عندما تلتقي شخصاً لأول مرة ماذا تفعل؟ الجواب بديهي طبعاً وهو أنك تبتسم، رغم أنك تعرفت عليه للتو، وماذا تفعل عندما تشعر بالسعادة والفرح؟ ألا تبتسم؟ لاحظ مشاعرك التي ترافق الابتسام، ألا يطغى السرور عليها؟ ما سبب السرور الذي أسبغ لطفه على مشاعرك؟ يُقال "ابتسم، تبتسم لك الدنيا"، فهل فعلاً الابتسامة تجلب السعادة، وبالتالي تجعل الدنيا تفتر ثغرها عن ابتسامة وإشراق للواحد منا؟ ويُقال أيضاً: "إننا كلما استخدمنا الابتسامة أكثر أصبحنا مدمنين عليها" فهل هناك فعلاً إدمان على الابتسامة؟ وهل ترانا نُدمن على الابتسامة لأنها تسبب لنا شعوراً بالاسترخاء والراحة وتقلل من توتر الواحد منا كما تفعل الأشياء الأخرى التي يدمن عليها البشر كالتدخين وشرب القهوة وحتى المواد المخدرة؟ ألا نقول أحياناً عندما نصف شخصاً فنقول فلان باسم الوجه، فنعبر عن الابتسامة وكأنها صفة تلتصق به مثل طوله، ولون عينيه وشكل وجهه؟
معظم الابتسامات هي تعبير عن الفرح والسعادة والحب والفخر الذي يدور داخل نفوسنا، ومع ذلك يمكن للابتسامة أن يكون لها معانٍ أخرى، فقد تعبر عن قلق، وإحراج وغير ذلك.
صنف العلماء الابتسامة إلى نوعين رئيسيين:
لتقرأ الابتسامة بشكل صحيح لا بد أن تركز نظرك على العينين وليس على الشفاه فقط، فالعيون هي ما تكشف نوعها ومدى صدقها.
ابتسامة المجاملة هي التي تشمل عضلات الفم فقط، ولا تسجل حضوراً لها حول العينين، فقط هي ترفع جانبي الفم إلى الأعلى، ولا تعكس مشاعر إيجابية تدور داخل نفس صاحبها.
الابتسامة الحقيقية هي التي تضم العضلات الموجودة حول الفم تحت تأثيرها، كما يظهر صداها في العينين وحولهما، وهي ما سميت بابتسامة دوشيني نسبة إلى الطبيب الفرنسي الذي وصفها تشريحياً لأول مرة في القرن التاسع عشر. وتُظهر هذه الابتسامة صدق المشاعر. ولوحظ أنه كلما كانت العواطف أقوى كانت هذه الابتسامة أكثر وضوحاً.
هل للابتسامة سحرٌ فعلاً؟
انتبه.. الابتسامة كالسحر تحل على الآخرين، فليس هناك إيماءة جسدية أخرى تضاهيها في فتح قلوب الناس مثلها، فهي تؤثر فيهم وفي ردة فعلهم تجاهك وتخلق لديهم انطباعاً إيجابياً عنك، حتى وإن كنت تلتقيهم للمرة الأولى؛ فالابتسامة الودودة الواثقة تعطي شعوراً بالراحة للمبتسم وللشخص الموجهة له الابتسامة، فهي تكسر الحواجز والجمود بين الأشخاص وتولد الألفة بينهم، كما أنها تنقل مشاعرك الودودة للشخص الآخر بصوت أعلى وأوضح من أي كلمات، فابتسامتك الصادقة النابعة من القلب وليست المرسومة على الشفاه فقط، تشعره بتقديرك واحترامك وترحيبك به، وسرورك لقدومه.
وقد أثبتت الدراسات في البيع بأن الابتسامة في الوقت المناسب خلال المراحل الافتتاحية للصفقة تنتج رد فعل إيجابياً من كلا الطرفين مما يعطي نتائج ناجحة ونسبة بيع أعلى، كما يمكنها أن تبدل موقف الشخص السلبي إلى النقيض.
للدماغ والقلب علاقة بالابتسامة وليس الفم فقط!
*عندما تبتسم يقوم الدماغ بإفراز مادة اسمها إندروفين وهي تشبه المواد المخدرة في تأثيرها على الجسم من حيث إعطاؤك شعوراً بالاسترخاء والسعادة وتخفيف الألم، مثل ذلك الشعور الذي تحس به بعد ممارسة رياضة الركض.
* الابتسامة سلوك معدٍ، حيث تنتقل العدوى منك إلى الآخرين فيردون عليك بابتسامة مماثلة، بسبب مبدأ المثير والاستجابة. هل سألت نفسك: لماذا تبتسم أكثر في وجوه الأطفال؟ ألا يمكن لابتسامتك أن تكون ردة فعل على ابتسامة الطفل أمامك؟ في دراسة سويدية، قام مجموعة من الباحثين بعرض صور لأشخاص يبتسمون على مجموعة من الناس، فلوحظ أن المشاهدين أخذوا يبتسمون خلال مشاهدتهم للصور.
