هل تصدق أن هناك نوعاً من الدهون في الجسم التي تعمل على مساعدتك في إنقاص وزنك والإبقاء على توازن معدل الحرق اليومي للسعرات الحرارية؟
نعم، إنها الدهون البنية. وهي تختلف عن الدهون البيضاء الضارة في جسم الإنسان. في هذا التقرير نستعرض أبرز المعلومات عن هذه الدهون الصحية، والحقائق المثيرة حول دورها في حرق السعرات والحفاظ على الصحة.
يتواجد لدى الجميع بنسب متفاوتة وغير ثابتة
ويمتلك كل شخص نسبة معينة في جسمه من الدهون البنية، وعلى عكس الدهون البيضاء القديمة العادية التي تختزن السعرات الحرارية، تحرق خلايا تلك الدهون المليئة بالميتوكوندريا، الطاقة في جسم الإنسان وتنتج الحرارة التي تبقي الوظائف متوازنة وفعالة بشكل طبيعي.
وبحسب موقع المعاهد الوطنية للصحة الأمريكي للأبحاث العلمية، كان يعتقد قديماً أن الأطفال فقط هم من يمتلكون الدهون البنية. لكن في عام 2009، وجدت الأبحاث في هذا المجال أن هناك كميات محدودة من تلك الدهون عند البالغين أيضاً.
واتضح أن الأشخاص ذوي مؤشرات كتلة الجسم المنخفضة، أو بمعنى آخر الأشخاص الأنحف، كانوا يميلون إلى امتلاك كميات أكبر من الدهون البنية التي تعمل على تفعيل عملية التمثيل الغذائي للإنسان البالغ.
وبسبب قدرة تلك الدهون على حرق السعرات الحرارية والدهون البيضاء غير الصحية، يحاول العلماء خلال العقد الأخير، التوصل إلى طريقة يمكن بها استغلال تلك الدهون للمساعدة في محاربة السمنة والإبقاء على وزن مثالي.
أولاً: ما هو دور الدهون في جسم الإنسان؟
يقوم كل نوع من الدهون في جسم الإنسان على خدمة وتلبية غرض معين.
1- الدهون البيضاء، أو الأنسجة الدهنية البيضاء WAT، هي الدهون المعروفة التي نعرفها ونحاول الهرب منها على مدار حياتنا للإبقاء على صحة جيدة.
وفي العادة، تُخزَّن الطاقة في كُتل من الدهون المتوزعة في أنحاء الجسم، والتي تعمل على إبقائك دافئاً من خلال توفير طبقة عازلة للأعضاء.
وبالرغم من ذلك، امتلاك الكثير من الدهون البيضاء ليس بالشيء الجيد أبداً.
إذ يؤدي ذلك إلى السمنة، وتراكم الدهون حول منطقة الوسط مثلاً يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والأمراض الأخرى.
2- أما الدهون البنية أو الأنسجة الدهنية البنية BAT، فهي تُخزِّن الطاقة في مساحة أصغر عما يحدث في حالة الدهون البيضاء.
وهي مليئة بالميتوكوندريا الغنية بالحديد، ومن هُنا جاء سبب التسمية نظراً لميلها إلى اللون البني.
وعندما تحترق الدهون البنية، فإنها تؤدي لعملية تُسمَّى توليد الحرارة. وخلال هذه العملية، تحرق الدهون البنية أيضاً السعرات الحرارية في الجسم. وتعتبر تلك الدهون علاجاً محتملاً للسمنة وبعض المتلازمات الأيضية الأخرى.
يتم تنشيط الدهون البنية مع انخفاض درجة الحرارة
إن قضاء الوقت في البرد يجعل الدهون البنية أكثر نشاطاً، وقد يتسبب البرد أيضاً في نمو خلايا دهون بنية جديدة في الجسم.
وبحسب دراسة أُجريت في عام 2014، وفقاً لموقع Live Science، تساعد هذه الدهون الأطفال على البقاء دافئين رغم عدم قدرتهم على بذل المجهود للحصول على الدفء وحرق الطاقة.
وعندما يُصبح البالغون معرضين لدرجات حرارة منخفضة، قد تعمل الدهون البنية لديهم بمثابة "سترة تدفئة داخلية" للحفاظ على حرارة الدم أثناء تدفقه مرة أخرى إلى القلب والدماغ من أطرافنا الباردة.
الدهون البنية موجودة في بقع معينة في الجسم
تتركز الدهون البنية في أماكن غير متوقعة في الجسم. وبحسب Live Science، قد تختلف أماكن وجودها من جسم لآخر.
لكن هناك مثلاً منطقة في الرقبة والكتفين التي تتواجد فيها تلك الدهون على الأغلب لدى معظم الناس، وكذلك قد تتواجد في الصدر وأسفل العمود الفقري وبعض الأماكن في البطن.
