عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم وزعيم أكبر حزب سياسي معارض بالجزائر، عرف بانتقاده للنظام الجزائري وللأوضاع التي آلت إليها البلاد، ويؤمن بأن الحظوظ لا تزال قائمة ليحتل التيار الإسلامي مكانة الريادة بالجزائر رغم الضغوط وتزوير الانتخابات.
التقاه "عربي بوست" للحديث عن التغييرات المتسارعة التي تشهدها الجزائر في الفترة الأخيرة، عن ما يحدث في البرلمان بعد استقالة رئيسه وتراجعه عنها، وعن ترتيبات رئاسيات 2019 ومعارضتهم كحزب للولاية الخامسة للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة وشروط مشاركتهم في الانتخابات القادمة.
كما تحدث أيضاً عن وضع الإخوان المسلمين في مصر وحكم الإسلاميين للمغرب والأزمة الليبية وسبل حلها.
رئاسيات 2019 تطبخ على نار الأزمة الحالية
- يعيش البرلمان حالة من الصراع، كيف تقرأون ما يحصل داخل هذه المؤسسة التشريعية؟
أصدرنا بياناً في هذا الشأن، قلنا إن هذه التحركات لا تعنينا، لأنها تتعلق بحزب يتصارع فيما بينه، وتتعلق بأحزاب الموالاة المتصارعة فيما بينها، وهذا يدل على أن المجلس الشعبي الوطني لا يحكم نفسه، بل هناك أطراف فوقية هي التي تتصرف ويبدو أنها متصارعة فيما بينها، ولذلك أدى هذا الصراع إلى صراع آخر داخل الموالاة في حد ذاتها.
والحق أن هذه حالة غير مسبوقة، أضرت بصورة الجزائر وترسخ لتصرفات غير قانونية وغير دستورية، وهذه الأزمة ليست في صالح البلد.
- في حال استمر الوضع على حاله، هل يمكن أن تبادر الحركة في مساعي الوساطة؟
نحن لم يطلب منا أن نؤدي هذا الدور، لما نتحدث عن الوساطة يجب على الأطراف المعنية أن تطلب الوساطة.
لكن في المقابل دعونا إلى التوقف عن هذه التصرفات التي لا تنفع صورة البلد، ولا تنفع أيضاً المجلس الشعبي الوطني الذي هو أصلاً مخدوش المصداقية ومخدوش الشرعية، باعتبار أنه مُشكل من تزوير انتخابي كبير.
للأسف الشديد هذا يدل مرة أخرى على أن هناك أزمة كبيرة داخل النظام السياسي وداخل البلد ككل.
- هناك من يربط أزمة البرلمان بترتيبات الاستحقاق الرئاسي القادم، هل تؤيدون هذه الفرضية؟
أغلب الظن أن للأزمة الحاصلة علاقة بالرئاسيات 2019، هناك محاولة إعادة توزيع المشهد وفق النقاشات والخلافات والصراعات الموجودة داخل منظومة الحكم، ويبدو أنهم لم يتوصلوا بعد إلى اتفاق نهائي في هذا الموضوع، فكل ما يحدث له علاقة بالانتخابات الرئاسية 2019.
وللأسف الشديد هذا يدل على أن الشيء الوحيد الذي يهم الحكام هو مسألة السلطة ومسألة الكرسي، لا يوجد من يهتم بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الخطير للبلد ولا يوجد من يقلق على مصير البلد المعرض لمخاطر كبيرة بالنظر للمخاطر الجهوية والإقليمية التي تهدد الجزائر.
كنا نتوقع أن ينتفض النواب على أمور تتعلق بمعيشة الجزائريين، وتتعلق بأحوال البلد، لكنهم لم ينتفضوا لهذا، بل لم ينتفضوا حتى على نزع صلاحياتهم وإهانة بعضهم وانتفضوا لما جاءتهم أوامر فوقية بضرورة التحرك.
العهدة الخامسة مرفوضة وبوتفليقة عاجز
- تدعو العديد من الأحزاب الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، هل يمكن أن تسلك الحركة هذا الاتجاه؟
نحن رفضنا العهدة الرابعة فكيف لا نرفض العهدة الخامسة؟
العهدة الخامسة كذلك مرفوضة لدينا لأسباب صحية، السيد رئيس الجمهورية ليست له القدرة على الاستمرار في الحكم.
- دخولكم الرئاسيات هل هو مرتبط بمشاركة بوتفليقة من عدمه؟
في حالة وجود عهدة خامسة يصعب على الحركة أن تتجه نحو المشاركة في الانتخابات، التوجه العام الموجود داخل الحركة، إذا كان هناك ترشح للرئيس عبد العزيز بوتفليقة فإنه يصعب المشاركة.. ولكن عموماً فإن مؤسسات الحركة لم تتخذ قراراً بعد.
- ألا يوجد خيار بإمكانية دعم مرشح رئاسي من خارج الحركة؟
عرضنا مبادرة أسميناها مبادرة "التوافق الوطني"، تمثل رؤية اقتصادية وسياسية، تبدأ بتوافق على مرشح مشترك للطبقة السياسية موالاة ومعارضة من أجل الدخول في مرحلة توافقية لمدة خمس سنوات، فإذا نجحت مبادرة التوافق الوطني، سنسند هذا المشروع.
