قرية نيجيرية يتحدث رجالها ونساؤها لغتين مختلفتين.. لكنهم يفهمون بعضهم وإليك السبب

يقول رجال ونساء قرية يوبانغ Ubang النيجيرية إنهم يتحدثون لغتين مختلفتين في مجتمعهم الزراعي المتواجد في جنوب نيجيريا، معتبرين هذا الاختلاف "هبة من الله"، لكن ثمة مخاوف من اندثار اللغتين نتيجة لرحيل الشباب للعمل في مراعي أكثر غنى وازدياد استخدام اللغة الإنكليزية

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/24 الساعة 11:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/25 الساعة 08:41 بتوقيت غرينتش

يقول رجال ونساء قرية يوبانغ Ubang النيجيرية إنهم يتحدثون لغتين مختلفتين في مجتمعهم الزراعي المتواجد في جنوب نيجيريا، معتبرين هذا الاختلاف "هبة من الله"، لكن ثمة مخاوف من اندثار اللغتين نتيجة لرحيل الشباب للعمل في مراعي أكثر غنى وازدياد استخدام اللغة الإنكليزية، وفقاً لتقرير ياميسي أديجوك صحافي وكالة الأنباء البريطانية BBC.

زعيم القرية يقوم بتجربة أمام الصحفي

مرتدياً زياً تقليدي زاهي الألوان، وقبعة حمراء تشير إلى زعامته ويده ممسكة بعصا، استدعى زعيم القرية أوليفر إبانج نجليه لإثبات اختلاف لغة رجال القرية عن لغة نسائها.

حمل إبانج ثمرة بطاطا وسأل ابنته "ماذا تسمى هذه"

أجابت الابنة دون تردد Irui.

ولكن البطاطا -واحدة من أساسيات الغذاء النيجيري- تسمى في لغة الذكور Itong.

تكثر هذه الاختلافات في لغة الجنسين، فعلى سبيل المثال تسمى الملابس في لغة النساء nki، أما في لغة الرجال فهي ariga.

source: BBC

وتبدو اللغتان من مصدرين مختلفين

لا يتضح عدد الكلمات المختلفة بين اللغتين، كما إنه لا يوجد نمط محدد لاستخدامها، فلا يعرف اذا كانت تستخدم، أو تتصل بأدوار تقليدية للرجال أو النساء، حسب شبكة BBC البريطانية.

تقول العالمة الأنثروبولوجية، تشي تشي أوندي، التي درست مجتمع قرية يوبانغ، "إن اللغتين تبدوان مشتقتين من معجمين مختلفين".

وتتابع أوندي "هناك العديد من الكلمات التي يشترك في استخدامها رجال ونساء القرية، وهناك كلمات أخرى تختلف كلية اعتماداً على جنس ناطقها. هذه الكلمات تختلف في نطقها وحروفها بشكل يجعلها تبدو كأنها كلمات مختلفة عن بعضها بشكل كامل".

والاختلافات أكبر من اللهجة، لكنهم يفهمون بعضهم بعضاً!

وتضيف أوندي إن الاختلافات أكبر من تلك المتواجدة بين نسختي اللغة الإنكليزية، الأميركية والبريطانية.

على الرغم من تلك الاختلافات، يستطيع رجال ونساء القرية فهم بعضهم البعض بشكل تام مثل أي جنسين في العالم.

ويشرح زعيم القرية إبانج إن سبب هذا التفاهم يعود جزئياً إلى نشأة فتيان القرية خلال طفولتهم مع أمهاتهم والنساء الأخريات، مما يجعلهم يتحدثون لغة النساء.

ولغة الرجال علامة نضج الأطفال الذكور

ويضيف إبانج "مع بلوغ الطفل العاشرة من عمره ينتظر منه التحدث بلغة الرجال".

ويتابع إبانج "هناك مرحلة يكتشف فيها الفتى عدم استخدامه للغة الصحيحة، ولا أحد يخبره بوجوب تغيير لغته إلى لغة الرجال".

ويستطرد إبانج، "عندما يبدأ الفتى التحدث بلغة الرجال، تعرف أنه دخل عالم النضج".

ويقول إبانج، إنه في حال عدم انتقال الفتى إلى استخدام لغة الرجال بعد تخطيه عمراً محدداً، فإنه يعتبر شخصاً غير طبيعي.

وهم متفردون بالفعل

يتفاخر أهالي قرية يوبانج باختلاف لغة الرجال عن لغة النساء، فهم يعتبرون الأمر دليلاً على تفردهم، لكن هناك نظريات مختلفة تعلل هذا الاختلاف، ويتبنى أغلب سكان القرية تفسيراً دينياً -مشتقاً من الكتاب المقدس- لتفسير الأمر.

يقول الزعيم إبانج "خلق الله آدم وحواء في قرية يوبانغ".

ويضيف إبانج "كانت خطة الرب تهدف إلى إعطاء لغتين لكل مجموعة عرقية، لكن بعد خلق لغتين لسكان يوبانغ، تبين للرب عدم كفاية اللغات لتوزيعها بين باقي سكان الأرض".

"لهذا توقف الرب عن خلق لغتين لكل مجموعة عرقية، لهذا تفردت يوبانغ بلغتين، نحن نختلف عن كل سكان العالم"، يتابع إبانج.

ثقافة ثنائية الجنس

تتبنى العالمة أوندي طرحاً أنثروبولوجيا لاختلاف لغة الرجال عن لغة النساء في يوبانغ، فهي تقول إن الأمر نابع عن "ثقافة ثنائية الجنس"، حسبما قالت للشبكة البريطانية.

