ولم أندم، سوى على الفترة الطويلة التي منعتني نفسي فيها من القيام بذلك الأمر.

حتى لا تقع في الخطأ الذي وقعت أنا فيه

بينما كنت أقرأ الكتاب، لفت نظري عنوان الفصل السابع، وهو "لا أهمية لما تشعر به".

وجدت نفسي أستنكر هذه العنوان، لأنّي شخص يُقدّر قيمة المشاعر كثيراً، ولكن حينما قرأت الفصل كاملاً، أدركت ما تقصده الكاتبة، وحينها عرفت أنها محقة تماماً.

إذا سأل أي منّا نفسه: هل تشعر أنّك تُريد أن تقوم بالعمل الذي أجلّته مرات عديدة وتراكم عليك الآن؟ أم تشعر بأنك تحتاج إلى مشروب دافئ بينما تُشاهد مسلسلك المفضل؟

بالضبط.. لا يجب علينا أن ندع دفة القيادة في يد المشاعر، لأنها لا تبحث سوى عن السعادة المؤقتة فحسب، ولا يُمكنها أن تصل إلى أبعد من ذلك.

.. أنا لا أريد أن أنام مُبكراً، ولا أريد أن أصحو باكراً، ولا أريد أن أقوم بمهامي اليومية في تنظيف المنزل أو إعداد الطعام، أو حتى القيام بعملي الذي أحبه.

لو تركت الأمر لمشاعري بالكامل لما حقّقت شيئاً في حياتي، وهو الخطأ الذي كنت كثيراً ما أقع فيه للأسف.

تقول ميل روبينز في كتاب قاعدة الخمس ثواني:

" مهما بدت حياتك سيئة، فإنّك قادرٌ دائماً على أن تجعلها أكثر سوءاً"

فعلاً.. أدركت أخيراً أنّ مشاعري تعترض طريقي دائماً، وأنّها الشيء الذي يمنعني من الإنجاز، ومن شعوري بأنّي في مركز السيطرة على نفسي وعلى أفعالي.

في النهاية..

هذه القاعدة ليست للحائرين الذين لا يعرفون ما ينبغي عليهم فعله، أو للمتخبطين في الحياة بلا هدفٍ..

هي للذين يعلمون تماماً ما يُريدون فعله، ولكن تمنعهم نفسهم لسببٍ أو لآخر من القيام بالشيء الصحيح.

يُمكننا تجربتها في أي شيءٍ مطلوب منّا عمله، لكننا لا نُريد أن نفعله، نتيجة لخوفٍ أو كسلٍ أو أفكار سلبية، أو قلق من ردة فعل الآخرين، بداية من الاستيقاظ مُبكراً، وحتى ترك عمل أو إنهاء علاقة عاطفية، نعلم تمام العلم أننا لا ينبغي الاستمرار في أي منها بعد الآن.

حدّد هدفك.. ابدأ بالعدّ.. لا تُماطل.. والآن.. انطلق كالصاروخ واستعد سيطرتك على حياتك.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سارة يوسف
دارسة للأدب الإنجليزي، ومهتمة بالفنون والسينما
أنا سارة يوسف، زوجة وأم، مُحبة للقراءة والسينما، درست الأدب الإنجليزي، وعملت في وظائف عدة، حتى توصّلت لشغفي الحقيقي وهو كتابة المقالات الفنّية والأدبية.
تحميل المزيد