بتنا نرى كثيراً عبارة "خال من الجلوتين" على بعض المنتجات التي يروج لها بأنها صحية أكثر من غيرها، كما أننا نشاهد أحياناً فيديوهات أو نقرأ مقالات عن أضرار الجلوتين والحميات الغذائية الشهيرة التي تحاول استبعاده، حتى أصبح الجلوتين أحد المواد المثيرة للجدل.
لكن ما يدور بذهننا هو سؤال آخر: ما هي فوائد الجلوتين؟ وهل تناوله يشكل خطراً حقيقياً على الصحة، أم أنها خدعة تسويقية للمنتجات؟
أولاً: ما هو الجلوتين؟
الجلوتين هو الاسم الشائع للبروتينات الموجودة في القمح والجاودار والشعير، وهو مهم لقوام الخبز والمعكرونة والكعك. كما يمكنك شراء الجلوتين لإضافته إلى الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، والذي يمكن أن يكون منخفضاً بشكل طبيعي في الجلوتين.
لماذا يعتقد البعض أن الجلوتين ضار؟
وجدت دراسة استقصائية أجرتها تقارير المستهلك الأمريكية أن 63% من الأمريكيين يعتقدون أن اتباع نظام غذائي خالٍ من الجلوتين أفضل لصحتهم من اتباع نظام غذائي يحتوي على الجلوتين.
السبب الرئيسي لهذا الاعتقاد هو التعبئة والتغليف، وغالباً ما ترتبط الكلمات "خالٍ من الجلوتين" مع "طبيعي" أو "عضوي" على عبوات الأطعمة.
وعلى عكس اعتقاد الكثيرين لا يشير هذا النوع من الملصقات بالضرورة إلى منتج أكثر تغذية، رغم وجود فوائد أخرى للأغذية العضوية.
عند ربط الملصقات "الخالية من الجلوتين" بملصقات "عضوية" أو "طبيعية" فمن السهل افتراض أن المنتجات الخالية من الجلوتين أكثر صحة.
كما نسمع أيضاً عن أشخاص يتبعون حميات غذائية خالية من الجلوتين، ويقومون بممارسة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، والتوقف عن تناول المعجنات والبيتزا، وبالتالي فإنهم يجدون أنهم يشعرون بتحسن، ولديهم المزيد من الطاقة، ويفقدون الوزن. ومع ذلك هذا ليس دليلاً على أن الجلوتين ضار بالنسبة للجميع، وأنه سبب فقدان الوزن وحده.
وقد يتوقف بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات هضمية أو عدم تحمل أو حساسية الجلوتين، عن تناوله بأمر من الطبيب. وفي مثل هذه الحالة الخاصة بالتأكيد يجب التوقف عن تناول الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين.
ومع ذلك، فإن الاستغناء عن الجلوتين من نظامك الغذائي دون تعليمات من طبيبك لن يوفر بالضرورة فوائد صحية. وبشكل عام الأطعمة الخالية من الجلوتين ليست بطبيعتها أكثر صحة من الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين.
لماذا يحتاج جسمك الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين؟
في الحقيقة العديد من الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين ذات قيمة غذائية عالية، على سبيل المثال تحتوي الحبوب الكاملة على كميات كبيرة من الألياف القابلة للذوبان، والتي يحتاجها الجهاز الهضمي ليقوم بمهامه، لذلك فإن التخلي عن دقيق الشوفان أو خبز القمح الكامل 100% لتجنب الجلوتين قد لا يكون قراراً جيداً، إلا إذا استبدلت تلك الحبوب بكمية مساوية من الأطعمة الأخرى الغنية بالألياف، مثل الخضراوات الطازجة.
وإذا كنت تركز على البروتينات الخالية من الدهون والفواكه والخضراوات والأطعمة غير المصنعة الأخرى، فيمكنك تناول الحبوب الكاملة دون قلق، ما لم يتم تشخيصك بمرض الاضطرابات الهضمية أو عدم تحمل الجلوتين، كما يشير موقع Healthline.
الحمية الخالية من الجلوتين تزيد مخاطر التعرض للمعادن الثقيلة
غالباً ما يُفضل الأشخاص الأرز والأسماك عند اتباعهم نظاماً غذائياً خالياً من الجلوتين، لكن هذه الأطعمة قد تتركز بها معادن ثقيلة سامة، مثل الزرنيخ والزئبق والكادميوم والرصاص.
وفي إحدى الدراسات الأمريكية، عام 2017، قام الباحثون بتقييم عينات الدم لدى 11353 شخصاً، 55 منهم يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية. ووجدوا أنه في الأشخاص الذين كانوا يتبعون نظاماً غذائياً خالياً من الجلوتين، كانت مستويات الزئبق في الدم والرصاص والكادميوم أعلى من أولئك الذين لم يتجنبوا الجلوتين.
كما كان ضرر هذه المعادن الثقيلة السامة كبيراً عند الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية، وقاموا بتجنب الجلوتين لذلك.
الجلوتين يقلل من مخاطر الإصابة بمرض السكري
قدم العلماء بيانات في جمعية القلب الأمريكية، في عام 2017، من 199794 شخصاً تمت متابعة تاريخهم الغذائي لأكثر من 30 عاماً.
أفادت البيانات أن الأشخاص الذين تناولوا الجلوتين كان لديهم خطر أقل للإصابة بمرض السكري بنسبة 13%.
الجلوتين يخفض من احتمالية الإصابة بأمراض القلب
قامت كلية هارفارد للصحة العامة بتحليل بيانات أكثر من 100 ألف شخص لمدة 25 عاماً.
خلال فترة المتابعة، تم تحديد إصابة حوالي 6000 حالة بأمراض القلب التاجية. وكان لدى المشاركين الذين تناولوا الجلوتين معدل إصابة بأمراض القلب أقل بكثير من أولئك الذين تناولوا كميات أقل منه.
وبعد التعديلات التي أُدخلت على تناول الحبوب المكررة، ارتبط استهلاك الغلوتين بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة 15%.
"خال من الجلوتين" لا تجنبك السعرات الحرارية الزائدة
في دراسة تمت في أوروبا عام 2017، كشف تحليل التركيب الغذائي للأطعمة المصنفة خالية من الجلوتين، أنها تحتوي على سعرات حرارية وبروتين وأحماض دهنية مشبعة وسكر، أكثر من نظائرها المحتوية على الجلوتين.
وقد تم تقييم أكثر من 600 منتج، ووجد هذا التباين بشكل خاص في الخبز والبيتزا والدقيق.