من البديهي لنا جميعاً أن الطعام هو الوقود الذي ينبغي علينا التزوُّد به من أجل القيام بكافة الأمور الحياتية، بداية من القدرة على التنفُّس وموازنة أداء أعضاء الجسم بالشكل المطلوب، وصولاً إلى القدرة على القيام بالمهام البدنية والعقلية الشاقة التي تتطلبها نواحي الحياة المختلفة.
ومع ذلك، ما تتناوله من أطعمة ووجبات خلال العشرينيات من عمرك قد لا يكون بالضرورة هو ما يحتاجه جسمك وأنت في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من العمر.
وذلك لعدة أمور، من بينها التغيرات الهرمونية والجسدية الطبيعية، وكثافة العظام، والقدرة البدنية على بذل المجهود الجسدي، وغيرها من التغيرات الحتمية التي غالباً ما يتم تجاهلها عند التفكير في وضع نظام غذائي.
في هذا التقرير نستوضح الأطعمة الملائمة بحسب المرحلة العمرية، وكيف يُسهم هذا التغيير في الإبقاء على سلامة الجسم ومساعدته للعمل بأكبر كفاءة ممكنة.
الطعام الملائم لمرحلة العشرينيات من العمر
تُعرف تلك المرحلة العمرية في مختلف الثقافات بأنها مرحلة الشباب وأوج النشاط.
وهو العقد الذي تصل فيه مستويات هرمونات بناء العضلات، وهرمونات النمو إلى ذروتها، وفيه تتم التغيّرات الجسدية الأخيرة للإنسان، ذكراً كان أم أنثى.
1- الطعام الغني بالبروتين
ولأن العشرينيات هي فرصتك الأخيرة لامتلاك عظام صحية وقوية، ونمو جسمك بالشكل الملائم؛ بحلول الوقت الذي تبلغ فيه الثلاثينات من عمرك سيكون نظامك العظمي قد اكتمل.
ولا يمنع النظام الغذائي السيئ قدرتك على إتمام تلك الأمور فحسب، بل يزيد أيضاً من خطر الإصابة بالأمراض وزيادة الوزن والتدهور العقلي والذهني، الآن ولعدة عقود مُقبلة.
لذلك يشير موقع WebMD الصحي، إلى أن العشرينيات هي العمر الأنسب والأكثر إلحاحاً للتزود بالبروتين، لكي يحث الجسم على بناء العضلات، لكن الشباب النشطين، وخاصة أولئك الذين يمارسون الرياضة والمجهود البدني قد يحتاجون إلى المزيد.
وتشمل المصادر الجيدة للبروتين الملائم لهذه المرحلة العمرية: اللحوم الخالية من الدهون والأسماك ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى المصادر النباتية مثل الفول والعدس والمكسرات والبذور والتوفو.
2- الكربوهيدرات
كذلك يحتاج الجسم في العشرينيات للحصول على كميات ملائمة من الكربوهيدرات المعقدة، وهي مصدر الطاقة المفضل للجسم للحصول على الطاقة.
وتستغرق الكربوهيدرات المعقدة وقتاً أطول حتى يحللها الجسم ويهضمها، مما يمنحك المزيد من الطاقة ويساعدك على الشعور بالشبع لفترة أطول. وتشمل المصادر الجيدة لهذه الأطعمة الفاصوليا والكينوا ودقيق الشوفان وخبز القمح الكامل.
3- الكالسيوم
وبطبيعة الحال، تحتاج في عشرينياتك إلى الكالسيوم لتقوية عظامك وأسنانك، وهذا مهم بشكل خاص خلال هذه المرحلة العمرية، لأن خلالها تصل عظامك بأنواعها إلى أقصى حجم وقوة لها.
وتعتبر منتجات الألبان مثل الحليب واللبن الطبيعي من المزارع الصديقة للحيوان، ومشروب الكفير (وهو مشروب الحليب المخمر الذي يحتوي على قوام الزبادي الرقيق أو ما يُعرف باللبن الرائب أو العيران) والجبن القريش والجبن قليل الدسم، كلها مصادر جيدة للكالسيوم في تلك المرحلة العمرية.
