“كليبتومانيا” أو مرض السرقة.. لماذا يقوم بعض الأشخاص بالاستيلاء على أشياء تافهة أو لا يحتاجون لها؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/19 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/30 الساعة 12:33 بتوقيت غرينتش
مرض السرقة أو الـ "كليبتومانيا" يصنف على أنه اضطراب نفسي - iStock

ربما قرأت أو سمعت خبراً صادماً عن سرقة شخص مشهور أو من مستوى مادي عالٍ شيئاً تافهاً للغاية يستطيع شراءه، ولا يكون دافع السرقة هنا الحاجة بأي درجة، بل هناك سبب نفسي وراء السرقة، وأحياناً عضوي. بالمناسبة مرض السرقة أو هوس السرقة هذا له اسم علمي وهو كليبتومانيا (Kleptomania)، وهو مرض نفسي شديد الندرة.

مرض السرقة: كليبتومانيا

المصابون بالـ"كليبتومانيا" أو مرض السرقة عاجزون في الحقيقة عن مقاومة حافز داخلي يدفعهم لسرقة الأشياء التافهة التي لا يحتاجون إليها غالباً، وهنا يصنف علماء النفس هوس السرقة على أنه اضطراب نفسي في الصحة العقلية، يسبب الكثير من الألم والصراع العاطفي، سواء للشخص المصاب به أو المحيطين به، فضلاً عن المشكلات الأخرى التي يوقعون أنفسهم بها نتيجة السرقة!

يعتقد علماء النفس أن هذا النوع من الاضطراب يمنع الشخص المصاب به من السيطرة على شعوره أو سلوكه، فلا يستطيع مقاومة الإغواء الذي يدفعه للسرقة، كما شرح موقع Mayo Clinic المتخصص بمواضيع الصحة النفسية والعقلية والجسدية.

بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، إما أنهم يصابون بالتوتر والقلق الذي يدفعهم للسرقة، أو يبحثون عن شعور المتعة والراحة والإشباع الذي يأتي بعد قيامهم بالسرقة، حتى وإن شعروا بالذنب والندم بعد ذلك، أو الخوف من العواقب القانونية للسرقة، لكنه لا يمنعهم من تكرار ذلك الهوس.

لماذا هوس السرقة؟

مرض السرقة أو الـ
مرض السرقة أو الـ "كليبتومانيا" إما بسبب دوافع نفسية أو مشاكل في الناقلات العصبية بالدماغ – iStock

يَعزو الأطباء أسباب هوس السرقة إلى ظروفٍ تتعلق بنشأة المريض، وإن كانت هناك نظريات حول تغيرات في الدماغ هي السبب وراء ذلك، لذلك، قد يرتبط هوس السرقة بما يلي:

  • مشاكل في مادة كيميائية طبيعية في الدماغ: يساعد السيروتونين وهو ناقل عصبي على تنظيم الحالة المزاجية والعواطف، وتعد المستويات المنخفضة من السيروتونين شائعة لدى الأشخاص ذوي السلوكيات الاندفاعية مثل السرقة.
  • اضطرابات الإدمان: قد تسبب السرقة في إفراز هرمون الدوبامين (ناقل عصبي آخر)، ويسبب الدوبامين مشاعر ممتعة، ويسعى بعض الناس إلى هذا الشعور المجزي مراراً وتكراراً.
  • نظام الدوافع في الدماغ: يتم تنظيم الحوافز من خلال نظام الأفيون وإفراز الدماغ لهرمونات مثل هرمون الإندورفين، وقد يؤدي عدم التوازن في هذا النظام إلى صعوبة مقاومة الحوافز.
  • دوافع نفسية: يرجع نهج التحليل النفسي السبب وراء هذا النوع من السرقة إلى رغبة بعض الأشخاص في الحصول على هذه الأشياء كتعويض رمزي عن نوع من الخسارة أو الإهمال المبكر من أسرته والمحيطين به الذي تعرض له.

ما مدى شيوع "مرض السرقة"؟

يعتقد العلماء أن مرض السرقة نادر نسبياً، إذ تشير بعض الدراسات التي لفت لها موقع Very Well Mind إلى نسبة 0.3 إلى 0.6% من السكان، لكن بعض الدراسات اقترحت نسباً أعلى تصل بين 3.4 و28% عند المرضى السريريين، أي الأشخاص الذين اتهموا في حالات سرقة، إذ تحدثوا عن دوافع تتوافق مع هدف هوس السرقة.

