من أكثر البقع التي قد نعاني من آلام عارضة أو مزمنة فيها في الجسم هي منطقة أسفل الظهر. ولكن لفهم الأسباب المختلفة لآلام أسفل الظهر، من المهم معرفة التصميم الطبيعي لهذا الجزء من الجسم أولاً.
وتشمل الأجزاء الهامة في تلك المنطقة التي يمكن أن تكون مرتبطة بالأعراض: العمود الفقري القطني العظمي، والأقراص ما بين الفقرات، والأربطة الموجودة حول العمود الفقري والأقراص، والنخاع الشوكي والأعصاب، وعضلات أسفل الظهر والأعضاء الداخلية للحوض والبطن، ثم أخيراً الجلد.
ووفقاً للمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية في الولايات المتحدة الأمريكية (NINDS)، تأتي آلام أسفل الظهر على رأس الأسباب الأكثر شيوعاً للغياب عن العمل.
في البداية: ما هي وظيفة منطقة أسفل الظهر؟
تخدم منطقة أسفل الظهر عدداً من الوظائف المهمة لجسم الإنسان. وتشمل هذه الوظائف الدعم الهيكلي وضمان الحركة الطبيعية للجسم، بالإضافة إلى حماية بعض أنسجة الجسم المهمة.
على سبيل المثال، عندما نقوم بالوقوف، يعمل أسفل الظهر على دعم وزن الجزء العلوي من الجسم. وعندما نثني أو نمد أو ندير أنفسنا عند الخصر، فإن أسفل الظهر يشارك في الحركة أيضاً.
وبحسب موقع Medicine Net للمعلومات الطبية والصحة، غالباً ما يمكن اكتشاف إصابة الهياكل المهمة لتحمُّل الوزن، مثل العمود الفقري العظمي والعضلات والأوتار والأربطة، من خلال محاولة نصب الجسم بشكل قائم، أو عبر تنفيذ بعض الحركات المختلفة.
كذلك تُعتبر حماية الأنسجة الرخوة للجهاز العصبي والحبل الشوكي والأعضاء المجاورة للحوض والبطن من الوظائف الهامة للعمود الفقري القطني والعضلات المجاورة له في أسفل الظهر.
العوامل التي قد تؤدي لآلام أسفل الظهر
تحدث معظم آلام أسفل الظهر نتيجة الإصابة، مثل التعرُّض للالتواء أو الإجهاد العضلي بسبب الحركات المفاجئة أو ضعف ميكانيكا الجسم أثناء رفع الأشياء الثقيلة.
وبحسب موقع Healthline للمعلومات الصحية، يمكن أن تكون آلام أسفل الظهر أيضاً ناجمة عن الإصابة بأمراض معينة، مثل:
1- سرطان النخاع الشوكي.
2- تمزق أو انفتاق الفقرات.
3- عرق النسا.
4- التهاب المفاصل.
5- التهابات الكلى.
6- التهابات العمود الفقري.
ويمكن أن تستمر آلام الظهر الحادة بداية من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع أو حتى أشهر متواصلة قد تصل إلى ثلاثة أشهر.
وإذا ما كانت الآلام بسبب مضاعفات الأمراض الكامنة، فعادة ما يمكن تمييزها بسبب الأعراض الأخرى التي ستكون مصاحبة لها.
وبحسب نفس الموقع، فمن المرجح أن تحدث آلام أسفل الظهر لدى الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عاماً. ويرجع ذلك جزئياً إلى التغيرات التي تحدث في الجسم مع تقدم السن، إذ يحدث مثلاً انخفاض في مستوى السوائل بين الفقرات في العمود الفقري.
وهذا يعني أن الأقراص الموجودة في العمود الفقري تتعرض للتهيُّج والالتهاب بسهولة أكبر. كما يفقد الجسم أيضاً بعض التوتر العضلي، مما يجعل الظهر أكثر عرضة للإصابة.
الفارق بين إجهاد العضلات وأعراض عرق النسا
غالباً ما يكون إجهاد العضلات سبباً أساسياً من أسباب آلام أسفل الظهر، وذلك يحدث نتيجة رفع الأثقال أو ممارسة التمارين الرياضية القاسية أو طبيعة العمل أو نمط الحياة اليومي ووضعية النوم والجلوس والوقوف.
ولكن في بعض الأحيان يحدث إجهاد العضلات بسبب الفقرات الصغيرة المليئة بالهلام والتي تهدف إلى حماية الفراغ بين الفقرات لتحسين مستوى الحركة.