* الابتسامة تزيد من جاذبية وجمال الوجه، وإلا لماذا يُطلب منا أن نبتسم للكاميرا؟
* الابتسامة تدخل السرور على القلوب.
* برفقة الابتسامة تستطيع إقناع الآخرين بفكرتك بشكل أسرع وأكثر سهولة، فعندما ترافق الابتسامة الكلمات، فإنها ترفع من قدرة على الإقناع. لهذا ينصحك خبراء لغة الجسد بالابتسامة دائماً مهما حتى وإن كان الشخص الموجود أمامك سلبي الطباع.
* الابتسامة تلطف الجو بين المتخاصمين، وتقلل التوتر، لهذا نرى الأشخاص الذي يتعرضون لدرجات عالية من التوتر يلجأون للابتسام.
* الابتسامة إدمان، فكلما استخدمتها أكثر أصبحت مدمناً عليها.
للابتسامة أنواع كثيرة منها:
الابتسامة العفوية: وتسمى أيضاً ابتسامة الفرح، وهي حقيقية وصادقة ليست مجرد انفراج للشفاه، وإنما مغناطيسية وذبذبات تنبع من القلب بصدق، وتخترق قلوب الآخرين وتجذبهم وتؤثر فيهم.
الابتسامة العريضة: هي التي تسبق الضحكة، وتعكس مشاعر الفرح الصادقة.
الابتسامة الوهمية: كتلك التي نُظهرها على ملامح وجوهنا عندما يُطلب منا أن نبتسم للكاميرا، وتصنف تحت ابتسامة المجاملة.
الابتسامة الملتوية: حيث ترتفع إحدى الشفاه للأعلى، بينما تبقى الشفة السفلى في مكانها، فيبدو الفم وكأنه يلتوي، وتعكس هذه الابتسامة مشاعر سلبية لدى الشخص مثل الاستهزاء والاشمئزاز.
ابتسامة الحزن: وهي التي تشرق بين الدموع والملامح الحزينة التي تكسو الوجه.
الابتسامة الصفراء: هي ابتسامة شاحبة، خالية من المودة، عارية من الصدق، تخفي مشاعر القلق والتوتر التي تعتمل داخل نفس صاحبها.
الابتسامة الخجولة: والتي تظهر على الشفاه بخجل، ويرافقها احمرار الخدود، كتلك التي تظهر عندما يمدحك أحد.
الابتسامة المصطنعة: وتبدو ابتسامة غير طبيعية حيث يتم التقنع بها لإقناع من أمامك بأنك سعيد ومشاعرك إيجابية، ويمكن الكشف عنها عندما لا نرى صداها في خطوط وتجاعيد حول العينين. وتعطي انطباعاً بأنك لا تعني ما تقول (ابتسامتك تقول شيئاً آخر غير ما تقول كلماتك).
الابتسامة المخادعة: تبتسم الشفاه، وتخفي ورائها في القلب حقداً دفيناً، وملامح وجه لا تشعرك بالراحة.
الابتسامة الساخرة: وتظهر هذه الابتسامة عندما تنقبض عضلات الوجنتين ساحبة معها الشفتين إلى الخارج باتجاه الأذنين، وتعكس ازدراء وسخرية المبتسم ممن هم أمامه.
الشفاه المطبقة: عندما يتم مط الشفاه دون أن تبرز الأسنان من بينها، وتظهر عادة لدى النساء عندما يكون لدى الواحدة منهن ما تخفيه من أسرار ومعلومات لا ترغب بالإفصاح عنها، فمثلاً عندما تُسأل المرأة عن وزنها، فإنها تكتفي بالرد بابتسامة مطبقة. كما يظهرها الأطفال والسياسيون عندما يخفون بعض المعلومات ويحاولون خداع من أمامهم.
– أما الابتسامة التي يرافقها مص وعض وتحريك للشفاه فتعكس وجود ميل جنسي لدى المبتسم تجاه الشخص الآخر.
هل من معيقات تمنع الابتسامة؟
نعم، هناك بعض المعيقات التي تجعل البعض متجهمون، لا تنفرج أسارير، ومنها:
طبيعة شخصيتهم الجدية أو العصبية.
بأن كثرة الضحك تميت القلب.
اعتقادهم بأن البسمة تقلل من هيبتهم وتنتقص من رجولتهم.
الابتسامة فن ومهارة
بعد أن اتفقنا أننا بالابتسامة نمتلك قلوب الناس، وبها نغدق مشاعر السعادة على قلوبنا، فلنبدأ ومنذ هذه اللحظة أولى الخطوات نحو الإيجابية والسعادة مع ابتسامة حقيقية نابعة من القلب، وإن كنا لا نتقنها فلنعود أنفسنا عليها حتى ندمنها وتصبح جزءاً منا.. ولنتعلم فنونها التي لا يدركها كثير من الناس.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.