أيضاً أشار هذا التقرير إلى انتشار مرض السرقة بين 6 أشخاص من كل ألف شخص في الولايات المتحدة، أي أن 1.2 مليون شخص أمريكي بالغ مصابون بهذا الهوس، وتشير التقديرات إلى أن هوس السرقة يمثل 5% من جميع عمليات السرقة من المتاجر، مما يُترجم إلى خسارة اقتصادية سنوية تبلغ حوالي 500 مليون دولار.

سمات مشتركة لدى من يعانون "مرض السرقة"

هناك عوامل مشتركة وراء مرض السرقة أو الـ
هناك عوامل مشتركة وراء مرض السرقة أو الـ "كليبتومانيا" – iStock
  • تحدث نوبات هوس السرقة عموماً بشكل عفوي وعادةً بدون تخطيط وبدون مساعدة أو تعاون من شخص آخر.
  • على عكس اللصوص العاديين، لا يقوم الأشخاص المصابون بهوس السرقة بالسرقة قسراً لتحقيق مكاسب شخصية، أو للانتقام أو التمرد، إنهم يسرقون ببساطة لأن هناك شعوراً قوياً يلح عليهم لدرجة أنهم لا يستطيعون مقاومته.
  • يسرق معظم المصابين بهوس السرقة من الأماكن العامة، مثل المتاجر والمحال التجارية، وقد يسرق البعض من الأصدقاء أو المعارف.
  • في كثير من الأحيان، لا تكون للأشياء المسروقة أي قيمة بالنسبة للشخص المصاب بهوس السرقة، ويمكن به تحمل تكاليف شرائها في العادة.
  • عادة ما يتم إخفاء العناصر المسروقة ولا يتم استخدامها أبداً، بل والأكثر يمكن التبرع بهذه الأشياء أو منحها للعائلة أو الأصدقاء أو حتى إعادتها سراً إلى المكان الذي سُرقت منه.
  • قد تأتي الرغبة في السرقة وتذهب أو قد تحدث بقوة أكبر أو أقل على مدار الوقت، هذا الشعور ليس ثابتاً غالباً.

قد يهمك: نجوم لكن لصوص.. جاستن بيبر وسرقة هاتف سيدة عجوز، وميغان فوكس استولت على مكياج!

علاج هوس السرقة

من أكثر علاجات هوس السرقة شيوعاً: 

العلاج النفسي: العلاج المعرفي السلوكي الذي يستهدف كلاً من الأفكار والسلوكيات التي تساهم في السرقة أثبت بعض الفعالية في إدارة أعراض هوس السرقة؛ إذ يساعد العلاج النفسي هؤلاء الأشخاص على فهم دوافع هوس السرقة، ثم مساعدتهم في اتخاذ سلوكيات أخرى تخفف من توترهم وتمنعهم من القيام بالسرقة مع الوقت.

العلاج بالأدوية: أظهرت مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، بالإضافة إلى مضادات الاكتئاب الأخرى، فاعليتها في علاج أعراض هوس السرقة، ويمكن استخدامها مع العلاج السلوكي المعرفي، كما أشار موقع HealthLine.

لكن كلا الأمرين سيكون في حاجة لطبيب متخصص بالصحة العقلية لمساعدتك في تحليل وفهم السبب وراء مرض السرقة، وبالتالي اختيار نمط العلاج الأنسب.

وتذكر، فإذا كنت مصاباً بهذا الهوس أو أحد من محيطك، من المهم أن تتذكر أن هذا لا يتعلق بصحتك النفسية والمحيطين بك وحسب، بل يؤثر على وظيفتك وعلاقاتك، بل يورطك في مشاكل أخلاقية وقانونية، وينتهي الأمر في بعض الأحيان بالسجن. 

وتذكر كلما بدأت هذه الخطوة باكراً، أنقذت نفسك من تحول هذا الهوس إلى إدمان يصعب مقاومته، إذ ترتبط بعض المضاعفات باضطرابات أخرى مثل فقدان السيطرة على الانفعالات، أو تعاطي المخدرات الكحول، أو اضطرابات الأكل، والاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، والقلق، أو حتى الأفكار الانتحارية.

قد يهمك أيضاً: هل شاهدت يوماً شخصاً يضحك في عزاء؟ هو لا يقصد الإهانة.. فلماذا نضحك في المواقف الحزينة إذاً؟

متخصص في "الفضاوة".. صدّق أو لا تصدّق: نظرية جوي تريبياني تجلب السعادة فعلاً!

علامات:
تحميل المزيد