فرضت الضرائب واعتقلت أمراء ورد فعلها «أرعن ومتسرع».. The Wall Street Journal: خلاف السعودية مع كندا يهدد برد فعلٍ عكسي من المستثمرين

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/07 الساعة 19:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/08 الساعة 13:20 بتوقيت غرينتش

يهدد الخلاف الدبلوماسي السعودي الكندي بتعقيد جهود المملكة لجذب المستثمرين الأجانب، في إطار سعيها لإصلاح اقتصادها، خصوصاً أن رياح عاصفة التغيير التي بدأها ولي العهد محمد بن سلمان لم تهدأ بعد تحت عنوان رؤية 2030.

الأستاذ المساعد والخبير بشؤون الشرق الأوسط في جامعة أوتاوا الكندية توماس جينو قال لصحيفة The Wall Street Journal: "يُعَد تصوير السعودية كوجهة جاذبة للاستثمار والتجارة أحد الافتراضات الأساسية في رؤية السعودية 2030، لكنَّ قرارات السياسة الخارجية الاندفاعية مثل هذه لها تأثيرٌ معاكس تماماً".

الاستثمار الأجنبي تراجع إلى أدنى مستوياته

وعلى الرغم من الانتعاش الأخير في أسعار النفط، عانى قادة السعودية لإقناع الشركات بالمجيء إلى المملكة والاستثمار فيها. وبحسب أرقامٍ تجارية نشرتها الأمم المتحدة، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية إلى 1.4 مليار دولار عام 2017، بعدما كان 7.4 مليار دولار في العام السابق له. ومثَّل هذا التراجع أدنى مستوى منذ 14 عاماً.

وكانت هناك استثناءات جديرة بالملاحظة، تمثلت في اهتماماتٍ متواضعة من جانب المستثمرين، إذ يقيم صندوق التكنولوجيا التابع لمجموعة SoftBank Group Corp والبالغة قيمته 100 مليار دولار مكتباً له في الرياض، واستثمرت شركاتٌ أجنبية، منها الشركات المُشغِّلة لدور السينما، في قطاع الترفيه.  

والمملكة فرضت الضرائب والقيود على العمالة الأجنبية

لكنَّ المملكة بدأت في اتخاذ إجراءاتٍ داخلية أخرى، مثل فرض ضريبة قيمة مضافة جديدة، وتقليص دعم الطاقة، وفرض قيود على توظيف العمالة الأجنبية، جعلت المملكة أقل جاذبية لرؤوس الأموال الأجنبية. وأثار اعتقال رجال أعمال بارزين العام الماضي 2017 ضمن حملةٍ شاملة على الفساد أيضاً قلق المستثمرين.

وقال محللون إنَّ الموقف العدواني للمملكة في السياسة الخارجية بات الآن مبعث قلقٍ كبير، لأنَّه يعكس حساسيةً بين كبار قادة المملكة على الأرجح، ستُعمِّق حالة عدم اليقين لدى المستثمرين.

محللون يرون في مواقفها "رعونة تعكس ردود فعلٍ متسرعة"

وقالت كارين يونغ، خبيرة الاقتصاد السياسي بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن: "هناك رعونة تعكس ردود فعلٍ متسرعة، لا مشاورات مُمعِنة في التفكير. وبالنسبة للشركات، تؤكد هذه الأفعال خطورة إغضاب الأسرة الحاكمة والدولة في عددٍ من القضايا، التي لا توجد بها خطوط حمراء وقواعد واضحة".

كندا ليست الوحيدة في هذا الموقف، إذ توترت العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وألمانيا، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين انتقد وزير الخارجية الألماني آنذاك المملكة بسبب ضغطها على رئيس الوزراء اللبناني للاستقالة. بعد ذلك، أمرت الحكومة السعودية سراً بعدم منح عقود جديدة للشركات الألمانية، وفقاً لأشخاصٍ مطلعين على المسألة.

وقال دبلوماسي مقيم في الخليج: "طرد سفير بسبب انتقادات لقضايا مُتعلِّقة بحقوق الإنسان هو أسوأ ما يمكن أن يحدث. هذا يؤكد الأحكام  المسبقة الموجودة بين رجال الأعمال في أوروبا على سبيل المثال، في حين يساعد المستثمرين القادمين من البلدان التي تُمنَح فيها الأولوية لممارسة الأعمال التجارية، ولا تكترث كثيراً لقضايا حقوق الإنسان".

وحجم التجارة مع كندا ضئيل نسبياً

ومن غير المتوقع أن يؤثر تجميد السعودية التعاملات التجارية مع كندا على الاقتصاد الكندي. فالتجارة الثنائية بين البلدين كانت صغيرة نسبياً، يبلغ إجماليها بحسب بيانات الحكومة الكندية 4 مليارات دولار كندي تقريباً (3.08 مليار دولار أميركي). ووفقاً لآخر بيانات البنك الدولي، استأثرت السعودية بما نسبته 0.24% فقط من الصادرات الكندية عام 2016.

وليس واضحاً ما إن كان الخلاف الدبلوماسي قد يؤثر على صفقاتٍ بعينها، مثل صفقة أسلحة بقيمة 15 مليار دولار كندي (11.57 مليار دولار أميركي) اتُّفِق عليها في 2014 لبيع مركبات مدرعة خفيفة للسعودية من الوحدة الكندية لشركة General Dynamics Land Systems للصناعات العسكرية.

أميركا والأمم المتحدة وأوروبا طالبت بالإفراج عن المعتقلين.. فماذا ستفعل السعودية

وكندا أيضاً ليست الدولة الوحيدة التي دعت لإطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين اعتقلتهم السلطات السعودية في الأشهر الأخيرة؛ إذ عبَّرت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي علناً أيضاً عن قلقها بشأن الاعتقالات.

ومنذ مايو/أيار الماضي، اعتُقِل 18 ناشطاً، أُطلِق سراح 4 منهم مؤقتاً. وكان الكثير من هؤلاء قد دافعوا عن حقوق المرأة، بما في ذلك السماح للنساء بقيادة السيارات، وهو الحق الذي مُنِح لهن في يونيو/حزيران الماضي. وكان من بين النشطاء المعتقلين مؤخراً سمر بدوي، الناشطة البارزة وشقيقة المُدوِّن المسجون رائف بدوي.

الأمر الذي دفع وزيرة الخارجية الكندية إلى الإدلاء بتعليق يطالب بإطلاق سراحهم. السعودية اعتبرت الموقف الكندي تدخلاً في شؤونها الداخلية، فقررت سحب السفراء وتعليق العلاقات التجارية، وسحب الطلاب المبتعثين.

وسيؤثر الخلاف الدبلوماسي مع كندا كذلك على 7 آلاف طالبٍ سعودي يدرسون حالياً ضمن منحٍ مدعومة من الحكومة السعودية. وقال المتحدث باسم وزارة التعليم السعودية مبارك العصيمي، أمس الإثنين 6 أغسطس/آب، إنَّ المملكة ستوقف تمويل المنح وبرامج التدريب في كندا، وستساعد على نقل الطلاب المتأثرين بالقرار إلى دول أخرى.

كما أعلنت شركة الخطوط الجوية السعودية وقف الرحلات إلى كندا، بدءاً من 13 أغسطس/آب.

وقالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، الإثنين، في مؤتمرٍ صحافي في مدينة فانكوفر، إنَّ المسؤولين في انتظار الاطلاع من الجانب السعودي على الصورة التي ستكون عليها العلاقات بين كندا والسعودية، بالنظر إلى هذا الخلاف الدبلوماسي.

علامات:
تحميل المزيد