كشف مواطن سعودي عن تفاصيل التعذيب الذي تعرض له والده الطبيب الذي يحمل الجنسيتين السعودية والأمريكية، في السجون السعودية بعد اعتقاله دون أي تهم أو محاكمة.
وقالت صحيفة The New York Times الأمريكية إن أحمد فتيحي انتظر أكثر من عام كي تُطلق السعودية سراح والده، الطبيب الذي تلقّى تدريبه في جامعة هارفارد.
وقال فتيحي في مقابلة مع الصحيفة الأمريكية، نُشرت تفاصيلها الأربعاء 13 مارس/آذار 2019، إنَّ الحكومة السعودية جرَّدت والدته و6 من أشقائه من جوازات سفرهم الأمريكية، ومنعتهم من مغادرة المملكة وجمَّدت أصولهم.
وأخبر وليد فتيحي، في أثناء إطلاق سراحٍ مؤقت من أجل جراحة خضع لها أحد أبنائه، صديقاً وفرداً من أسرته بأنَّه تعرَّض لجلسة تعذيب في السجون السعودية ، تضمَّنت الصدمات الكهربائية والجَلد.
لذا، لجأ أحمد فتيحي (26 عاماً)، الشهر الماضي (فبراير/شباط 2019)، إلى واشنطن، حيث تؤدي مساعيه للضغط على الكونغرس بشأن قضية والده إلى إضافة مقاومة جديدة لجهود إدارة ترامب لإعادة توطيد العلاقات مع الرياض.
انتقادات أمريكية جديدة للسعودية
كانت السعودية بالفعل تعاني لتجاوز رد الفعل القوي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس على مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، وهو الصحفي المقيم بالولايات المتحدة ويعمل كاتباً لدى صحيفة The Washington Post الأمريكية والذي كَمَنَ له عملاء سعوديون بالقنصلية السعودية في إسطنبول الخريف الماضي وقطَّعوا أوصاله.
الآن، أدَّت نداءات أحمد إلى موجة جديدة من الانتقادات المُوجَّهة من الحزبين إلى المملكة بسبب معاملة المعتقلين في السجون السعودية .
إذ أصدر الرئيس الديمقراطي للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب وزعيم الأقلية الجمهورية باللجنة بياناً مشتركاً غير معتاد، يُدين فيه الحزبان الديمقراطي والجمهوري معاملة وليد فتيحي، ويطالبان بإطلاق سراحه.
وفي أثناء جلسة تأكيد تعيين مرشح الرئيس دونالد ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى السعودية، الجنرال جون أبي زيد، في مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي، أثار أعضاء من كلا الحزبين قضية فتيحي مِراراً.
واتهم السيناتور ماركو روبيو (الجمهوري عن ولاية فلوريدا) وليَّ العهد السعودي محمد بن سلمان بأنَّه "بات زعيم عصابة تماماً".
ويُتوقَّع ظهور أحمد علناً، الخميس 14 مارس/آذار 2019، للمرة الأولى، كي يتحدث عن مزاعم التعذيب في السجون السعودية ، بمؤتمرٍ صحفي مع السيناتور باتريك ليهي الممثل عن ولاية فيرمونت، وهو كبير الديمقراطيين بلجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ.
المسؤولون ينفون تعذيب المعتقلين في السجون السعودية
ولم يردَّ متحدثٌ باسم السفارة السعودية في واشنطن على أسئلةٍ أخرى بشأن معاملة وليد فتيحي وأسرته. ويوجد أحمد بصورةٍ ما في موضعٍ يُخوِّله مناشدة الجمهور الأمريكي لأجل والده.
فقد وُلِد في مدينة بوسطن الأمريكية، وعاش هناك حتى سِن العاشرة، ثُمَّ عاد إلى ارتياد الكلية بجامعة ميامي، ويعيش الآن في مدينة لوس أنجلوس. ومع أنَّ أسرته تعيش الآن بمدينة جدة السعودية، قضى أحمد الجزء الأكبر من حياته في الولايات المتحدة.
وقال أحمد في مقابلة هاتفية من منطقة واشنطن: "نعم يا رجل، أمريكا أولاً 100%".