وهي تختلف في توزيعها اختلافا تاماً عن توزيع الدهون البيضاء المُسببة للسمنة.
من الصعب العثور عليها
قد يكون من الصعب العثور على هذه الدهون الصحية ودراستها. ويرجع ذلك إلى أن خلايا الدهون البنية والبيضاء غالباً ما تختلطان معاً في نفس الكتل.
وبحسب موقع المعاهد الوطنية للصحة الأمريكي، يتطلب العثور على الخلايا الدهنية البنية إجراء فحوصات بالأشعة المقطعية لإظهار مكان وجود الدهون، جنباً إلى جنب مع فحوصات التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (التي تتطلب حقن الأشخاص بالجلوكوز المشعّ) لتحديد الخلايا الأكثر نشاطاً في عملية التمثيل الغذائي.
طرق تنشيط وزيادة نسبة الدهون البنية في الجسم
ونظراً لدور هذه الدهون الصحي في الإبقاء على الوزن الصحي وحرق الدهون الضارة والسعرات الحرارية الزائدة عن الحاجة، هناك بعض الخطوات التي من شأنها تعزيز وجود دهون بنية في الجسم، وتشمل بحسب موقع Healthline ما يلي:
اخفض درجة الحرارة
قد يساعد تعريض جسمك للبرد بشكل دوري إلى تعزيز وجود المزيد من الخلايا الدهنية البنية. واقترحت بعض الأبحاث أن التعرض لمدة ساعتين فقط يومياً لدرجات حرارة نحو 19 درجة مئوية، قد يكون كافياً لتحويل الدهون القابلة للتجنيد إلى اللون البني.
كذلك فكِّر في أخذ حمام بارد أو حمام ثلجي. إذ يُعد خفض منظم الحرارة بضع درجات في منزلك أو الخروج في الطقس البارد من الطرق الأخرى لتبريد جسمك وربما إنتاج المزيد من الدهون البنية.
تناول المزيد من الطعام الصحي
كشفت أبحاث وردت في موقع Healthline، أنه بعد إطعام الفئران بشكل مفرط، وجدوا أن أولئك الذين لديهم المزيد من الدهون البنية يحرقون سعرات حرارية أكثر، وبالتالي استطاعوا البقاء بشكل صحي وأكثر رشاقة بهذه الطريقة.
كذلك كشف الموقع أن الفئران التي تم زيادة استهلاكها من الطعام كانت محمية عن غيرها من السمنة وأمراض التمثيل الغذائي الأخرى.
وبالطبع لا يعني ذلك أنه يجب أن تبدأ في تناول المزيد من الطعام حتى وإن لم تكن تشعُر بالجوع فقط لتنشيط الخلايا الدهنية البنية، إذ لا يزال الإفراط في تناول الطعام هو السبب الرئيسي للسمنة في العالم.
وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث قبل التوصّل للطريقة الصحيحة لتناول الطعام بطريقة معينة تساعد على حرق المزيد من الطاقة وخلق كميات أكبر من الدهون البنية.
وعموماً في الوقت الحالي، واصل اتباع نظام غذائي متوازن يتكون من أطعمة تساعد في حرق الدهون وتناول السوائل الكافية يومياً على ألا تقلّ عن 8 أكواب من المياه في اليوم.
ممارسة الرياضة
في دراسة نشرها موقع المعاهد الوطنية للصحة الأمريكي، في عام 2019، وُجد لدى الفئران المعملية بروتيناً يسمى إيريسين يساعد في تحويل الدهون البيضاء إلى الدهون البنية، وهو البروتين الذي ينتج الجسم البشري أيضاً.
واكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة ينتجون كمية أقل بكثير من بروتين إيريسين مقارنة بمن يمارسون الرياضة بشكل دوري.
ومن هذا البروتين المهم عندما يقوم الناس بتمارين الأيروبيكس المكثّفة.
وينصح الأطباء بشدة بممارسة الرياضة لمحاربة السمنة والحفاظ على قوة نظام القلب والأوعية الدموية.
وبحسب Healthline، تتضمن إرشادات النشاط البدني الحالية للبالغين، القيام بواحد مما يلي كل أسبوع:
1- 150 دقيقة من النشاط المعتدل مثل المشي أو أي نشاط مماثل.
2- 75 دقيقة من النشاط القوي، مثل الجري أو السباحة.
3- لا توجد أبحاث كافية لمعرفة ما إذا كانت التمارين الرياضية تخلق المزيد من الدهون البنية. لكن التمارين الرياضية لها العديد من الفوائد الصحية التي يجب عليك القيام بها بغض النظر عن التغيرات المحددة، وذلك لتحسين فرص قيام جسمك بالعمل بكفاءة في التخلُّص من السموم وحرق الدهون الضارة أولاً بأول.