تحركات ولي العهد السعودي «المتهورة» تُحيِّر العالم..  The Time تكشف رسالة الأمير بن سلمان الحقيقية للغرب من «حربه الدبلوماسية» ضد كندا

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/10 الساعة 15:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/10 الساعة 15:49 بتوقيت غرينتش
ولي العهد السعودي بات في مأزق بسبب جمال خاشقجي/ رويترز

يقود ولي العهد السعودي الشاب، محمد بن سلمان بلاده بسرعة تغيير كبيرة. وقد أدى هذا الأمر إلى البهجة داخل السعودية وتسبَّب في صعود القومية. لكن منذ أن أصبح بن سلمان ولياً للعهد العام الماضي (2017)، أصبحت تحركاته مصدر قلقٍ للمجتمع الدبلوماسي الدولي. وقد أصبحت هذه التحركات غير المتوقعة والمتهورة أسلوباً دبلوماسياً لولي العهد.

وحسب تقرير لمجلة Time الأميركية، فإنَّ محمد بن سلمان يدفع سياسته الخارجية إلى أقصى الحدود، بدءاً من الاختطاف المزعوم لرئيس الوزراء اللبناني لإجباره على التنصُّل من نفوذ حزب الله وإيران في السياسة اللبنانية، إلى قطع جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع جارته قطر، الدولة العضوة بمجلس التعاون الخليجي، وحتى الحرب التي باتت حرونة الآن ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

"السعودية الجديدة" تُصوِّب مدفعها صوب الحكومات الغربية

ويبدو أنَّ الوقت قد حان الآن للهجوم على الحكومات الغربية التي تجرؤ على انتقاد سجلِّ السعودية في مجال حقوق الإنسان، تقول المجلة الأميركية. وتوضح أن الدول التي تتحدث علانيةً ستخسر مليارات الدولارات من الصفقات التجارية المربحة. وكذا، كانت السعودية يوم الإثنين 6 أغسطس/آب 2018، مستعدة لقطع علاقاتها مع كندا؛ لتحقيق هدفها الأوسع، بإعلام العالم أنَّ السعودية الجديدة جادة بشأن رفض الانتقاد والتدخل غير المرغوب في شؤونها الداخلية. ففي نهاية المطاف، الروابط الاقتصادية الثنائية أمرٌ هامشي عندما يتعلق الأمر بالصورة الكلية. الأمر المهم للرياض أن تُسمَع الرسالة بشكل واضح في كل العالم.

وقد شعرت كلٌ من السويد عام 2015، وألمانيا عام 2017 بغضبٍ سعودي مشابه عندما انتقدتا وضع حقوق الإنسان في المملكة. فاستدعت المملكة سفيريها لدى البلدين الأوروبيين بشكلٍ مؤقت، وعلَّقت بعض الصفقات التجارية. لكنَّ ولي العهد يأخذ خلافه الدبلوماسي مع كندا إلى مستوى مختلف للغاية: طرد السفير الكندي، وإيقاف صفقات تجارية واستثمارية جديدة، وتعليق رحلات طيران الخطوط الجوية السعودية إلى كندا، والتخلي عن الحيازات الحكومية لجميع الأصول والسندات الكندية في محفظتها المالية، وإرجاع المرضى السعوديين من المستشفيات الكندية، وإخبار نحو 15 ألف طالب سعودي بكندا، يدرسون في منح مدعومة من الحكومة، بإيجاد ترتيبات بديلة في الخارج، واستدعاء 800 طبيب سعودي يتدربون في مجال الرعاية الصحية الكندية للعودة إلى ديارهم. وكل هذا في أقل من أسبوع، منذ أن كتبت وزارة الخارجية الكندية تغريدة تنتقد فيها سجلَّ السعودية في حقوق الإنسان.

