الطائرات بدون طيار الصينية باتت تحلّق بكثافة فوق الشرق الأوسط.. لماذا تتفوق على الأميركية في معركة حصد الأرواح؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/03 الساعة 20:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/03 الساعة 20:20 بتوقيت غرينتش
Military drone rocket attack - 3d rendered image. Illustration of UAV remotely-operated. Aerial view. Desert. Landscape like Iraq, Iran, Afghanistan, Syria. Military technology concept.

كانت إحدى الطائرات بدون طيار الصينية الصنع وليست الأميركية، هي التي قتلت القيادي الحوثي البارز صالح الصماد في أبريل/نيسان 2018.

ولم يكن هذا بسبب عداء صيني مستجدّ للحوثيين أو دعم صيني محتمل للتحالف العربي في اليمن، ولكن الأمر كان مرتبطاً بأسباب تجارية بحتة.

منذ الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، تحلّق الطائرات بدون طيار الأميركية بكثافة في أجواء اليمن والعراق وأفغانستان، واستُخدِمت الطائرات بدون طيار الأميركية باليمن لأول مرة، من أجل قتل مسلحي "القاعدة" المشتبه فيهم عام 2002.

ولكن اليوم، سماوات ساحات المعارك بالشرق الأوسط تشهد مزيداُ من الطائرات بدون طيار الصينية التي تتنافس مع الأميركية في معركة حصد الأرواح، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأميركية.

والسبب في ذلك ليس كفاءتها التي تشهد تطوراً لا شك فيه، وإنما العامل الأهم هو طبيعة السياسة الصينية الأقل التزاماً بالقيود على مبيعات هذا السلاح.

هكذا جعلت واشنطن الطائرات بدون طيار الصينية الأولى عالمياً

بات تجار الأسلحة الصينية، الذين يُمثِّلون المُوزِّع الرئيسي الطائرات بدون طيار المسلحة في العالم، يداعبون الدول التي أُوصِدَت في وجهها أبواب شراء الطائرات بدون طيار أميركية الصنع في أنحاء الشرق الأوسط؛ بسبب القواعد المتعلقة بالسقوط المفرط للضحايا المدنيين.

وقال سونغ تشونغ بينغ، المحلل العسكري الصيني والمُحاضِر السابق بجامعة هندسة قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني: "المُنتَج الصيني لم يعد يفتقر إلى التكنولوجيا، فقط يفتقر إلى الحصة السوقية".

و"تقييد الولايات المتحدة صادراتها من الأسلحة هو بالضبط ما يمنح الصين فرصةً كبيرة"، حسب قوله.

فاهتمام الصين أقل بشأن المخاوف من سقوط ضحايا مدنيين

وتساعد تلك المبيعات في توسيع النفوذ الصيني بمنطقةٍ حيوية لمصالح الأمن الأميركي.

وقال دوغلاس باري، خبير سلاح الجو بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "إنَّها استراتيجية مُقيِّدة بالنسبة للأميركيين، والصينيون سيتطلعون إلى تحقيق المنفعة من ذلك".

ويضيف قائلاً: "أعتقد أنَّ الصينيين أقل عُرضة بكثير للتأثر بالمخاوف المتعلقة بالضحايا المدنيين".

وها هي طائرات البلدين تتجاور في ساحات المعارك لأول مرة

الصماد القيادي الحوثي الذي قتل بواسطة إحدى الطائرات بدون طيار الصينية الصنع
الصماد القيادي الحوثي الذي قتل بواسطة إحدى الطائرات بدون طيار الصينية الصنع

في بداية العام الحالي (2018)، التقط قمرٌ اصطناعي صور طائرات مراقَبة بدون طيار أميركية الصنع بأحد المطارات إلى جانب نظيراتها صينية الصنع.

ووفقاً لمركز دراسات الطائرات بدون طيار بكلية بارد في نيويورك، كان هذا أول مثال مُوثَّق على استخدام كلا نظامي الطائرات بدون طيار في الحرب الدائرة باليمن.  

وقال دان غيتينغر، المدير المشارك في المركز، إنَّ اليمن برز باعتباره "ساحة اختبار بصورةٍ ما لهذه الطائرات القادرة على توجيه الضربات.

