المشكلات هي أول بابٍ للسعادة! فكيف تتعامل معها لتحصل على الشعور الذي تفتقده بشدة؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/26 الساعة 12:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/26 الساعة 12:55 بتوقيت غرينتش
كيف تتولد السعادة من المشكلات؟/ shutterstock

قمت بشراء عدة كتب عن السعادة، تبحث في مفهومها، ولتجيب عن أسئلتي حول ما هي السعادة؟ أين نجد السعادة؟ لماذا لا نشعر بالسعادة دوماً؟ لماذا نواجه المشكلات في الحياة؟ أو قل لماذا توجد مشكلات في الحياة أصلاً؟!

قدم "مارك مانسون" في كتابه "فن اللامبالاة" طرحاً جديداً عن مفهوم السعادة بجانب أن السعادة ليست فى المزيد، الفكرة التي ناقشناها في المقال السابق، وإنما قدم إجابة مختلفة لسؤالي: لماذا نواجه المشكلات في الحياة؟

قائلاً إن السعادة أصلاً تكمن في المشكلات، أو بالأصح السعادة تأتي من حل المشكلات! وإن كل اختيار في الحياة تعقبه مشكلات، وإن في حلها تكمن السعادة، وبالتالي فإن السعادة فعل دائم.

يرى مارك فى كتابه أن السعادة نشاط وليست شيئاً يأتينا ونحن نستلقي على الكنبة، إنها لا تظهر ظهوراً سحرياً ونحن نجلس في مكان في انتظار فكرة أو وظيفة، أو حتى في كتاب. ويؤكد أنه مهما تكن مشاكلك، فحل مشاكلك، لتكون سعيداً.

عدت وسألت نفسي: لكن إذا كان الأمر بهذه البساطة فلماذا لا تسير الأمور بهذه السهولة في الحياة؟ أم إن هذا الكلام هو كلام نظري مكتوب على الورق أو مسلسل تليفزيوني تقوم فكرته على الخيال؟

أدركت الحقيقة، أن الأمر ليس بهذه البساطة، هناك مشقة دوماً في الطريق، ولكن ما يزيد الموضوع صعوبة حقاً ويجعل حل المشكلات صعب المنال هما طريقان يراهما أغلب الناس مخارج سريعة وحلولاً مريحة لا نبذل فيها مجهوداً شاقاً.

الإنكار

ينكر بعض الناس وجود المشاكل من البداية، أو أن ما يحدث هو شيء عابر سيمر، أو يبدأ الشخص في إلهاء نفسه عن الألم الناتج عن المشكلة، ويبدأ في تخدير الألم حتى يصبح نوع المخدر الذى استخدمه مهما كان، مادة لإدمانه، وكلما زاد اعتماده عليها وزادت مدة تخديره، صارت المشاكل أكثر إيلاماً عندما يجد نفسه مضطراً إلى مواجهتها في وقت ما.

ذهنية الضحية

يسعى من يلعب دور الضحية إلى لوم الآخرين على مشكلاته أو إلى لوم ظروف خارجية، وأنه ما من شيء يستطيع فعله لحل مشكلاته، مما يجعل فرص حلول المشكلات أقل. وفي كثير من الأحيان توجد وتتوافر حلول للمشكلات، ولكنه لا يراها لأنه ينكر المشكلة نفسها، مما يمنعه من رؤيه احتياجه في كثير من الأحيان.

يظن هؤلاء أن هذا الطريق هو الأسهل، وأن محاولة حل المشكلات هو عمل صعب. والحق أن أشكال الإنكار والإلقاء باللوم على أشخاص آخرين أو الظروف تمنح مخرجاً سريعاً وتعطينا شعوراً زائفاً بأننا أفضل حالاً، ولكنه شعور مؤقت زائف يموت مع الوقت.

ويدافع الكاتب عن مشاعر الألم التي نرفضها طمعاً في مزيد من السعادة، ويؤكد أن مشاعر الألم والحزن أو الإحباط نتيجة وجود المشاكل إنما هي نداء للتحرك والفعل، فعندما تأتيك هذه الانفعالات والمشاعر، فهي نداء بأن عليك أن تفعل شيئاً. ثم حين تفعل شيئاً فإن مشاعر السعادة تأتي كنوع من المكأفاة؛ لأنك فعلت الشيء الملائم لك.

فيجب أن نعرف أن المشاكل ثابت من ثوابت الحياة، فأنت مثلاً حين تريد أن تحل مشكلة فتور العلاقة بينك وبين شريك حياتك وعدم قضاء الوقت الكافي معه، فإنك تخلق مشكلات جديدة تبحث عن حل لها، تلك المشكلات من قبيل اضطرارك مثلاً إلى ضرورة التفكير في شيء تفعلانه معاً بحيث يكون مقبولاً لكما، والتأكد من وجود مال كافٍ لتناول عشاء لطيف أو رحلة، ومحاولات اكتشاف تلك الكيمياء التي كانت بينكما لإعادتها من جديد، وتعلم أدوات ومهارات جديدة للتعامل الصحي مع المشكلات، وتحمل بعض مشاعر الإحباط والغضب التي تنتج أحياناً من فشل بعض المحاولات أو من تأخر النتائج، وإعادة ترتيب وقتك وأولوياتك وتخصيص وقت لشريك حياتك. فإذا حللت هذه المشكلات ووجدت طريقة من هذه الطرق، فإنك ستكون سعيداً.

نهايةً.. في حالة الاعتراف بأن هناك مشكلة حقاً يجب إصلاحها وعدم اللجوء إلى الإنكار، أو اللجوء إلى دور الضحية، وأن الظروف أو الشخص الآخر هم السبب، فهنا تكون الخلطة السحرية التي تكمن في محاولاتك لحل مشاكلك لا في عدم وجود مشاكل، وأنه مع تزايد قدرتك على تحمل الألم الناتج من المشكلة والسعي لحلها ثم نجاح بعض المحاولات وفشل الأخرى وتكرار المحاولات والتعلم، بهذا كله ستجد حتماً الطريق إلى السعادة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رانيا ضياء
كاتبة مصرية مهتمة بالعلاقات الأسرية
حاصلة على دبلوم العلاج المعرفي السلوكي من المؤسسة المصرية للعلاجات المعرفية، أعمل في مركز أبسال لتنمية المهارات الحياتية والتربوية بالإسكندرية
تحميل المزيد