والإعلام انخرط بشكل قوي، وصوَّر كندا كأنها "منارة للقمع العالمي"

لو كان النزاع مع قطر يُشكِّل أي مؤشر حول المسار الذي ستتجه إليه الأمور مع كندا، فإنَّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لن يترك مجالاً للتسوية، وسيطلب المُحال من الحكومة الكندية، ويستمر في انتقاد كندا بكل مناسبة. وقد صوَّر التلفزيون السعودي الحكومي بالفعل كندا -الدولة ذات السمعة الجيدة في الترحيب بالأقليات واللاجئين- كأنها منارة للقمع العالمي. ويأتي هذا التشهير الكبير بسمعة دولة ما من كتيب القواعد نفسه الذي اتبعته السعودية مع قطر.

ولا شيء يطفئ غضب ولي العهد السعودي غير استقالة وزيرة الخارجية

فما الخطوة التالية إذاً؟ ما لم تستقِل وزيرة خارجية كندا ، فإنَّ هذه العداوة من المرجح أن تستمر إلى حين حدوث تغيير في الحكومة. ولما كان ولي العهد شاباً صغيراً (32 عاماً)، وعزَّز السلطة حوله على نحو فعال، فإنَّ التغيير في حكومة كندا هو ما سينهي هذا الخلاف الدبلوماسي. وستجري كندا انتخابات في أكتوبر/تشرين الأول 2019. وحتى ذلك الحين، توقَّعوا المزيد من التطرف. ففي نهاية المطاف، تحاول السعودية -حرفياً- فصل نفسها عن قطر من خلال حفر قناة مائية فعلية بينها وبين شبه الجزيرة القطرية المرتبطة بها. على الأقل، في حالة كندا، يمكننا أن نكون شاكرين؛ لأنَّنا لا نتشارك حدوداً مع السعودية.

إلا أن الشيء المثير للدهشة: لماذا صمتت الولايات المتحدة؟!

لكنَّ البلد الذي تتشارك كندا معه أطول حدود غير محميَّة في العالم، الولايات المتحدة الأميركية، صامت. ويُعَد غياب الدعم الدبلوماسي لكندا من حلفائها التقليديين أمراً مثيراً للدهشة؛ إذ كانت كندا، في أي وقتٍ آخر بالتاريخ، تتوقع دفاع الولايات المتحدة عن كندا وعن قيم الديمقراطية الليبرالية، التي من المفترض أنَّ البلدين يتشاركانها. لكن في ظل إدارة ترمب، فإنَّ الولايات المتحدة ليست هي الولايات المتحدة المعتادة.

فترمب هو الآخر ليس من المعجبين برئيس وزراء كندا جاستن ترودو، الذي وصفه على "تويتر" بالـ"ضعيف"، ومن المحتمل أنَّه غير معجب بالسياسة الخارجية النسوية التي يقول ترودو إنَّه ينتهجها. لا نعرف إذا ما كانت الرياض قد أوضحت هذه الخطوة الدبلوماسية مع واشنطن قبل طرد السفير الكندي، لكنَّ الصمت المطبق من جانب البيت الأبيض حول الأمر يُوضِّح أنَّ ترمب لا يبالي بعلاقة ثنائية تقليدية مع كندا؛ بل ربما يكون ترمب مستمتعاً بفكرة تعرُّض ترودو للضربات من جانب السعودية.

لم يصبح ولي العهد الشاب ملكاً بعد، لكنَّ قطر واليمن والآن كندا، أصبحت جميعها بالفعل في مرمى النيران السعودية . ويبدو واضحاً أنَّ السعودية ستظل ترسل موجات صدمة في الدوائر الدبلوماسية لسنوات قادمة.


اقرأ أيضا

غضبة ولي العهد السعودي على كندا لم تكن بسبب التدوينة.. مجلة أميركية تكشف السبب الحقيقي، وكيف يستقوي الأمير بن سلمان بترمب

عددهم لا يتجاوز المئات، والمملكة شكَّلت غرفة عمليات لمتابعة أحوالهم.. هذا مصير المرضى السعوديين في كندا

قطعت السعودية العلاقات مع كندا، لكن هل سيخسر أي من البلدين جرّاء هذا الخلاف؟.. الأرقام تخبرك بحجم العلاقة بينهما