في بداية القرن العشرين، أصبحت سان فرانسيسكو أول مدينة أمريكية تتأثر بالطاعون الأسود، بعد أكثر من 500 عام من اجتياحه لأوروبا لأول مرة في أربعينيات القرن الرابع عشر، فكان هذا أول تفشٍّ للطاعون يصيب الولايات المتحدة الأمريكية.

تحت عباءات طويلة وأقنعة تشبر منقاقير الطيور، كان "أطباء الطاعون" الأوروبيين مشهداً غريباً أكثر منه مطمئناً للمرضى.

بعد حصار طويل صمدت فيه مدينة كافا الساحلية في وجه المغول، فوجئ سكان المدينة بأجسام غريبة تلقى فوق رؤوسهم من وراء أسوار المدينة المنيعة، لم تكن هذه الأجسام حجارة أو نيراناً ملقاة من منجنيق الأعداء، بل كانت جثث الجنود المغول متعفنة التي فتك بها الطاعون، ويحكى -وفقاً لبعض المؤرخين- أن تلك الحادثة كانت الاستخدام الأول للأسلحة البيولوجية في التاريخ، كما كانت السبب في انتقال "الموت الأسود" إلى أوروبا وفتكه بما يزيد على نصف سكان القارة.

على مدى آلاف السنين تبنى البشر بعض الأفكار غير المنطقية بدرجة كبيرة حول كيفية انتشار الأمراض المعدية، كالطاعون والكوليرا. بعض هذه النظريات قد تبدو مضحكة، مثل فكرة إمكانية التقاط عدوى الطاعون القبرصي القديم من خلال التحديق في وجه شخص مصابٍ وحسب.

مع كثرة الحديث عن الأوبئة في التاريخ الإنساني، وكيف تعامل معها الإنسان، ربّما طرأ على أذهانكم سؤال حول آخر الدول الإسلامية الكبرى؛ الدولة العثمانية والأوبئة، كيف تعاملت معها؟ وهل كان الوضع بهذا السوء كما في بعض الإمبراطوريات المتواجدة في ذلك الوقت؟

أعاد التفشي الحالي لفيروس كورونا المستجد ذكريات الأوبئة السابقة والتي خلدتها الذاكرة الأدبية العربية في مؤلفات الشعراء. فالطاعون والشعر تقاطعا في أكثر من محطة تاريخية ليلهم الألم مخيلة الشعراء.

ازدهرت الأمراض المُعدية والقاتلة بالتزامن مع ازدهار الحضارات البشرية، إذ أدّى عيش أعداد كبيرة من الناس على مقربةٍ من بعضهم البعض ومن الحيوانات، وسط أوضاع يسودها ضعف الصحة العامة والتغذية، إلى توفير أرضيةٍ خصبة للأمراض.