كثيراً ما نسمع هذه الجملة بعد أن يتنامى إلى أذهاننا أن "فلانة" قد انفصلت عن زوجها.. ويقابلونها فيجدونها قد ازدادت جمالاً وحيوية.
والحقيقة أن المطلقة لا تزدهر "بسبب" الطلاق، إنما يمكننا القول بأنها تزدهر "بعد" الطلاق، والفرق في وجهة نظري كبير.
فلا توجد امرأة لا تريد أن تشعر بالأمان بعدم وجود رجل بجوارها أو أنها تريد الاستغناء عن بيتها وعائلتها وعن ضحكة أبنائها في حضرة أبيهم وأمهم سوياً وهما يحيطانهم بكل الحب.
ولا توجد امرأة تقرر أن تترك زوجها وتعيش مشاعر الوحدة والغربة وهي بعيدة عن شريكها وأبنائها أو أنها ببساطة تريد الاستغناء عن حب عمرها الذي عاشت معه سنوات طويلة ومَرا سوياً بأيام جميلة لا تستطيع نسيانها.
كل ما في الأمر أنها قررت أن تختار أخف الضررين، أن تكمل مع الألم، أو ترحل وستصادف هناك ألماً بطعم آخر.
لكن ألم الارتباط مع وجود إهانة وذل وعدم تفاهم وخلافات متكررة وشعور بالوحدة وافتقاد السكن وافتقاد المودة والرحمة لَهَو أشد وأقسى عليها من شعورها بالوحدة وهي تعيش بمفردها.
وتحادثها نفسها أن الألم سيكون أهون وأخف، وبالفعل يحدث ذلك لكنها تجد ألماً من نوع مختلف فتظل تصارع أفكارها ومشاعرها إلى أن تقف على قدميها وتدرك أنها يجب أن تنفض عنها كل ذلك.
تنفض عنها ألم الفراق واجترار الذكريات، تنفض عنها الحزن والكآبة لأنها يجب أن تقف على قدميها وتبدأ من جديد ويجب أن تفكر في أبنائها ومستقبلها،
وعملها لأنها يجب أن تبحث عن دخل مناسب يسد احتياجاتها، كما أنها تظل تبحث عن نفسها الحقيقية التى ربما فقدتها منذ زمن.
فتبدأ بالتركيز على مواهبها وهواياتها التي تتميز بها وتبدأ بالبحث عن الحب داخل ذاتها لتكتشف داخلها وتسبر أغوارها وتتعرف على قدراتها وإمكانياتها.
وتقرر أنها لا يجب أن تنتظر الرجل المناسب حتى يغدق عليها الحب ويشعرها بقيمتها في الحياة، بل يجب عليها أن تحب نفسها أولاً وتتقبلها وأن تثق في إمكانياتها التي ميزها الله بها وأن الحب يمكنها أن تستمده من قلوب أبنائها
وأصدقائها وعائلتها.
وتستمده من شعورها بالإنجاز وإحساسها أن قيمتها تنبع من كونها إنسانة وحسب، وليس شرطاً أن يرتبط اسمها برجل حتى تشعر بقيمتها وهي تعرّف نفسها للمجتمع، وأن النجاح والإنجاز في الحياة سيشعرانها بمعنى السعادة الحقيقية.
ومن هنا تبدأ بالتركيز على تطوير نفسها وتتحداها في أمور كثيرة لأنها قررت ألا تقع مرة أخرى ولن تتألم ثانية، وحتى لو حدث فإنها ستكون على وعي تام بذلك وستقدر على التعامل مع الألم بشكل آخر لأنها قد مرت بما هو أشد من قبل.
وبالفعل بعد النجاح تشعر بالسعادة وتشعر بحبها لنفسها لأنها أصبحت قادرة على أن ترى الجمال الحقيقي بداخلها والذي لم تلحظه من قبل بسبب شعورها الدائم بالتقصير أو الإحساس المستمر بالذنب حتى ولو كانت حاولت حينها عمل كل ما يجب فعله، إلا أنها كانت تخشى من نظرة المجتمع لها وأنها قد تتهم بأنها هي السبب في الانفصال لأن المجتمع سيتهمها هي بشكل أو بآخر.. مع الأسف
لا أعلم لماذا.. لكن هذا هو الحال.
لكنها وأخيراً تتخلص من مشاعر الذنب والتقصير وترى نفسها الحقيقية وأنها جميلة وأنها تستحق أن تعيش حياة كريمة حتى ولو بدون رجل.
ومن ثم عندما ترى نفسها الحقيقية تبدأ حقاً في الازدهار فيبدو ذلك جلياً لمن يتعامل معها رغم وجود بعض الألم إلا أنها تخبر نفسها أنها يجب أن تعيش وأن حياتها يجب أن تستمر مهما حدث وأنها لن تنكسر ثانية.
لذلك أقول لكم: ليس الطلاق هو ما يبهج المرأة فيجعلها تزدهر، بل ما يحدث لها "بعد" الطلاق هو ما يجعلها تكتشف نفسها وتحبها كما هي، فتزداد جمالاً وازدهاراً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.