كذلك لديهم عناصر غذائية مهمة أخرى، مثل فيتامين د والبوتاسيوم والبروتين.
4- الحديد
وأخيراً، شدد WebMD على أهمية تناول الأطعمة الغنية بالحديد في فترة العشرينيات من العمر. وذلك لأن الحديد يساعد على نقل الأوكسجين لجميع أنحاء الجسم ويمدّك بالطاقة.
ويمكن أن يؤدي نقص الحديد إلى فقر الدم أو أنيميا، وهذا عندما لا يحتوي دمك على ما يكفي من خلايا الدم الحمراء لنقل الأوكسجين بالصورة الملائمة لأطراف الجسم.
ومن المرجح بشكل خاص أن تعاني النساء الشابات من نقص في الحديد لديهن، لكن الأطعمة مثل الفاصوليا والزبيب والسبانخ واللحوم الحمراء الخالية من الدهون يمكن أن تساعد في تعويض ذلك، ولا يجب تناول مكملات الحديد إلا بعد مراجعة الطبيب الذي يحدد احتياجات الشخص وفقاً لصحته والمرحلة العمرية.
الطعام الملائم لفترة الثلاثينيات من العُمر
يمكن أن تكون الثلاثينيات من العمر وقتاً عصيباً، وذلك لمفاجأة الاعتقاد أنك لم تعد في عشرينياتك في المقام الأول، وثانياً لمحاولتك التوفيق بين متطلبات الحياة الاجتماعية النشطة والمهنية والأسرية، ما يمكن أن يؤدي غالباً إلى اختيارات سيئة للطعام وتناول الطعام بسرعة.
لذلك من المهم اختيار الأطعمة الصحية الملائمة قدر الإمكان للحفاظ على ما اكتسبته في عشرينياتك، والتزود به خلال العقود المُقبلة وخلال هذه المرحلة العمرية بشكل خاص.
وخلال هذا العقد، يلفت موقع Health إلى أهمية اختيار نظام غذائي يحتوي على الحديد، وحمض الفوليك، والكالسيوم.
ويكون الجسم الثلاثيني بحاجة إلى 18 ملليغرام من الحديد كل يوم للمساعدة في الوقاية من فقر الدم وتقوية جهاز المناعة.
وفي حال رغبة السيدات الثلاثينيات في الحمل، فإن تناول حمض الفوليك هو المفتاح، والحصول على 400 ميكروغرام يومياً يساعد في منع عيوب الأنبوب العصبي الذي يؤثر على سلامة الجنين عند الإنجاب في تلك المرحلة العمرية.
الكالسيوم ضروري أيضاً للحفاظ على العظام قوية وقادرة على الاستمرار وأداء المهام المطلوبة منها، إذ يبدأ الشخص في فقدان كتلة عظامه وسماكتها بعد بلوغ الـ35، وتحتاج النساء بين سن الـ19 والـ50 إلى 1000 مغم في اليوم، لكن أكثر من نصف نساء العالم لا يحصلن على تلك الكمية.
وأبرز الأطعمة التي تتوفر فيها تلك العناصر المهمة:
الحبوب المتكاملة التي تحتوي على 100% من احتياجاتك من الحديد وحمض الفوليك، إضافة للحم البقر الأحمر والفول الغني بالحديد أيضاً.
ومن الأطعمة الغنية بحمض الفوليك البرتقال والهليون والخضراوات الورقية الخضراء.
ومن الضروري تناول منتجات الألبان قليلة الدسم، مثل الحليب الطبيعي والجبن واللبن والجبن القريش، التي ستمنحك جرعة قوية من الكالسيوم.
كذلك الأطعمة الخارقة ضرورية في هذه السن، وخاصة زيت الزيتون، وهو غني بالبوليفينول، وهي مضادات الأكسدة القوية التي تحمي الدماغ في هذه المرحلة العمرية.
ويشرح موقع Eat This أن زيت جوز الهند وسمك السلمون البري والتوت والكركم والبيض والهندباء والمكسرات مثل الجوز، كلها ضرورية لتحسين الصحة البدنية والذهنية على حدٍّ سواء.
