نسمع كثيراً في الآونة الأخيرة عن صيحات النظام الغذائي النباتية، خاصة بعد رواج حمية البحر الأبيض المتوسط التي تم تصنيفها كأفضل نظام غذائي لعام 2019، وهي تعتمد على تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والحصول على البروتين من مصادر أخرى مثل المأكولات البحرية والبقوليات.
لكن بعيداً عن "الموضة" في الأطعمة، ثبت بالفعل أن تقليل تناول اللحوم الحمراء بشكل عام يحسّن من صحة الجسم من عدة نواحٍ، ومن أبرز تلك الفوائد ما يلي:
1- تحسين صحة القلب
يساعد تناول كميات أقل من اللحوم الحمراء في تحسين صحة القلب وسلامة الشرايين.
وبحسب دراسة أمريكية نشرتها المكتبة الوطنية للطب عبر موقع NCBI للعلوم والأبحاث، في عام 2019، اتضح أن اتباع نظام غذائي يعتمد بشكل أساسي أكثر على الخضراوات والفواكه والبقول واللحوم البيضاء كالأسماء والدجاج، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من المرحلة الثانية، وأمراض القلب التاجية الأخرى.
وفي دراسة أخرى أجرتها جامعة هارفارد الأمريكية على مدار 26 عاماً، ثبت أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من استهلاك اللحوم الحمراء تزيد من هذه المخاطر بشكل طردي.
كما وجدت الدراسة أن اللحوم تهدد سلامة الإنسان وقدرته على الحياة بشكل طبيعي، إذ لوحظ أنه بزيادة استهلاك البروتين الحيواني في النظام الغذائي للفرد بنسبة 10% ارتفعت مخاطر الوفاة بنسبة 2% تقريباً بسبب مشكلات الصحة العامة.
2- تحقيق الوزن الصحي
التقليل من استهلاك اللحوم الحمراء كثيراً ما يتم ربطه بالتحكم الصحي في الوزن. وبحسب دراسة منشورة في مجلة Nutrients العالمية للأبحاث الطبية والصحة، يتضح أن النظام الغذائي الأكثر اعتماداً على النباتات يساعد على الحفاظ على وزن صحي من خلال تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
وبتقليل استهلاك اللحم الأحمر، يتم الاعتماد أكثر على الأنظمة الغذائية النباتية التي تتضمن دهوناً مُشبعة وسعرات حرارية أقل بكثير، وهو الأمر الذي يسهم في تقليل الوزن.
من ناحيتها، تقول أستاذة علوم الطب الحيوي يوجين وانغ، وفقاً لموقع NCBI للعلوم والأبحاث: "تناول اللحوم الحمراء غالباً ما يكون السبب الرئيسي للسمنة".
وعلاوة على مخاطر السمنة في رفع معدلات الإصابة بأمراض السكري، فهي تؤدي إلى اضطرابات التمثيل الغذائي والقلب والأوعية الدموية، وبالتالي ارتفاع معدلات الوفاة الإجمالية.
3- الحد من مخاطر الإصابة بالسرطان
أما بالنسبة لتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض، وجدت دراسة أجرتها جامعة Oxford البريطانية أن النظام الغذائي المرن الذي يعتمد على المنتجات النباتية ولحوم الأسماك والدواجن عوضاً عن اللحوم الحمراء والمُصنّعة، كان مرتبطاً بانخفاض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، وعلى رأسها سرطان القولون.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يأكلون بهذه الطريقة يصبحون أكثر قابلية لتفضيل تناول الخضراوات والفواكه عن أولئك الذين يعتمدون على اللحوم الحمراء في نظامهم الغذائي بشكل رئيسي.
كما اتضح أنه بزيادة تناول اللحوم يتم التعلُّق أكثر بهذا النوع من الغذاء ويكون من الأصعب الاستغناء عنه لصالح أطعمة متوازنة تحتوي على الحبوب والخضراوات والفواكه.
4- حماية صحة الأمعاء وتحسين الهضم
تستهلك عملية هضم اللحوم الحمراء طاقة ضخمة في الأمعاء، خاصة إذا كانت مُشبعة بالدهون، ما يؤدي للشعور بالخمول والإرهاق ومشكلات المعدة من عسر هضم والتهاب القولون وغيرها.
