هل تذكر الشعور الذي يراودك حين تمر بجوار مطاعم الوجبات السريعة كالبرغر والبيتزا؟ حين تشتهي تلك الوجبات من رائحتها فقط، حتى وإن لم تكن تشعر بالجوع.
يظن البعض أن السر يكمن في طريقة تحضير هذه المطاعم لوجباتها، وأننا لا نستطيع الحصول على المذاق اللذيذ نفسه في منازلنا أبداً. لكن الحقيقة ليست كذلك، فالسر ليس فقط في طريقة تحضيرهم للوجبات، وإنما في "الأومامي" (Umami): الحاسة الخامسة للتذوق عند الإنسان!
لأعوام طويلة، حاول علماء كثيرون معرفة سر مذاق اللحم المميز؛ فهو ليس بالمالح ولا المُر ولا الحامض. وظنَّ العلماء على مر القرون أن الإنسان قادر على تذوق 4 مذاقات فقط هي: الحامض والمُر والمالح والحلو، رغم التنوع الكبير للطعام الذي يتناوله البشر. تغيَّر هذا التصور في عام 1909 حين اكتشف العالم الياباني أوكيدا أنَّ لسان الإنسان قادر على تذوُّق مذاقٍ خامس هو "الأومامي"، وهي كلمة يابانية تعني جوهر اللذة أو مذاق اللذة.
يُعرف "الأومامي" علمياً بحمض الجلوماتيك أحادي الصوديوم، وهو حمض أميني يعد إحدى اللبنات الأساسية للبروتين النباتي والحيواني. يوجد الجلوماتيك بشكل طبيعي في جسم الإنسان وفي العديد من الأطعمة اللذيذة التي نأكلها كل يوم، وضمن ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الجبن القديم واللحوم المقددة والطماطم والفطر والسلمون وشرائح اللحم والشاي الأخضر، والقائمة تطول.
يقول أستاذ العلوم الغذائية في جامعة بيردو، د.ريتشارد ماتيس، إنه "عند وضعنا الطعام في أفواهنا تنساب الكيميائيات فوق براعم التذوق المزروعة على اللسان، ووفقاً لاستجابتها وردود فعلها، إما أن نستحسن الطعم وإما أن ننفر منه". ويؤكد الخبراء أن مذاق "الأومامي" يجعل للأطعمة التي يحتوي عليها مذاقاً شهياً للغاية.
الأطعمة الغنية بال"الأومامي"
غالباً ما نضيف "أومامي" إلى طعامنا كلما شعرنا بأن هناك شيئاً ينقصه، بوعي أو دون وعي. كأن نضيف مكونات تحتوي بشكل طبيعي على "الأومامي" أو الجلوماتيك مثل: شرائح الطماطم أو شرائح الجبن أو الفطر المشوي وصلصة الرانش أو صوص الصويا. كما تحتوي مصادر البروتين الأساسية مثل لحم البقر والأسماك والمحار والتونا والجمبري والسردين على كمية كبيرة من "أومامي".
كذلك تُعرف بعض الخضراوات بغناها بمذاق "الأومامي"، مثل: الطماطم والفطر والأعشاب البحرية (seaweeds) والبصل والبروكلي وحبوب الفاصوليا الخضراء وغيرها.
وقد نجح العلماء في تصنيع حمض الجلوماتيك صناعياً؛ لإضافته مباشرة إلى الأطعمة، فإذا كنت ترغب في إضافة مذاق "الأومامي" الشهي إلى أي طبق من أطباقك، فبإمكانك شراؤه وتبهير طعامك به.
ٌإنتاج "الأومامي" صناعياً فتح الباب أمام العلماء وخبراء الأطعمة لصنع لحم وبرغر نباتيٍّ تماماً بطعم اللحم الحيواني نفسه وبمذاقه البديع نفسه في فم الإنسان، إذ أضافوا حمض الجلوماتيك أحادي الصوديوم إلى خليط كبير من المكونات النباتية؛ ليكون بديلاً نباتياً للحم والبروتين الحيواني. إلا أنها مازالت عملية معقدة ومكلفة للغاية، لذلك تباع هذه اللحوم بأسعار باهظة ليست في متناول الجميع.
"الأومامي" يساعدك على إنقاص وزنك
إضافة إلى لذة الأطعمة التي تحتوي على "الأومامي"، قد تكون للأطعمة الغنية به فوائد صحية محتملة أيضاً. على سبيل المثال، تُظهر الدراسات أن هذه الأطعمة تحفّز الشهية وتُعزز الشعور بالشبع فترةً أطول. وبالتالي، بحسب الباحثين، فإن اختيار مزيد من الأطعمة الغنية بالأومامي قد يساعد في إنقاص الوزن، لأنها تُشعر الإنسان بالشبع المتواصل فترةً أطول، وترضي شهيته وتكبحها فلا يشعر بحاجته لتناول المزيد بعد الانتهاء من وجبته.