على الرغم من بوادر التهدئة في قطاع غزة، التي بدأت ملامحها تظهر نهاية الأسبوع الماضي، شهد القطاع ليلة ساخنة، هي الأخطر ناحية تنفيذها، عندما أقدمت قوة إسرائيلية خاصة على الدخول إلى إحدى مدن القطاع لتنفيذ عملية جريئة ضد أحد قادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وأسفرت عن قتل الاحتلال لـ7 فلسطينيين، إضافة لمقتل ضابط إسرائيلي.
بدأت القصة مساء الأحد 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، في حدود الساعة العاشرة ليلاً، عندما تسللت سيارة نوع "فولكس فاغن" بعمق 3 كم شرقي خانيونس، وتوقفت أمام منزل القائد في كتائب القسام نور بركة، ومكثت لعدة دقائق.
أثار توقف السيارة الغريبة في المنطقة الشبهات، ما دفع بركة لملاحقتها برفقة عدد من المقاومين المتواجدين في المنطقة، بحسب ما نقلته شبكة القدس الإخبارية عن مصادر وصفتها بالمطلعة.
تمكن المقاومون الفلسطينيون من اللحاق بالسيارة المشبوهة، وأجبروها على التوقف، وعندما طلبوا من ركابها إبراز هوياتهم الشخصية، وهو ما حدث بالفعل، قام أفراد القوة الخاصة الجالسون في المقاعد الخلفية بإطلاق النار بشكل مباغت تجاه المقاومين.
وقد تخفى عدد من أفراد القوة الخاصة الإسرائيلية بزي نساء، وهم الذين فاجأوا المقاومين عندما قاموا بإطلاق النار من المقاعد الخلفية.
بدء عملية المطاردة
بعدها، انطلق أفراد القوة الخاصة بسيارتهم بسرعة، فيما قام بعض المصابين من عناصر المقاومة الذين كانوا برفقة بركة بإجراء اتصالات مع وحدات المقاومة المختلفة.
وبدأت عملية مطاردة عنيفة للسيارة الإسرائيلية من المقاومين الفلسطينيين في المنطقة، فقد كانت السيارة تتجه إلى السلك الحدودي الفاصل.
وعلى الفور تدخل الطيران الحربي الإسرائيلي، وشن عدة غارات، وأطلقت بالونات حرارية.
ونقلت شبكة القدس الإخبارية عن مصادرها أن القصف الإسرائيلي استهدف كل من لاحق السيارة، وهو ما أدى لوقوع عدد من الضحايا الفلسطينيين.
فيما تمكنت القوة الخاصة الإسرائيلية من الانسحاب.
الهدف من العملية لم يكن القتل
ومن النادر وقوع مثل هذه العمليات في قطاع غزة منذ انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، فقد اقتصر التصعيد في القطاع على القصف المتبادل، وتوغلات محدودة لقوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، باستثناء الحروب التي شنتها إسرائيل على غزة في الأعوام، 2008، 2012، 2014.
وعلى ما يبدو فإن الهدف من العملية لم يكن تنفيذ عملية اغتيال بحق شخص ما، إنما يتعدى ذلك، لأنه لو أرادت إسرائيل قتل أي شخص، فإنه بإمكانها استهدافه بقصف جوي مثلاً، بعيداً عن المخاطرة بحياة جنودها بالدخول إلى قطاع غزة.
هذا الأمر هو ما أكدته القناة العاشرة الإسرائيلية، وقالت إن الهدف من العملية لم يكن تنفيذ عملية اغتيال عادية.
وأضافت: "إن القوة الإسرائيلية حاولت اختطاف القيادي في كتائب القسام نور بركة قبل قتله".
حصيلة العملية
ونعت كتائب القسام بركة، ووصفته بأنه أحد أعضاء المجلس العسكري لكتائب القسام، وأنه القائد الميداني لها في منطقة خانيونس.
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد 7 فلسطينيين، بينهم بركة، وإصابة 7 آخرين، جراء هجوم إسرائيلي وقع قرب الحدود الشرقية لمدينة خانيونس، جنوبي القطاع.
وقال أشرف القدرة، الناطق باسم الوزارة، في بيان وصل لوكالة الأناضول نسخة منه، إن "7 فلسطينيين استشهدوا وأصيب 7 آخرون، جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة شرق مدينة خانيونس".
إسرائيلياً، قال الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، في بيان مقتضب، إنه "وخلال نشاط أمني في منطقة قطاع غزة اندلعت اشتباكات. تفاصيل إضافية لاحقاً".
واعترف الاحتلال الإسرائيلي في وقت لاحق، بمقتل ضابط وإصابة آخر بجروح متوسطة، وذلك خلال ما وصفها بـ "عملية تشغيلية لقوة خاصة في قطاع غزة".
وكان الجيش الإسرائيلي قد قال في بيان سابق، إن قواته نفذت عملية أمنية في قطاع غزة، وإن اشتباكات اندلعت على أثرها، دون تقديم معلومات إضافية.
وفي بيان لاحق، قال الجيش إنه شن عشرات الغارات على القطاع.