“المينيماليزم” كأسلوب حياة.. كيف تعيش حياة سعيدة بأبسط ما يمكن؟

تم النشر: 2021/10/06 الساعة 10:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/06 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
المينيماليزم، والتخلي عن الأشياء غير الضرورية؟/ Istock

من أكثر ما يميز العصر الحالي الضوضاء، وكثرة التفاصيل والخيارات، تستيقظ صباحاً فتطالعك وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من الأخبار من حول العالم.

يومياً يظهر العديد من الأفكار والصيحات أو "الترندات"، كما تتراكم المقاطع المحفزة على اليوتيوب لمن يحدثونك عن أحدث الطرق لتغيير حياتك.

كل يوم يظهر ألف كتاب وألف رواية وألف حادثة مروعة أو فاحشة تحاول سرقة انتباهك، وفي زحمة التفاصيل تضيع نفسك وتبهت هويتك.

تبحث عن معين لك في الفلسفات القديمة فلا تجد ما يقدم لك الكثير، إن لكل عصر فلسفته الخاصة التي تتناسب مع التحديات التي يطرحها، ومن أكبر التحديات التي يطرحها هذا العصر كثرة المعلومات وتكدّس الخيارات.

وهنا تظهر فلسفةٌ جديدة تحاول أن توقف كل هذا الجنون، فلسفةٌ تدعوك لأن تتمهّل قليلاً وتأخذ وقتاً للتنفّس بعمق.

إنها المينيمالية أو المينيماليزم "Minimalism".

كيف نشأت فكرة المينيماليزم؟

ظهرت حركة المينيمالية (المينيماليزم) في منتصف القرن الماضي كحركة فنية ومعمارية عقب الحرب العالمية الثانية، إلا أنها لم تظهر كفلسفة وأسلوب حياة إلا في العقد الأخير.

ومن أكبر الدعاة والمروّجين لهذا المذهب الأمريكيان جوشوا فيلدس ميلبورن (Joshua Fields Millburn) ورايان نيكوديموس (Ryan Nicodemus)، وقد ألفا أربعة كتب باللغة الإنجليزية عن المينيمالية؛ حب الناس واستخدم الأشياء "Love People, Use Things"، كل ما يبقى "Everything That Remains"، المينيمالية "'Minimalism"، وأساسي "Essential"، كما أطلقا موقعاً إلكترونياً https://www.theminimalists.com/ للترويج لأعمالهم وأفكارهم.

تتلخص أفكار نيكوديموس وميلبورن في تبسيط الحياة، والاستغناء عن الكثير مما يراه الناس من متطلبات الحياة الأساسية، بهدف الوصول لحياة أفضل وأكثر سعادة.

ومن أهم أساليب المينيمالية التخلص من أي ممتلكات لا تضيف قيمة لحياتك، وهذا يشمل الكثير والكثير مما نجمعه في أركان منازلنا وفي الخزانات المختلفة، وفوق الدواليب.

أشياءٌ نتركها لتتراكم فوقها الأتربة، وننساها مع الزمن، لكنها تأخذ مساحة من منازلنا، ونخدع أنفسنا، ظانين أن يوماً ما سيكون لأي منها أي أهمية، أو أن الصور التي تتراكم في الأدراج هي جزءٌ مهم من ذكرياتنا، مع أننا لا نطالعها، ولن يفيدنا تكدسيها شيئاً أو يضيف أي معنى لحياتنا.

كيف تتخلص من الفوضى في حياتك؟

ينصحنا نيكوديموس وميلبورن أن نبتاع أو نؤجر ماسحاً ضوئياً، أو أن نقوم بالاحتفاظ بنسخة إلكترونية من تلك الصور بأي وسيلة، كي يكون من السهل علينا التخلص منها.

ويصنفان الأشياء التي نملكها لثلاث فئات، هي الأساسي وغير الأساسي والقمامة. الأساسي هو ما لا يمكننا العيش من دونه مثل الطعام والشراب والملبس والمأكل، وهي حاجات عامة يشترك فيها جميع البشر.

أما غير الأساسي فهو ما يمكننا العيش من دونه، لكنه يضيف قيمة ما لحياتنا، بل ويحسّن تجربتنا المعيشية، مثل الأريكة الوحيدة في غرفة المعيشة، والمكتبة وطاولة الطعام.

أما عن القمامة فهي ما نكدسه بلا أي نية لاستخدامه، وهي أشياء لا تضيف أي معنى أو قيمة لحياتنا، كما أنها لا تجلب لنا أي نوعٍ من البهجة.

ومن الأفكار الهامة التي أتى بها المفكران الأمريكيان لتطبيق هذا هي قاعدة الـ90/90، وهي تتلخص فيما يلي: انظر لأي غرضٍ تجده في بيتك واسأل نفسك سؤالين: هل استخدمت هذا في التسعين يوماً الماضية؟ وهل سأستخدمه في التسعين يوماً القادمة؟ وإن كانت إجابة السؤالين بـ"لا"، فإن عليك التخلص من هذا الغرض؛ لأنه لا يضيف أي قيمة لحياتك.

فلسفة حياة

إن الفكرة الأساس التي تتمحور حولها فلسفة المينيمالية هي التركيز على أولوياتك في الحياة، وكل ما يعطي حياتك قيمة، من وجهة نظرك الخاصة، ويتحقق هذا من خلال تحديد مجموعة محددة من الأهداف التي تسعى لتحقيقها، مع تقليص مساحة كل ما ليس له قيمة، وكل ما يُخرجك عن تركيزك ويضلِّلك عن أهدافك.

كما يمكنك تطبيقها على علاقاتك الاجتماعية، فتوطد علاقتك بالأشخاص الأهم في حياتك، وتقضي معهم أغلب الوقت، عِوَضاً عن الاستزادة من العلاقات السطحية التي قد تستهلك الكثير من وقتك.

في النهاية، أنت مَن يُحدِّد أولوياتك، وما هي الأشياء التي تعطي لحياتك معنى وتضيف لها قيمة. وبالتالي عليك أنت أن تخوض رحلة إلى الداخل، تستكشف بها نفسك وتحاول أن تضع خطة لتبسيط حياتك، حتى لا تفقد نفسك وسط زحام العالم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد خالد عبدالوكيل
مترجم مهتم بالفلسفة والعلوم
تخرجت في كلية التجارة جامعة القاهرة قسم المحاسبة، حصلت على دبلومة في الترجمة القانونية والاقتصادية وترجمة الأمم المتحدة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، عملت لسنوات كمترجم قانوني ولي خبرة في الترجمة والتحرير الصحفي للأخبار والتقارير الاقتصادية
تحميل المزيد