نقطة نظام.. أسئلة يجب أن تسألها لنفسك قبل مواصلة الحياة

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/17 الساعة 12:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/17 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش
لا بد من التوقف قليلا والتفكير قبل الاستمرار في نفس نمط الحياة/ Istock

في جنوب الهند يستخدم الصيادون مصيدةً بسيطة لاصطياد القرود، بإحداث ثقب في جوزة الهند الفارغة، ثم تثبيتها في الشجرة بحيث يستطيع القرد النظر داخلها، ويضع فيها الصياد طعاماً لذيذاً ويتركها ويذهب، ولكن الثقب يكون صغيراً لا يسمح بخروج يد القرد حاملاً الثمرة، الثقب فقط يسمح للقرد برؤية الثمرة، فإذا وضع يده ليحصل على الثمرة وقع في المصيدة وفقد حريته، ويصبح القرد عالقاً بين اختيارين: الثمرة الشهية أو حريته.

ولكن هل يعترف القرد بأن تمسُّكه بالثمرة هو العائق بينه وبين الحرية، أم أنه يظل متعلقاً بالأمل أنه سيستطيع أن يسحب يده بطريقة ما حاملاً الثمرة الشهية ويتخطى بها ألم الجوع، هل يعرف القرد أنها مصيدة سيظل عالقاً بها ولن يستطيع الفوز بالثمرة، حتى لو حاول مئات المرات، هل يعلم القرد أنه إذا أراد الحصول على حريته عليه أن يُفلت يده عن التمسك بالثمرة، هل يستطيع القرد اتخاذ القرار فى الوقت المناسب قبل أن يأتي الصياد وينتهي الأمر؟

هذه الطريقة فى التفكير تسمى "حساب المكاسب والخسائر".

إن الحياة تمتلئ بمثل هذه المواقف دوماً، مواقف حياتية متكررة يجب علينا اتخاذ قرار حاسم في وقت ما فيها، هذا القرار مهما كان سيحمل خسائر، لا توجد في الحياة مكاسب فقط، هناك خسائر، ولكننا نختار القرار الذي نستطيع قبول خسائره. دوماً علينا أن نُفلت من أيدينا شيئاً ما لنحصل على شيء آخر أكثر أهمية بالنسبة لنا.

وبما أن الأنا لا تريد ترك شيء، لذا نبقى عالقين في كثير من الأمور، فمن خلال الترك والتخلي نبلغ الحرية من جديد، ولن نتحرر من الأنا إلا عندما نتخلى عن التملك والرغبة في أن تكون الحياة عبارة عن مكاسب فقط.

ويأتي السؤال: هل سيستطيع أحدنا اتخاذ قرار التخلي في الوقت المناسب؟

هل سيكون الوقت في صالحه؟ هل سيكون قرار التأجيل لمزيد من المكسب أم الخسارة؟

إذا لم يُتخذ قرار التخلي قبل مجيء الصياد فسيكون قرار التأجيل سبباً في زيادة الخسائر وفقدان حريته.

هكذا نحن، تجاهلنا للمشاكل وتجنُّب حلها لا يؤدي إلى اختفائها من نفسها كما نحب أن نوهم أنفسنا.

علينا أن نراجع أنفسنا دوماً.

ما الأشياء التي ما زلتُ متمسكاً بها؟ ما الخيوط التي ما زلتُ متعلقاً بها ولم تعُد مفيدة بأي شكل؟

ما الأثقال التي أحملها معي من مكان لآخر وتعطل حركتي وتأسرني؟

هل هناك مشاعر مخزّنة مثل الغضب والحنق لم يعد لها مكان وليست مفيدة لي بعد الآن؟

هل هناك أخطاء تفكير ما زالت تلازمني (مثل الكمالية والقطبية والتعميم والتوقعات مثل: اللازم- المفروض- الصح- الخطأ)؟ وقد تناولتها بالشرح في مقالات سابقة.

هل تفيدني حقاً، وهل لها دور في حياتي، أم هي مجرد أثقال فوق أثقالي؟

وبعد ذلك تأتي مرحلة التخلي، أن نتخذ قراراً بالتخلي عن كل ما هو زائد، وكل ما يُقيد حركتنا وأفكارنا ويمنع عملية الإبداع الذاتي من داخلنا، وأن نقبل، نعم القبول هو سر كبير من أسرار الحرية في الحياة؛ قبول أنفسنا، ذواتنا، قبول الخسارة قبل المكسب، قبول أن نقصنا البشري هو جزء من الكمال، أن إفلات القرد للثمرة ليس ضعفاً ولا خيبة ولا قلة حيلة، ولكن من منطلق الإيمان بقدراته المحدودة، وعلينا أن نؤمن أن إيماننا بمحدوديتنا وضعفنا ونقصنا والقدرة على التخلي قبل التجلي هو بداية طرق الحرية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رانيا ضياء
كاتبة مصرية مهتمة بالعلاقات الأسرية
حاصلة على دبلوم العلاج المعرفي السلوكي من المؤسسة المصرية للعلاجات المعرفية، أعمل في مركز أبسال لتنمية المهارات الحياتية والتربوية بالإسكندرية
تحميل المزيد