وكان والده وليد فتيحي (54 عاماً)، قد أسَّس مستشفىً خاصاً في جدة، وأصبح متحدثاً تحفيزياً مشهوراً. وكان من بين أكثر من 200 ثري سعودي أُلقي القبض عليهم، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ضمن حملة اعتقالات صُوِّرَت باعتبارها حملةً على الفساد.
وقال أحمد إنَّ والده أخبر الأسرة بأنَّه لا علم لديه بأي مزاعم أو أدلة ضده. وأضاف الابن: "لا يوجد سبب على الإطلاق".
ومنذ ذلك الحين، أُطلِق سراح معظم الذين احتُجِزوا بالتزامن مع وليد فتيحي. لكنَّ نجله قال إنَّ المعتقلين السابقين في السجون السعودية وأُسرهم يخشى بعضهم الحديث إلى بعض، وتعقد أسرته أنَّ الحكومة حذَّرتهم بتجنُّب التواصل بعضهم مع بعض باعتبار ذلك شرطاً من شروط الإفراج عنهم. وقال: "كل شخص يعيش منعزلاً في فقاعة".
ضغوط واشنطن للإفراج عن الطبيب الأمريكي
وقال أحمد إنَّه كان يزور مكتب والده الطبي في جدة حين جاءت مجموعة من ضباط الأمن بملابس مدنية من أجل الطبيب.
وقال الابن إنَّه حصل على إذنٍ خاص من السلطات السعودية لمغادرة المملكة العام الماضي (2018)، بهدف رعاية أصول الأسرة بالخارج، بما أنَّ أصولها داخل المملكة جُمِّدَت.
تعود معظم الأنباء التي علمتها الأسرة عن وليد منذ إلقاء القبض عليه –وضمن ذلك الرواية المتعلقة بتعذيبه- إلى الفترة بعد مرور بضعة أيام من شهر يناير/كانون الثاني 2018، حين سُمِح لوليد بالخروج من أحد السجون السعودية لزيارة ابنه في أحد المستشفيات بعد خضوعه لعملية جراحية.
وقال أحمد إنَّ حجم جسم والده "قلَّ بمقدار النصف، وكان مثيراً للمشاعر جداً".
كانت الأسرة في البداية تأمل أن تطلق السلطات السعودية سراح الأب سريعاً من تلقاء نفسها، أو أن تؤمِّن المناشدات من خلف الكواليس إطلاق سراحه.
لكنَّ الابن قال إنَّ المناشدات الأخيرة من وزارة الخارجية الأمريكية والكونغرس بدا أنَّها تحرز بعض التقدم. فقال أحمد إنَّه لم يُسمَح من قبلُ للأب إلا بزيارتين فقط من المسؤولين القنصليين الأمريكيين، وكان هذا بعد مرور عام على سجنه، لكنَّه سُمِح له في الأسابيع الخمسة الأخيرة بأكثر من 3 زيارات أخرى، كلها كانت تحظى بمتابعة وثيقة.
وأضاف أحمد: "الآن باتت لديه زنزانة أكبر قليلاً وبعض الوقت للتريُّض".
كانت هناك أيضاً مفاجآت في انتظار العائلة
فقال أحمد إنَّ أسرته قبل نحو أسبوعين، فُوجِئَت برؤية الدكتور وليد على باب المنزل. وكانت مجموعة من الجنود المسلحين ببنادق آلية قد اقتادته إلى هناك وهو مكبَّل الساقين، وأمروه بتحديد موقع كل جهاز مُحوسَب داخل المنزل.
وأضاف الابن: "قال لهم: (أنا حتى لا أتذكر، فلم آتِ إلى هنا منذ أكثر من سنة)".
ووقفت زوجة وليد وأبناؤه يشاهدون ما يحدث وهم يبكون.
كان التفتيش غير معتاد، لأنَّه جرى قبل أكثر من عام بعد اعتقال الرجل، وكان بإمكان الجنود تمشيط المكان بدرجة الفاعلية نفسها دون أن يكون معهم وليد. وقال ابنه إنَّ الأسرة تعتقد أنَّ الأمر كان يهدف بالأساس إلى إخافتهم من مواصلة الضغط في واشنطن.