وإذا لم تنجح المبادرة سنتحدث مع المعارضة مادام أن هناك من عرض علينا مرشحاً مشتركاً للمعارضة، سنناقش هذه الاقتراحات التي عرضت علينا ونحن منفتحون على مناقشة هذا الموضوع.
وإذا لم ينجح هذا العرض أيضاً سنترشح باسم حركة مجتمع السلم.
- في حال عرضت عليكم المشاركة في الحكومة، ما هي شروطكم؟
نشارك في الحكومة حينما ننجح في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.. نحن الآن بعيدون عن إعادة تشكيل الحكومة، لأنها تشكل على إثر انتخابات تشريعية، وهذه الأخيرة ستكون في 2022، لكن إذا نجحت مبادرة التوافق الوطني التي تنص على حكومة موسعة من أجل قيادة الإصلاحات السياسية والاقتصادية، عندئذ نكون معنيين بالحكومة كغيرنا من الأحزاب التي تتوافق فيما بينها.
النهضة التونسية قدوة للإسلاميين
- على المستوى المغاربي ماذا استفادت الحركة من التجربة التونسية عموماً ومن النهضة خاصة؟
أي تجربة سواء كانت في المغرب الكبير أو العالم وفيها ديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة فإننا نستفيد منها، فرصة للإصرار على الحريات والحرية وإصرار على أن لا تزور الانتخابات مرة أخرى في الجزائر.
- اليوم الإخوان هم من يحكم في المغرب، ما هي نقاط القوة ونقاط الضعف في تجربتهم؟
في المغرب.. لا توجد حركة الإخوان المسلمين.
- هناك حزب العدالة والتنمية وهم محسوبون على الإخوان؟
لا لا.. ليسوا من تنظيم الإخون المسلمين.
- طيب ما هي نقاط قوتهم كحزب إسلامي؟
قوتهم تتمثل في تواجدهم المجتمعي مما يجعلهم يكسبون الانتخابات. ولهم قوة داخل المجتمع المغربي ولا يشكون من آفة التزوير.
مع تقرير مصير الصحراويين وفتح الحدود
- بالنسبة للتوتر في العلاقات بين المغرب والجزائر.. كيف تنظر لهذه الأزمة المتواصلة؟
نحن نأسف لتوتر العلاقات بين البلدين ومتمسكون بمشروع المغرب العربي الذي يوحد شمال إفريقيا ونواصل العمل من أجل تحقيقه، لأننا نعتبر أنه لصالح شعوب المنطقة كلها.
- هل تعتبرون ملف الصحراء الغربية هو السبب؟
سبب رئيسي في التوترات الحاصلة ونحن في الجزائر، ونحن مع الطبقة السياسية في أن الشعب الصحراوي له الحق في تقرير المصير.. بمعنى إذا أراد أن يبقى داخل الدولة المغربية فهذا حقه وإذا أراد أن ينفصل عنها فذلك أيضاً حقه.
- ماذا تقترحون لفتح الحدود بين المغرب والجزائر؟
رغم موقفنا الموحد كجزائريين بخصوص الصحراء الغربية، إلا أننا نرى أنه يجب فتح الحدود، ليست هناك أسباب وجيهة لاستمرار غلق الحدود.
عام ليس كافياً للحكم على إخوان مصر
- ماذا جرى وماذا حصل في مصر.. لماذا فشل الإخوان في الحكم؟
الإخوان فازوا ولم يفشلوا.. ثم هل يعقل أن نحكم على حزب استمر أقل من سنة في الحكم بالفشل؟ قواعد الديمقراطية تقول بأنه يجب ترك الحزب الفائز بالانتخابات ليحكم عهدة كاملة وبعدها نترك الشعب ليقرر هل فشل أم لم يفشل.
هل من العدل أن نصف تجربة أقل من سنة بالفشل؟ لماذا لا نقول هذا عن تجارب أخرى في العالم الديمقراطي؟
السؤال غير عادل.. الجميع يعرف أن التنمية تتطلب وقتاً، وإلا لماذا تستمر العهدة 5 سنوات؟ إذا لم تكن لإتاحة الوقت للحزب، إنه في السنة الأولى يرتب أموره ووضعه وبعدها يشرع في العمل.
الإخوان المسلمون في مصر لم يفشلوا وإنما وقع عليهم انقلاب عسكري من جنرال عسكري، انقلاب دموي ولم يفشلوا في تسيير الحكم.
- في ليبيا هل يستطيع الإخوان المسلمون جمع شمل البلاد والخروج بها من الأزمة؟
لولا تدخل القوى الأجنبية في الملف الليبي لاستطاع الليبيون بمختلف تشكيلاتهم سواء كانوا من تيار وطني أو إسلامي إخوان أو غير إخوان أو تيارات علمانية. بإمكان التعددية أن تصل إلى حلول حينما لا يكون هناك تدخل أجنبي.. السبب الرئيسي لاستمرار المشكل في ليبيا هو التدخل الأجنبي.