وعندما ينتفخ أحد هذه الأقراص أو ينكسر، يمكن أن يضغط على العصب. أما أما في حالة أن يكون الألم بسبب مشاكل العصب الوركي، فإن يمتد من الأرداف إلى أسفل ساق واحدة ويشمل كذلك أسفل الظهر بشكل غير مباشر. وحينها تُسمى تلك الحالة بعرق النسا.
آلام أسفل الظهر بسبب النمط اليومي وطبيعة العمل
لفت موقع WebMD الطبي إلى أنه من بين أسباب آلام أسفل الظهر إذا كانت وظيفتك تتضمن رفع الأوزان أو شدّ الأجسام الثقيلة أو ببساطة أي شيء يستلزم منك لف وثني العمود الفقري باستمرار.
ومع ذلك، فإن الجلوس على مكتب طوال اليوم أيضاً ينطوي على مخاطر خاصة به، خاصة إذا كان مقعدك غير مريح أو تميل إلى التراخي والانكفاء للأمام في وضعية خاطئة للعنق والكتفين والعمود الفقري.
كذلك سواء كنت ترتدي حقيبة كتف أو ظهر، فإن الجزء السفلي من الظهر هو الذي يدعم الجزء العلوي من الجسم بالكامل – بما في ذلك أي وزن إضافي تحمله.
لذا فإن الحقيبة المحشوة يمكن أن تجهد أسفل الظهر بشكل إضافي، خاصة إذا كنت تحمل الحقيبة يوماً بعد يوم وتحمل الكثير من الوزن. لذلك إذا كان عليك أن تحمل حمولة ثقيلة، ففكر في استبدال حقائب الجسم إلى حقيبة صغيرة بعجلات يمكن جرها والتنقُّل بها بسهولة، أو أية حلول أخرى مناسبة.
يلفت موقع WebMD كذلك إلى أن المبالغة في ممارسة الرياضة في صالة الألعاب الرياضية أو خلال التمارين الرياضية المختلفة يُعد أيضاً أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لآلام أسفل الظهر بسبب التمدد المفرط للعضلات.
ويُعد الأشخاص قليلو اللياقة أو الذين نادراً ما يمارسون المجهود البدني بانتظام خلال الأسبوع هم الأكثر عرضة لتطوير تلك الآلام، خاصة عند بذل مجهود استثنائي في يوم العطلة مع الاعتقاد أن ذلك يزيد قوة ولياقة الجسم.
آلام أسفل الظهر بسبب إصابة أقراص العمود الفقري
تلك المنطقة العظمية القوية أيضاً عرضة للإصابة. ويزداد هذا الخطر مع تقدم العمر، إذ يمكن أن يتمزق الجزء الخارجي من القرص أو ينفتق ويُصاب بالتشقق.
ويحدث القرص الغضروفي، المعروف أيضاً باسم الانزلاق الغضروفي عندما يندفع الغضروف المحيط بالقرص تجاه الحبل الشوكي أو جذور الأعصاب. وتمتد الوسادة الموجودة بين فقرات العمود الفقري خارج وضعها الطبيعي، وفقاً لـHealthline.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ضغط جذر العصب عند خروجه من الحبل الشوكي من خلال عظام العمود الفقري. وتحدث إصابة القرص عادةً بشكل مفاجئ بعد رفع شيء ما أو التواء الظهر بصورة غير طبيعية.
وعلى عكس إجهاد الظهر الطبيعي الذي يزول وتخف وتيرته بمرور الوقت، فإن الألم الناتج عن إصابة القرص عادة ما يستمر لأكثر من 72 ساعة، ما يستلزم زيارة الطبيب قبل أن تتفاقم الحالة.
تضيق العمود الفقري وآلام أسفل الظهر
يحدث تضيق العمود الفقري ببساطة بسبب حدوث ضيق في أنبوب العمود الفقري من الداخل لسبب أو لآخر، مما يضغط على النخاع الشوكي والأعصاب الشوكية بداخله.
ويحدث تضيق العمود الفقري بشكل شائع بسبب تحلل وتنكُّس الأقراص بين الفقرات. ونتيجة ذلك حدوث ضغط على الجذور العصبية أو النخاع الشوكي عن طريق النتوءات العظمية أو الأنسجة الرخوة، مثل الأقراص.
ويؤدي الضغط على الأعصاب الشوكية إلى ظهور أعراض مثل: الخدر، والتشنجات، والضعف العام في المنطقة المصابة.
وقد تشعر بهذه الأعراض في أي مكان في الجسم، وليس في بقعة الإصابة فقط.
ويلاحظ العديد من الأشخاص المصابين بتضيق العمود الفقري أن أعراضهم تزداد سوءاً عند الوقوف أو المشي أو بذل أي مجهود بدني.
