المال إماراتي والسلاح فرنسي والمقاتل مصري..تفاصيل الدعم الذي تلقاه حفتر لحسم معركة درنة الليبية

حفتر يحاول إنهاء الحرب عبر الاستعانة بقوات خاصة فرنسية ومصرية وجنود مرتزقة لتجنُّب سيناريو بنغازي الذي استمرت 3 سنوات.

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/27 الساعة 19:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/14 الساعة 17:28 بتوقيت غرينتش

في حي المغار وسط مدينة درنة (شرق ليبيا)، كانت القوات التابعة للمشير خليفة حفتر، في الساعات القليلة الماضية، تخوض معارك طاحنة بآخر معاقل عناصر "مجلس حماية درنة"، مؤكدةً قرب حسم المعركة التي انطلقت قبل أسابيع.

مصادر "عربي بوست" داخل قوة "حماية درنة" أكدت أن حفتر يحاول إنهاء الحرب عبر الاستعانة بقوات خاصة فرنسية ومصرية وجنود مرتزقة لتجنُّب سيناريو بنغازي الذي استمرت 3 سنوات.

25 خبيراً عسكرياً فرنسياً وصلوا بالفعل إلى منطقة الأردام ( 15 كم جنوب غربي قرية مرتوبة عند المدخل الشرقي لمدينة درنة)، حيث مركز قيادة عمليات حفتر العسكرية ضد قوة "حماية درنة"، حسب مصادر "عربي بوست" الخاصة، إضافة إلى الدور المحوري للقوات الخاصة المصرية والطيران الإماراتي منذ انطلاق المعارك.

25 خبيراً عسكرياً فرنسياً وصلوا بالفعل إلى منطقة الأردام شرق درنة
25 خبيراً عسكرياً فرنسياً وصلوا بالفعل إلى منطقة الأردام شرق درنة

تدخُّل فرنسي بواجهة مصرية

الوجود الفرنسي بشرق ليبيا لمساعدة حفتر يعود لأكثر من 3 سنوات في بنغازي، تحديداً منذ إدارة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، الأمر الذي أكده محمود رفعت رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية، حيث يقول إنهم في المركز يسعون لتقديم ملف للمحكمة الجنائية الدولية يتوفر على أدلة تدين فرنسا، التي تتخذ من مصر والإمارات واجهة لتدخُّلها العسكري في ليبيا.

وكان تقرير لموقع Intelligence Online قد أكد في وقت سابق، تلقِّي الجنرال خليفة حفتر مساعدةً من فرنسا، من شأنها أن تقلب الموازين في معركته التي يخوضها للسيطرة على مدينة درنة، والمساعدة عبارة عن طائرة استطلاع تشغِّلها شركة CAE للطيران، التي تعمل أيضاً لصالح جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي DGSE.

ويضيف التقرير أن الطائرة قامت أيضاً بعدة جولات أكثر سرّية في منطقة فزان (جنوب ليبيا)، حيث يحاول حفتر أن يجد لنفسه موطئ قدمٍ عسكرياً، وتظهر محاولاته جليةً في استخدامه الغارات الجوية. وتلعب طائرة CAE Aviation على هاتين الجبهتين دوراً محورياً، بما تقوم به من جمع للمعلومات الاستخباراتية، وربما في بعض الأحيان تحديد الأهداف المحتملة.

 تلقى حفتر طائرة استطلاع تشغِّلها شركة CAE تعمل لصالح المخابرات الفرنسية DGSE.
تلقى حفتر طائرة استطلاع تشغِّلها شركة CAE تعمل لصالح المخابرات الفرنسية DGSE.

ويؤكد الخبير الدولي أن الطيران المصري والإماراتي كان وراء قصف معارضي حفتر في درنة وقبلها بنغازي، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ بل وتأمين خروج مسلحي عناصر داعش من درنة وصولاً إلى سرت قبل عامين، موضحاً أن أدلة بحوزته تؤكد دخول شحنات سلاح من مصر والإمارات إلى ليبيا خلال فترات متباعدة من السنوات الثلاث الأخيرة.