النظام الغذائي الملائم لمرحلة الأربعينيات
بدءاً من أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات من العمر عندما تصل كتلة العظام إلى ذروتها تبدأ النساء بشكل خاص ببطء في فقدان الكالسيوم من عظامهن. وبالإضافة لتراجع هرمون الإستروجين الذي يؤدي في فترة ما إلى انقطاع الطمث، يزيد أيضاً من خطر الإصابة بهشاشة العظام.
وفي هذه المرحلة العمرية يجب على النساء التفكير في تناول مكمل فيتامين د، لأنه موجود في عدد قليل جداً من الأطعمة، ويستهلك الكثير من الكالسيوم الذي يبني العظام.
ويجب أن يحتوي غذاء تلك المرحلة العمرية على: الألياف والبوتاسيوم والكالسيوم والأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية ومنخفضة السعرات الحرارية.
وفي الأربعينيات يبدأ التمثيل الغذائي للجسم في التباطؤ. وما هو أكثر من ذلك يمكن أن ترتفع مستويات الكوليسترول وضغط الدم مع اقترابك من سن اليأس، ما يعرضك لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع 2.
ويجب تناول الألياف (تناول ما لا يقل عن 25 غراماً يومياً منها) والأطعمة الغنية بالبوتاسيوم (استهدف 4700 ملليغرام يومياً) مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات. كل ذلك سيساعدك على الشعور بالشبع وضمان تناول سعرات حرارية أقل، كما أنها مليئة بالعناصر الكيميائية النباتية التي تقاوم الأمراض وتقوي المناعة.
ولا يزال الكالسيوم مهماً كما كان دائماً، لذا استمر في الحصول على 1000 مغم يومياً، وفقاً لموقع Health.
ومثال تلك الأطعمة الهامة في هذه المرحلة العمرية ما يلي:
1- تناول 3 حصص من الحبوب الكاملة (القمح الكامل والأرز البني والشوفان والذرة) يومياً، أيضاً تناوُل كوبين من الفشار أو نصف كوب من دقيق الشوفان يساوي حصة واحدة من الحبوب.
2- احصل على كوبين على الأقل من الفاكهة و2 1/2 كوب من الخضراوات كل يوم أيضاً، وخاصة الفراولة والموز والبازلاء.
3- قلّل من الصوديوم، بحيث تهدف إلى أقل من 2300 ملليغرام في اليوم والحد من الأطعمة المصنعة والأملاح، للحفاظ على ضغط الدم في معدله الملائم.
وحافِظ على عظام قوية بتناول البروكلي وحليب الصويا المدعم بالكالسيوم.
العقد الخامس من العمر ونظامه الغذائي الأمثل
وفقاً لموقع My Fitness Pal، يبدأ الجسم في فقدان كتل العضلات مع التقدم في العمر، ويزداد هذا بشكل ملحوظ في المرحلة العمرية التي تتبع سن الخمسين. ويمكن أن يؤدي فقدان كتلة العضلات بمرور الوقت إلى انخفاض القدرة على أداء الأنشطة اليومية، مثل المشي والتنظيف وأعمال المنزل والمهمات الحياتية، فضلاً عن ممارسة الرياضة.
الخبر السار هو أن استهلاك مصادر البروتين، بالإضافة إلى الإبقاء على النشاط البدني، يمكن أن يساعد في الحفاظ على كتلة العضلات.
لذلك يجب التركيز في هذا العقد على تضمين مصدر بروتين عالي الجودة مع كل وجبة ومع كل وجبة خفيفة مثل: الدجاج أو الديك الرومي، السمك، التوفو، الزبادي اليوناني، البيض، المكسرات والبذور، والفاصوليا، والجبن، واللحوم الحمراء الخالية من الدهون بصورة متباعدة.
وبحسب WebMD، يمكن أن يساعد تناول الألياف في الحفاظ على الجسم في هذه السن. وتعمل الخضراوات الغنية بالألياف، مثل البروكلي والقرنبيط وبراعم بروكسل والملفوف، بشكل جيد على وجه الخصوص في الحفاظ على صحة الجسم.