التهابات الأعصاب والتهابات المفاصل
من الممكن أن تتهيّج أعصاب العمود الفقري القطني بسبب الضغط الميكانيكي (الاصطدام) بواسطة العظام أو الأنسجة الأخرى، أو نتيجة المرض، في أي مكان على طول العمود الفقري – من جذوره في النخاع الشوكي وحتى سطح الجلد.
وتشمل هذه الحالات مرض القرص القطني (اعتلال الجذور)، والانزلاق العظمي، والتهاب الأعصاب الناجم عن عدوى فيروسية (القوباء المنطقية).
أما بالنسبة لالتهاب المفاصل، فهو حالة من اعتلال المفاصل الفقاري التي يمكن أن تؤثر على مفاصل أسفل الظهر والمفصل العجزي الحرقفي.
وتشمل أمثلة اعتلال المفاصل الفقرية، التهاب المفاصل التفاعلي (مرض رايتر) والتهاب الفقار اللاصق، والتهاب المفاصل الصدفي، والتهاب المفاصل الناتج عن مرض التهاب الأمعاء.
ويمكن أن تؤدي كل من هذه الأمراض إلى آلام أسفل الظهر والتيبس وعدم القدرة على الحركة بصورة طبيعية، وهي الأعراض التي عادة ما تكون أسوأ في الصباح.
وتبدأ هذه الحالات عادة في العقدين الثاني والثالث من العمر. ويتم علاجها بالأدوية المضادة للالتهاب. كما نجحت الأدوية البيولوجية الحديثة بشكل كبير في تهدئة المرض والحد من تطوره، وفقاً لموقع Medicine Net.
أسباب أخرى
1- مشاكل الكلى
غالباً ما ترتبط التهابات الكلى والحصوات ونزيف الكلى (ورم دموي) بآلام أسفل الظهر. ويمكن أن يشمل التشخيص الطبي لذلك تحليل البول أو اختبارات الموجات فوق الصوتية أو الكشف بتصوير البطن.
2- الحمل
يؤدي الحمل عادةً إلى حدوث آلام أسفل الظهر بسبب الضغط ميكانيكياً على العمود الفقري القطني (تغيير الانحناء القطني الطبيعي) وعن طريق وضعية الطفل داخل البطن.
بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم تأثيرات هرمون الاستروجين في إرخاء الأربطة وهياكل الظهر. وغالباً ما يُنصح بتمارين إطالة الحوض لتخفيف هذا الألم. ويمكن أن تسبب الولادة الطبيعية أيضاً آلام أسفل الظهر، لكن جميع تلك الحالات تزول بمرور الوقت والتعافي والحصول على الراحة وبذل المجهود البدني المعتدل.
3- مشاكل المبيض
قد تسبب أكياس المبايض والأورام الليفية الرحمية والانتباذ البطاني الرحمي أيضاً آلام أسفل الظهر. ويمكن أن يتطلب التشخيص الدقيق فحصاً واختباراً لأمراض النساء لكي يتم علاج المشكلة الأصلية بالطريقة الملائمة.
كيف يتم تشخيص آلام أسفل الظهر؟
إذا تجاوز الألم 3 إلى 7 أيام كاملة دون أي مؤشرات على التحسُّن، يُنصح باستشارة الطبيب منعاً لحدوث أي مضاعفات خطيرة قد تهدد سلامة الشخص وقدرته على الحياة بصورة طبيعية.
ومن المرجح أن يبدأ الطبيب بطلب تاريخ طبي كامل وإجراء فحص بدني شامل لتحديد المكان المصاب بالألم بالتحديد. ويمكن للفحص البدني أيضاً تحديد ما إذا كان الألم يؤثر على نطاق الحركة.
وما لم يكن لدى المصاب أعراض مقلقة أو موهنة أو فقدان عصبي، فمن المحتمل أن يراقب الطبيب حالتك لبضعة أسابيع قبل إرسالك للاختبار. وذلك لأن معظم آلام أسفل الظهر تزول باستخدام علاجات العناية الذاتية البسيطة.
ومع ذلك، تتطلب بعض الأعراض مزيداً من الاختبارات، بما في ذلك:
- نقص السيطرة على الأمعاء.
- ضعف عام وإعياء.
- الحمى وارتفاع درجة الحرارة المتكرر.
- فقدان الوزن بصورة غير معتادة.
ويُنصح بطلب العناية الطبية فوراً إذا واجهت أياً من هذه الأعراض السالف ذكرها بالإضافة إلى آلام أسفل الظهر، لأن التأجيل ليوم واحد فقط قد يفاقم من تداعيات المشكلة ويصعِّب عليك مرحلة التعافي.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.