تقول أوندي، "يعيش رجال ونساء القرية في عالمين مختلفين، لكن أحياناً يتقابل هذان العالمان، ويمكن لأي شخص ملاحظة هذه التقابل في لغة القرية".

ورغم ذلك لا يوجد تفسير واضح لثنائية اللغة

وتعترف أوندي بأن نظريتها لا تقدم إجابات كاملة لظاهرة اختلاف اللغة بين نساء ورجال قرية يوبانغ.

وتتابع عالمة الأنثروبولوجيا "أنا أطلق عليها نظرية، لكنها ضعيفة، لأنه توجد العديد من النماذج الثنائية الجنس في نيجيريا، وعلى الرغم من ذلك لا نشاهد اختلافاً في اللغة".

وهناك مخاوف من اندثار اللغتين في يوبانغ.

يعتمد مستقبل اللغتين على الأجيال الشابة لتوريثهما لأبنائهم، نظراً لأن كلاً من لغة النساء ولغة الرجال شفهية وغير مكتوبة، ومع ذلك يندر هذه الأيام من يتحدث اللغتين بطلاقة بين الشباب.

يقول أستاذ المدرسة الثانوية ستيفين أوتشي، "ألاحظ الأمر بين الشباب".

ويضيف أوتشي "بالكاد يتحدث الشباب لغتي يوبانغ دون خلطهما بالإنكليزية".

ويتابع أوتشي "اللغات تشوهت".

يعكس هذا الأمر ما يحدث في نيجيريا.

هنا نيجيريا حيث يتحدث الناس أكثر من 520 لغة

أعلنت الجمعية اللغوية في نيجيريا عام 2016 أن 50 لغة من الـ500 لغة في نيجيريا مهددة بالاندثار خلال السنوات القليلة القادمة في حال عدم اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع الأمر.

تعتبر لغات قبائل، الهوسا، والإيبو، واليوربا، إلى جانب الإنكليزية، اللغات الأساسية في نيجيريا، لتعزيز الوحدة في بلدٍ تقطنه العديد من المجموعات العرقية.

واللغة الرسمية والأكثر شيوعاً في نيجيريا هي اللغة الإنكليزية، وهي اللغة السابقة لنيجيريا البريطانية الاستعمارية. في عام 2003 ، كان يتحدثها من قبل 60 مليوناً من حوالي 180 مليون شخص في نيجيريا، و التواصل باللغة الإنكليزية أكثر شعبية في المجتمعات الحضرية في البلاد مما هو عليه في المناطق الريفية، وذلك بسبب الاستعمار.

اللغات الرئيسية الأخرى هي الهوسا، الإيبو، اليوروبا، أورهوبو، إيبايو، إيدو، فولفالد، كانوري، وإيغالا.

والتنوع اللغوي في نيجيريا هو نموذج مصغر لجزء كبير من إفريقيا ككل، وتحتوي البلاد على لغات من ثلاث لغات إفريقية رئيسية هي: Afroasiatic و Nilo-Saharan وNiger-Congo. تمتلك نيجيريا أيضاً العديد من اللغات غير المصنّفة حتى الآن، مثل Centúúm، والتي قد تمثل بقايا تنوع أكبر حتى قبل انتشار الأسر اللغوية الحالية.

ويتم تدريس اللغات الثلاث الرئيسية في المدارس كجزء من السياسة الوطنية للتعليم في البلاد، والتي تتحدث عن أهمية الحفاظ على الثقافة.

كما ينص القانون على أن "يتعلم كل طفل لغة البيئة المباشرة".

لكن أوبانغ تعاني

ولكن هذا لا يتم تنفيذه في أوبانغ، حيث يتم تثبيط الأطفال بلغتهم في المدرسة، بل ومعاقبتهم على ذلك.

يقول أوتشوي إنه قلق بشأن عواقب "تشويه" اللغة الأم في محاولة لتشجيع الطلاب على التحدث باللغة الإنكليزية بدلاً منها.

يقول "في مدرستي هنا نعاقب الطلاب -يُضربون، وفي بعض الأحيان يدفعون الغرامات- إذا تحدثوا بلغتهم الأم.

إذا ضربت طفلاً لتحدثه بلغته، فستندثر تلك اللغة.

الكتب المدرسية والروايات والأفلام قد تحل المشكلة

يقول أوتشوي إن الحفاظ على لغات أوبانغ يحتاج إلى المزيد من الجهد.

ويضيف "نحن بحاجة إلى كتب مدرسية بلغات Ubang، وكذلك الروايات والفن والأفلام، ويجب أن يُسمح لنا بتدريس اللغات في المدارس".

وتؤكد ستيلا أودوبي، طالبة في أوبانغ، على ضرورة بذل المزيد من الجهد من أجل وقف اندثار تلك اللغات.

تقول "الآباء يأخذون أطفالهم للدراسة في مجتمعات مختلفة ولا يهتمون بتعليمهم لغتهم الأم".

لكنها تقول إنها من بين العديد من الشباب داخل المجتمع الذين يخططون لنقل اللغات إلى أطفالهم حتى لو تركوا أوبانغ.

يحلم الزعيم إيبانغ بأن يوماً ما سيقام مركز للغة في أوبانغ، يعرض تفرد لغتي المجتمع.

وهو واثق من أن اللغات ستظل حية. ويقول "إذا اندثرت اللغات، سيندثر معها شعب أوبانغ".


وإقرأ أيضاً..

شاهدتم المملكة الإفريقية القوية في فيلم Black Panther ؟..هناك ما يشبهها في تاريخنا الحديث

تم تصويرهم من أعلى بطائرة بدون طيار.. قبيلة هندية في إحدى غابات البرازيل لا تعرف العالم الخارجي ولا تتواصل مع أحد

علامات:
تحميل المزيد