ولأن صحة القلب في هذه المرحلة العمرية هامة بشكل خاص، يأتي زيت الزيتون كمصدر كبير للدهون غير المشبعة التي تساعد على حماية القلب والدماغ.
كما تحتوي الفراولة والعنب البري على نسبة عالية من الأنثوسيانين، وهي مواد كيميائية تساعد على خفض ضغط الدم والحفاظ على صحة الأوعية الدموية.
وقد يكون من المفيد أيضاً للنساء في الخمسينيات من العمر تضمين الأطعمة المضادة للالتهابات في نظامهن الغذائي، مثل الأسماك الزيتية (سمك السلمون والماكريل والأنشوجة والتونة الطازجة والرنجة والسردين)، بالإضافة إلى التوابل المضادة للالتهابات مثل القرفة والكركم والزنجبيل، بحسب Huffington Post.
يجب أن يحتوي النظام الغذائي في هذه المرحلة العمرية على: فيتامين ب، ومضادات الأكسدة، والكالسيوم، وفيتامين د.
وبغض النظر عن مدى روعة مظهرك وشعورك، فإن جسمك يمر بتغيرات كبيرة، ويرجع الفضل في ذلك غالباً إلى سن اليأس. ومع انخفاض هرمون الاستروجين، تقع السيدات في خطر متزايد للإصابة بأمراض القلب وهشاشة العظام وغيرها من المشكلات الصحية المرتبطة بالعمر.
لذلك احمِ قلبك بالمغذيات الدقيقة المهمة مثل الفيتامينات B6 وB12 (استهدفي 1.5 ملليغرام من B6 و2.4 ميكروغرام من B12 يومياً). لأنها تساعد جسمك على التخلص من مادة كيميائية تسمى الهوموسيستين، التي تساهم في تصلب الشرايين.
مرحلة الستينيات وما بعدها
مع التقدم في السن تحدث تغيّرات فسيولوجية ونفسية مختلفة، لها تأثير مباشر على المتطلبات الغذائية، ويصبح الجسم أقل كفاءة في امتصاص واستغلال العديد من الفيتامينات والمعادن، كما يمكن أن يقلل الاستخدام طويل الأمد للأدوية الموصوفة طبياً من امتصاص بعض العناصر الغذائية أيضاً في هذه المرحلة العمرية.
في الوقت ذاته، يجد الكثير من الناس أنه كلما تقدموا في السن تنخفض شهيتهم. ونظراً لأن احتياجاتهم من الفيتامينات والمعادن لا تزال كما هي، يصبح من المهم جداً أن يكون الطعام الذي تتناوله صحياً ومغذياً لمنع الإصابة بنقص حاد.
لذلك إذا كنت لا تأكل بالقدر الذي اعتدت عليه، فحاول تناول وجبات أصغر وتكميلها بالوجبات الخفيفة المغذية خلال اليوم، مثل وجبات من الفاكهة والخضراوات والخبز المحمص من الحبوب الكاملة.
مثال الأطعمة الملائمة لهذه المرحلة العمرية وفقاً لموقع Health:
1- يتوفر فيتامين ب6 في الموز والبطاطس والرمان. واحصل على فيتامين ب 12 من البيض والسمك والدجاج وبعض الحبوب الكاملة.
2- للحصول على دفعة من مضادات الأكسدة المقاومة لسرطان الثدي من الفواكه والخضراوات ذات اللون الأخضر الداكن أو الأصفر الداكن أو البرتقالي، مثل البروكلي والملفوف.
3- حماية العينين بعناصر اللوتين والزياكسانثين في السبانخ.
4- تخفيف أعراض سن اليأس بالكاجو والذرة والتفاح وفول الصويا، وكلها مصادر رائعة لفيتويستروغنز.
5- بعض اختيارات الكالسيوم الجيدة: الجبن قليل الدسم واللوز والبروكلي والحليب والجبن واللبن والجبن القريش.
6- الأطعمة الغنية بحمض الفوليك مثل البرتقال والهليون والخضراوات الورقية الخضراء.