وفقاً لبحث نُشر في مجلة Frontiers in Nutrition للعلوم والدراسات، كان الالتزام بنظام نباتي أو نظام يعتمد بشكل أساسي على النباتات، يمكن أن يُساعد في تعزيز البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء.
ولدى الأشخاص المشاركين في البحث من الذين لم يأكلوا اللحوم لعدة أسابيع، اتضح أنهم امتلكوا مستويات أعلى من البكتيريا النافعة في المعدة بالمقارنة مع المشاركين الذين تناولوا اللحوم يومياً.
يرجع السبب في ذلك إلى الكميات المفيدة من الألياف التي يتم تناولها في الفواكه والخضراوات، ما يساعد على تحسين عملية الهضم ومساعدة الجسم في الاستفادة من الفيتامينات والمعادن التي يتم تناولها.
وبتناول الأطعمة الغنية بالألياف، تستعيد البكتيريا النافعة قدرتها على حماية خلايا المعدة ممثلةً ما يُعد "خط الدفاع الأول ضد مسبِّبات الأمراض المعوية"، وفقاً للبحث.
5- تحسين المزاج العام والتخلُّص من الاكتئاب
قضية ارتباط الحالة النفسية بنوع الطعام المُستهلك غالباً ما يتم تجاهلها، لكن دراسات أنظمة التغذية المختلفة كشفت أن تناول كميات أقل من اللحوم قد يكون طريقة فعالة لمكافحة المشكلات المزاجية وتعزيز الصحة النفسية والعقلية.
وربطت دراسة أجرتها الباحثة في التغذية بوني بيزهولد، ونشرها موقع Nutritional BiomedCentral للأنظمة الغذائية، تناول اللحوم الحمراء بسوء الحالة المزاجية، وحتى استعداد الشخص في المعاناة من الاكتئاب.
واتضح في نتائج البحث أن المجموعة التي تناولت نظاماً غذائياً متوازناً من النباتات واللحوم البيضاء -مثل السمك والدجاج- كان أفضل من ناحية الحالة المزاجية مقارنةً مع الفريق المُعتمد في طعامه على اللحم الأحمر.
ويرجع السبب في تأثير اللحوم على صحتنا العقلية إلى احتوائها على كميات عالية من الأحماض الدهنية أوميغا 6، التي يسبب تناولها بشكل زائد مشاكل مثل الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب وغيرهما من الاضطرابات النفسية.
6- تعزيز توازن هرمونات الجسم
من الممارسات الشائعة في عالم الإنتاج الحيواني الغذائي في عصرنا الحديث، حقن الحيوانات بهرمونات مثل استراديول والتستوستيرون والبروجسترون لتحفيز نموها خلال فترات قياسية لزيادة الإنتاج.
وبالتالي عندما نتناول اللحوم الحمراء، فإننا نستهلك أيضاً تلك الهرمونات، مما يسبب الخلل والاضطرابات الخطيرة في الجسم والهرمونات.
ووجدت دراسة أمريكية أجريت عام 2010، ونشرها موقع Pub Med الطبي، أن الأطفال الذين استهلكوا كميات كبيرة من البروتين الحيواني في نظامهم الغذائي، دخلوا مرحلة سن البلوغ مبكراً 7 أشهر عن الأطفال الذين تناولوا كميات أقل من البروتين الحيواني.
كما يشير موقع Cleveland Clinic للصحة والطب إلى أن الاعتماد على اللحم الأحمر كمكون غذائي أساسي لفترات طويلة، يؤدي إلى انخفاض نسبة الحيوانات المنوية لدى الرجال، مما يؤثر على الخصوبة بالتبعية خلال حياتهم.
النظام الغذائي المتوازن يحقق النتائج الأفضل
تؤكد النتائج المختلفة للعديد من الدراسات نفس النتيجة تقريباً.
ووفقاً لشبكة CNN الأمريكية، هناك الكثير من الخيارات الصحية والمفيدة التي يمكن استهلاكها لاستبدال البروتين الحيواني في النظام الغذائي اليومي.
ومن بين تلك الخيارات الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة والحبوب والمكسرات والبقوليات، وبطبيعة الحال فإن الخضراوات ينبغي أن تكون هي العنصر الأساسي في النظام الغذائي.