مع مشاغل الحياة اليومية ووسائل الإلهاء المتزاحمة.. كيف أجهز نفسي لشهر رمضان المبارك؟

تم النشر: 2022/03/31 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/31 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش
كيف أجهز نفسي لشهر رمضان الكريم؟/ shutterstock

إن لرمضان، هذا الشهر الكريم، ميزة عظيمة: "أنه لا يحتاج لاستعداد"!

نعم لا يحتاج؛ لأنه يأتي وهو محمل بالتحفيز والطاقة والإيجابية، ويصل فيسكب السكينة والطمأنينة، وينشر الروحانيات، ويحرك العواطف الدينية.

هو ضيف عزيز يحل مرة في كل عام، ويكون مكللاً بالنور وتصحبه البهجة، فيكون له تفرده وبهاؤه وجماله، فلا يحتاج منك أو منكِ لاستعداد مسبق، هو يدخل إلى أعماق بيتك ودقائق نفسك فتحل البركة تلقائياً في حياتك.

فما إن يقترب رمضان، حتى تبدأ المنشورات اللطيفة وتحري الهلال، ويتحرك الشوق، وتذهب العائلات لتسوق الطعام والشراب، وتصبح البيوت مزينة بالأهلة والنجوم المضيئة، وممتلئة بالأصناف الخاصة بالشهر، كل بلد حسب عاداته وتقاليده. وتبدأ في ليلته الأولى صلاة التراويح فتعطيه تلك النكهة العريقة المميزة.

فكيف نستثمر حضور هذا الوافد الكريم لنحقق أكبر فائدة خلال أيامه القليلة بيننا؟

قراءة القرآن الكريم في شهر رمضان/ shutterstock
قراءة القرآن الكريم في شهر رمضان/ shutterstock

كيف أجهز نفسي لشهر رمضان؟

1- علينا أن نستغل تلك الحماسة والفرحة التي تصحب قدوم رمضان، ونقدر لهذا الشهر قدره، فهو شهر العبادة، وشهر الصلاة، وشهر ختم القرآن، فلا تضيعي أيتها الأم أيامه الثمينة ولياليه العظيمة بالمطبخ وبالتفنن في إعداد الطعام، وأعطي كل ذي حق حقه، واجعلي لك حظاً من روحانياته وقيامه.

وليت -الجميع يحاولون قدر الإمكان- الابتعاد عن إغراء الطعام والحلويات، وعن الطقوس التي تعودنا عليها: بأن يكون على المائدة كل يوم أصناف محددة تتكرر (كالفول، والفتة…) لأنها وحدها مشبعة وكافية، فكيف إذا أضفنا إليها الطبق الأساسي؟! قطعاً سيأكل الجميع زيادة على حاجتهم، وسيصابون بالتخمة، ومن بعدها بالسمنة.

– وإذا كان ولا بد، فأتوجه إلى الزوجة، وأقول لها: ابدئي رمضان هكذا، وحضري الأطعمة المعتادة لكي يبقى لرمضان البهجة والتفرد، ثم ومع مرور أيام الشهر الفضيل، قللي من الأصناف، أو اختاري منها المغذية والتي تنفع للسحور، أو تبقى لفطور اليوم التالي، وإذا اضطررت لصف الأصناف الرمضانية المعتادة كل يوم، فقللي الكمية واختاري الأنواع المغذية.

وأنصح بالتخفيف من الدعوات على الطعام، لأنها تذهب بالوقت والجهد.

– هذا بالنسبة للطعام، وأما العبادات فهي الهدف، ورمضان شهر الصيام، وشهر القيام، والتراويح هي رمزه، واجتماع الناس بالمساجد من خاصيته: على أن التراويح تصلى بالبيت أيضاً، واختلف الفقهاء أيها الأفضل؟ ولذا أنصح أن تكون حسب راحتك، وحسب خشوعك، وحسب وقتك… المهم أن تصليها بحضور قلب، وذهن صافٍ.

– وقراءة القرآن هي روحه، وكلما أكثرنا منه كان أفضل وأثوب وأحسن، ولذلك أنصح بتخصيص مصحف لكل فرد، ويكون طيلة الشهر بمتناول اليد، وفي مكان قريب، وكلما توفر وقت ولو صغير، ولو كان دقائق معدودة، اقرؤوا ورتلوا، وراجعوا معنى أي كلمة أو آية حتى تفهموا وتعوا وتتدبروا.