وأضاف أن "هناك فترة تحوُّل سريعة بين تسليم هذه الطائرات وبدء نشرها واستخدامها".

كما أن الطائرات بدون طيار الصينية لها مميزات أخرى تجذب العملاء

وتُعَد طائرة Cai-Hong بدون طيار، أو المعروفة باسم Rainbow، من بين أكبر الصادرات الصينية، وهي سلسلة تُصنِّعها مؤسسة تكنولوجيا وعلوم الفضاء الجوي الصينية، أكبر مُتعهِّد لبرنامج الفضاء الصيني.

إحدى الطائرات بدون طيار الصينية في معرض باريس الجوي 2017/istock
إحدى الطائرات بدون طيار الصينية في معرض باريس الجوي 2017/istock

ويقارع نموذجا CH-4 وCH-5 من صنع المؤسسة نموذجي Predator وReaper من صناعة شركة General Atomics للصناعات العسكرية الأميركية ومقرها مدينة سان دييغو، فضلاً عن أنَّ الطائرتين الصينيتين أرخص كثيراً.

ولكن لا تضاهي مُنافِساتها الأميركية التي لديها أفضلية تكنولوجية

يقول المحللون المستقلون إنَّ النموذجين الصينيين متأخران بكثير خلف نظيريهما الأميركيين، لكنَّ التكنولوجيا جيدة بما يكفي لتبرير فرق السعر، الذي قد يصل إلى النصف أو أقل.

وقال مسؤول تنفيذي بالمؤسسة الصينية، تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هُويته؛ لأنَّه ليس مُخوَّلاً له الحديث للصحافيين، إنَّ النماذج الأميركية المتطورة مثل نموذج Stingray من صناعة شركة Boeing والذي قُدِّم هذا العام (2018) للبحرية الأميركية، لا يزال يتمتع بالأفضلية التكنولوجية.

وبحسب أولريك فرانك، خبيرة الطائرات بدون طيار وزميلة السياسة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإنَّه في حين يُمثِّل السعر ميزة، فإنَّ الموقف الصيني الأكثر مرونة تجاه الكيفية التي تُستخدَم بها الطائرات بدون طيار يُمثِّل ميزة هو الآخر.

والنتيجة أن الزبائن يتزايدون وبينهم حلفاء تقليديون للولايات المتحدة

ووفقاً لمؤسسة تكنولوجيا وعلوم الفضاء الجوي الصينية، باعت الصين منذ 2014 أكثر من 30 طائرة بدون طيار من طراز Ch-4 إلى بلدان، من بينها السعودية والعراق، في صفقات تبلغ قيمتها أكثر من 700 مليون دولار.

وبحسب المؤسسة، فإنَّ 10 بلدان تتفاوض حالياً لشراء الطائرة نفسها.

وباعت الصين للإمارات، العام الماضي (2017)، طائرة Wing Loong II، وهي طائرة بدون طيار مسلحة تكافئ تقريباً طائرة MQ-9 Reaper الأميركية.

وقال المسؤول التنفيذي الكبير بالمؤسسة الصينية: "في السنوات الأخيرة، أثبتت كل أنواع الطائرات بدون طيار قيمتها وأهميتها، من خلال درجة الاستخدام العالية لها في الحرب، والجيوش لاحظت ذلك، والكثير من الدول الآن تسارع بتطوير منظومات الأسلحة هذه، وضمنها الصين".

ومع أن مبيعات الصين العسكرية متأخرة عن القوى الكبرى الأخرى، فإنها تنمو بشكل لافت

وفي السنوات الخمس التي قضاها الرئيس الصيني شي جين بينغ في الحكم، زادت بكين إنفاقها على المقاتلات الشبحية وحاملات الطائرات لجيشها، في حين عزَّزت مبيعات المعدات المتطورة، مثل الغواصات الهجومية، إلى  الحلفاء المقربين مثل باكستان.

ولا تزال الصين تقبع خلف كلٍّ من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا من حيث مبيعات الأسلحة الإجمالية، لكنَّها تلحق بالرَّكب.

فوفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي يتتبع تجارة الأسلحة العالمية، زادت صادرات الأسلحة الصينية بنسبة 38% بين فترتي 2008-2012 وحتى 2013-2017.

خاصة بعد تقييد الولايات المتحدة مبيعات هذا السلاح بسبب عدد الضحايا

ودفع الانتقاد المتصاعد، على خلفية حصيلة الضحايا المدنيين المتزايدة في اليمن، الولايات المتحدة لفرض قيود على مبيعات الطائرات دون طيار .

وأجبرت هذه القيود الدول الأجنبية على اجتياز الحكومة الأميركية أولاً؛ كي تتمكَّن من شراء الطائرات بدون طيار المسلحة، وضمن ذلك أنظمة التوجيه بالليزر.

وتُقدِّر مؤسسة أميركا الجديدة في واشنطن، أنَّ أكثر من 240 غارة لطائرات من دون طيار في اليمن أسفرت عن مقتل أكثر من 1300 شخص، بينهم 111 مدنياً على الأقل.

والآن يبدو أن أميركا على وشك تخفيف مخاوفها بشأن المدنيين لحماية حصتها

تزايد حصة الصين من سوق الطائرات بدون طيار يقلق واشنطن/istock
تزايد حصة الصين من سوق الطائرات بدون طيار يقلق واشنطن/istock

لكن في ظل ازدهار المبيعات الصينية المنافسة من الطائرات من دون طيار، هناك ضغطٌ متزايد من جانب صانعي السلاح الأميركيين لإزالة القيود، للسماح لهم باللحاق ببكين.

وبعدما حثَّ بعض أعضاء الكونغرس الأميركي الرئيس دونالد ترمب على تخفيف القيود والسماح لشركة General Atomics ببيع طائرات Reapers المسلحة من دون طيار للأردن والإمارات ، سمحت الإدارة الأميركية في 19 أبريل/نيسان 2018، للمُصنِّعين الأميركيين بالتسويق وبيع الطائرات بدون طيار مباشرةً، ومن ضمنها النسخ المسلحة منها.

ولم تستجب شركة General Atomics لطلبٍ من Bloomberg للتعليق على المسألة.

ورغم غموض البيانات الصينية، فإن عمليات رصد الطائرات بدون طيار تُظهر أن هؤلاء أهم زبائنها

ولا تعلن الصين عن مبيعات الأسلحة بصورة روتينية كما تفعل الولايات المتحدة ودولٌ أخرى، لكنَّ مراجعةً لعمليات رصد الطائرات من دون طيار تُقدِّم بعض المؤشرات عمَّن هم زبائنها، وفقاً لما أورده تقرير الوكالة الأميركية.

– في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بالعراق، تفقَّد وزير الدفاع آنذاك طائرة من دون طيار من طراز CH-4 بإحدى القواعد الجوية في مدينة الكوت.

– وفقاً لصور أقمار اصطناعية حللها مركز دراسات الطائرات من دون طيار، تعمل طائرات بدون طيار صينية مسلحة بمطار الزرقاء الأردني، وفي قاعدة جوية في باكستان، وبقواعد في مصر بشبه جزيرة سيناء وقرب حدود البلاد مع ليبيا.

– أوردت مجلة IHS Jane's Defense Weekly، في يناير/كانون الثاني 2018، أنَّ صور أقمار اصطناعية التُقِطَت لقاعدة جوية غامضة أقصى جنوبي الإمارات –وهي منطقة صحراوية معروفة بالربع الخالي- يبدو أنَّها تُظهِر 3 من الطائرات بدون طيار من طراز  Wing Loong II.

– وفقاً لمركز دراسات الطائرات بدون طيار ، رصد قمرٌ اصطناعي طائرتين بدون طيار من طراز CH-4، إلى جانب طائرات للمراقبة فقط من طراز Predator اشترتها الإمارات، بمطار جازان الإقليمي جنوب السعودية قرب حدود المملكة مع اليمن.

– وخارج الشرق الأوسط، استخدمت نيجيريا طائرات بدون طيار صينية مسلحة ضد جماعة "بوكو حرام" المُتشددة.

علامات:
تحميل المزيد