في المقابل، يرى الخبير العسكري سليمان بن صالح أن الدعم الذي يقدمه الثلاثي فرنسا ومصر والإمارات لقوات حفتر كان الفيصل في صمود حفتر وقواته بحرب بنغازي، موضحاً لـ"عربي بوست" أن حضور هذه الدول كان -وما زال- بشكل ميداني، مستمراً عبر إشراك وحدات قتالية إماراتية ومصرية إلى جانب قوات حفتر، وكذلك بتوفير معلومات استطلاع ميدانية عن طريق طائرات الاستطلاع والتجسس.

بن صالح يزيد أن مشاركة هذه الدول وصلت إلى غاية وضع الخطط العسكرية بغرف قيادة أُنشئت في بنغازي والمدن القريبة الخاضعة لسيطرة حفتر ومنها تنطلق عمليات القصف المباشر بطائرات دون طيار وطائرات مقاتلة حديثة غير متوافرة لدى سلاح الجو التابع للمشير.

سيناريو بنغازي يتكرر

ويعتبر بن صالح أن مدينة درنة ليست استثناء عما حدث في بنغازي، وأن السيناريو يتكرر الآن والداعمِين أنفسهم؛ فرنسا ومصر والإمارات التي حسم طيرانها المعركة لمصلحة حفتر قبل أشهر في بنغازي، بعد حرب دامية استمرت 3 سنوات ضد مقاتلين إسلاميين وآخرين محسوبين على ثورة فبراير/شباط 2001، مؤكداً أن معركة درنة لن تُحسم أيضاً إلا بمساعدة عسكرية ومعنوية من مصر والإمارات برعاية فرنسا، "التي زوَّدت مصر بطائرات رافال مقاتِلة هي التي نفذت الهجمات ضد درنة انطلاقاً من قواعد مصرية على الحدود الغربية مع ليبيا".

فرنسا ومصر والإمارات التي حسم طيرانها المعركة لمصلحة حفتر قبل أشهر في بنغازي
فرنسا ومصر والإمارات التي حسم طيرانها المعركة لمصلحة حفتر قبل أشهر في بنغازي

الدعم الخارجي لقوات حفتر في حرب درنة لم يقتصر على وجود قوات خاصة وخبراء ومستشارين؛ بل مرتزقة أفارقة ومتطوعين من المدن المجاورة، بحسب رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي محمود رفعت، الذي أكد أيضاً أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، دفع بخبراء ووحدات خاصة برية إلى ليبيا الفترة الماضية، إضافة إلى الخبراء السابقين الموجودين فعلاً، موضحا أن عدداً من تلك القوات يقدَّر بالعشرات، أغلبهم لقي حتفه في معارك درنة.

وكان "المركز الإعلامي لمدينة درنة الليبية" قد نشر أسماء ضباط مصريين، قال إنهم قُتلوا في محاولة إنزال بحري "فاشلة"، بعد محاولة للسيطرة على ميناء درنة البحري شرق ليبيا.

قوات حفتر تصر على النفي

وجود قوات أو خبراء أجانب إلى جانب قوات حفتر نفاه رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب طارق الجروشي، مؤكداً لـ"عربي بوست" أنه لا علم له بأي تدخُّل خارجي، وأن "الجيش الليبي هو من يخوض المعركة في درنة لتحريرها من الإرهاب"، على حد قوله.

الرأي نفسه يعبر عنه المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي، مصرحاً لـ"عربي بوست" بأن رئاسة مجلس النواب ستُصدر خلال أيام بياناً رسمياً بخصوص سير المعارك في مدينة درنة، التي يرى أن مسألة تحريرها بالكامل ممن وصفهم بـ"الجماعات الإرهابية" تعد مسألة وقت لا أكثر.

عقيلة صالح يركز حالياً على الملفات المتعلقة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية
عقيلة صالح يركز حالياً على الملفات المتعلقة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية

المريمي يضيف أن عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب (في مدينة طبرق شرق البلاد)، يركز حالياً على الملفات المتعلقة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا خلال الأشهر القريبة المقبلة، بغية إتمام العملية الانتخابية في مواعيدها المحددة.