وإنه من الأسلم والأفضل ألا تكون هناك منافسة بعدد الختمات، لأن ذلك قد يؤدي للاستعجال بالقراءة، وإهمال التجويد والتدبر.

2- ومن أهم الأعمال الصالحة صلة الرحم (أقارب، صديق، جار)، وللسهرات الرمضانية مع الأهل سحر خاص مميز. وكثيرون ممن حولنا يحتاجون للدعم النفسي، ويشعرون بالوحدة والفراغ، ويزيد الأمر عليهم في رمضان، فيكون للزيارات فائدة أعظم من: الناحية الاجتماعية وتقوية الصلات، وأيضاً أجر أكبر؛ لأن ثواب الأعمال يتضاعف.

3- ومن الضروري الاسترخاء والبعد عن النرفزة والعصبية، فرمضان فرصة لحسن الخلق وتذكروا تلك الوصاية الراقية: لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب.

والأم من أهم أفراد الأسرة، ولعلها لو حرصت على الهدوء والابتسام، وسعة الصدر أن تنقل ذلك بالعدوى لجميع أفراد أسرتها. فالمحافظة على الصحة النفسية، والعلاقة القوية، والمودة والمرحمة، هدف سامٍ تسعى له كل أسرة واعية.

4- وأنصحكَ وأنصحكِ -وقبل دخول رمضان- بقراءة فقه الصيام، من أي كتاب موثوق ومختصر وواضح، مثل "فقه السنة" للسيد سابق، من باب الاطلاع والعلم وتَذّكر أحكام رمضان، وأما الفتوى فتؤخذ من المختصين.

5- وإذا كان في البيت أطفال أو أحفاد فينبغي تحبيبهم بالشهر، بأي طريقة تلفت نظرهم وتحفر في ذاكرتهم مشاهد إيجابية، حتى يبقى الشهر مميزاً ومحبباً بالنسبة لهم.

6- ويحبذ التخفيف من مشاهدة التلفزيون، ومن الجلوس على الموبايلات، وممكن أن يكون ذلك في الأوقات التي يشتد فيها الجوع والعطش، من باب تمضية الوقت والنسيان! وأما حين يأتي المساء وننشط للعبادات فيستحب الابتعاد قدر الإمكان عن الملهيات، ولا أقول نهائياً، فالنفس تميل للتسلية، وللمتابعة مع الآخرين، ولكني أدعو للاعتدال.  

ومن الأعمال المطلوبة في هذا الشهر:

– ذكر الله، والتوبة وكثرة الاستغفار.

– الحرص على كسب الحسنات، ولا تنسوا الاحتساب في أي عمل تقومون به، فالنية تحول العادة لعبادة، وتحول العمل المباح لعمل مأجور له ثواب. حتى النوم، فقد قال معاذ: "إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي".

– على أن أهم الأعمال وأعظمها هو الصدقة بالمال، وإطعام الطعام للفقراء: "من فطّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً"، خاصة في هذا الزمان الذي زاد فيه التضخم والغلاء، وإن رمضان شهر الإطعام (وليس الطعام)، وإطعام الفقراء بالذات، فأصبحت موائد الرحمن تقليداً جميلاً متكرراً في بعض البلدان العربية، وصارت السلة الرمضانية نشاطاً سنوياً لا تكاد تخلو منه مدينة. ويمكن لكل عائلة أن تتصدق على من حولها من المحتاجين والمتضررين.

وهذا برنامج مقترح ليوم رمضان:

قبل الفجر

1- التهجد بما يتيسر من ركعات، ثم الوتر.

2- السحور: "تسحروا فإن في السحور بركة" متفق عليه.

بعد طلوع الفجر

3- التبكير لصلاة الفجر.

4- الاشتغال بالذكر والدعاء حتى إقامة الصلاة؛ فالدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة.

5- قراءة القرآن حتى طلوع الشمس: "من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" رواه الترمذي.

6- استغلال الوقت خلال النهار والليل بالعمل والتكسب أو الدراسة، أي النشاط وترك الكسل.

7- الدعاء قبل الغروب؛ فثلاثة لا ترد دعوتهم، منهم الصائم حتى يفطر.

8- صلاة العشاء جماعة في المسجد مع التبكير إليها.

9- صلاة التراويح "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".

10- تأخير صلاة الوتر إلى آخر الليل: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عابدة المؤيد العظم
أستاذة الفقه والشريعة الإسلامية
عابدة المؤيد العظم، مفكرة إسلامية وباحثة في الفقه وقضايا الأسرة
تحميل المزيد