الانتخابات التي يراها رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية، محمود رفعت، "ضرب من ضروب التزييف والنصب والاحتيال على الشعب الليبي" في غياب دستور يحدد المدة الزمنية لسلطات الرئيس المنتخب أو البرلمان الجديد عدا إعلان الرئيس الفرنسي، مانويل ماكرون، 10 ديسمبر/كانون الأول 2018 موعداً لانتخابات جديدة في ليبيا.

تحركات لإدانة فرنسا

الخبير في العلاقات الدولية يرى أن فرنسا تلعب دوراً مشبوهاً في الملف الليبي، مؤكداً لـ"عربي بوست" أن هناك مؤسسات أوروبية، من بينها البرلمان الأوروبي، تجري تحقيقات في الدور الفرنسي لتسليح حفتر رغم حظر التسليح المفروض على ليبيا من قِبل مجلس الأمن.

ويضيف أن فرنسا لا تقوم بهذه الخطوة بطريقة مباشرة، حيث إن مبيعات السلاح الفرنسية على الأوراق موجَّهة للجيشين المصري والإماراتي مع علم مسبق للجانب الفرنسي بوصول هذه الأسلحة إلى ليبيا بطرق مختلفة، الأمر الذي يشكل خرقاً لقرارات مجلس الأمن، إضافة إلى وجود خبراء فرنسيين على الأرض رفقة خبراء وقوات مصرية تقاتل إلى جانب قوات حفتر الملاحَقة من طرف محكمة الجنايات الدولية؛ بسبب اتهامات بارتكاب جرائم حرب وإعدامات من غير محاكمة.

وشدد رئيس المركز الأوروبي على دور المحكمة الجنائية الدولية رغم كونها مقيَّدة بتبعيتها لمجلس الأمن؛ لكون الدول دائمة العضوية، ومن بينها فرنسا، تحدُّ من عملها، مؤكداً سعيهم "لإحداث ضغط على الجانب الفرنسي من خلال المنظمات الحقوقية في أوروبا خاصة"؛ لملاحقة كل من يدعم جرائم الحرب وتهريب السلاح إلى ليبيا أو من يشارك فعلياً في المعارك.

واعتبر رفعت أن على المبعوث الأممي الحالي إلى ليبيا، غسان سلامة، علامات استفهام كبيرة؛ بسبب ما وصفه بصمته تجاه ما يحدث في مدينة درنة وكل الجرائم التي ترتكبها قوات حفتر والتي تحركت لها "الجنائية الدولية"، أحد أجهزة الأمم المتحدة، موضحاً أن سلامة كان من المفترض به أن يميل إلى كفة "الجنائية الدولية" لا أن يسعى إلى شرعنة حروب الجنرال حفتر في كل مرة من خلال تصريحاته الإعلامية وتقاريره الرسمية.

وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قال إن القتال في مدينة درنة تصاعَد وبلغ مستويات لم يسبق لها مثيل، مع غارات جوية وقصف لمناطق سكنية واشتباكات ضارية على الأرض.

وأضاف المكتب في تقرير له، أن هناك نقصاً حاداً في المياه والطعام والدواء، وأن الكهرباء والمياه مقطوعتان بالكامل عن سكان المدينة، الذين يبلغ عددهم 125 ألفاً.

 نقص حاد في المياه والطعام والدواء والكهرباء والمياه مقطوعتان بالكامل عن سكان المدينة
نقص حاد في المياه والطعام والدواء والكهرباء والمياه مقطوعتان بالكامل عن سكان المدينة

وتحاصر قوات حفتر مدينة درنة الواقعة في الشرق، منذ يوليو/تموز 2017، حيث يعارض الجنرال حفتر الحكومة المعترف بها دولياً، ومقرها طرابلس في غرب البلاد.


اقرأ أيضا: 

"دقَّت ساعة الصفر".. حفتر يعلن بدء هجوم عسكري موسع ضد آخر معاقل "الإسلاميين" بالشرق الليبي

درنة الليبية التي أعلن حفتر الهجوم عليها.. كيف تحولت مدينة الشعراء إلى مركز للجهاديين؟

تحميل المزيد