دائماً في الاستشارات حين أقوم بتوجيه أسئلة حول المشاعر أو حين أتكلم عن أهمية التعبير عن المشاعر مثل الغضب والألم والندم وغيرها والحديث عنها والوعي بها، يكون السؤال ما فائدة ذلك؟ ووجدت أن معظم مخاوفنا من التعبير عن المشاعر نابعة من مخاوف لا نستطيع التحكم فيها أو من خبرات سابقة في الطفولة حاولنا التعبير فيها عن مشاعرنا وقوبلت بالنهي أو الاستهزاء منها ومنا.
وأرى أن التعبير عن المشاعر بالكلام هو أشبه بالترجمة، إننا نترجم مشاعرنا أو الصور والأفكار غير الملموسة والمتطايرة إلى كلمات نعيها ونفهمها. وهنا تبدأ رحلة الوعي الحقيقية بأنفسنا، نبدأ في الوعي بمشاعرنا الحقيقية، والوعي يؤدى إلى التعبير، والتعبير يؤدي إلى المزيد من الوعي، وهكذا، فتزداد قدرتنا على إدارة المشاعر كلما زادت قدرتنا على الوعي بها والتعبير عنها بالكلمات.
وهنا أود أن أتكلم عن مشاعر الغضب تحديداً، فالغضب دائماً من المشاعر التى نرفض وجودها ونعتبرها حالة سيئة مرفوضة، وحين نسمع كلمة الغضب يتبادر إلى ذهننا العنف، فنحن نعتبر مشاعر الغضب سلوكاً، وننسى أن العنف سلوك والغضب مشاعر.
وهذا يعني أنه يمكن أن يكون الإنسان غاضباً وليس عنيفاً فى آنٍ معاً، ويمكن أن يكون هادئاً وفى قمة العنف. ليس العنف ناتجاً عن الغضب بالضرورة، وإنما ناتج عن أن الإنسان قد اختار أن يعبر عن غضبه بالعنف، فالإرادة تتدخل في السلوك والسلوك يخضع للاختيار، أما المشاعر فهي ردود أفعال غير إرادية.
وعليه، فإن المشاعر لا تنشأ من الأحداث، ولكن من تفسيراتنا لتلك الأحداث. إن الشعور بالغضَب ينشأ كرد فعل على مثير يهدد بقاءنا المادي أو المعنوي. لذا فالغضب مسؤولية الشخص الغاضب حتى ولو كان المثير الذي سبب لنا الغضب هو شخص آخر.
وليس الغضب طاقة غاشمة نخاف منها فنحولها إلى طاقة أخرى، لكن الهدف الأساسي منه هو أن يشير إلى وجود مشكلة. والتعامل الأمثل مع الغضَب هو أن نعرف هذه المشكلة ونسعى إلى حلها. الغضب لا يهدف إلى الهجوم على الأشخاص، بل إلى الهجوم على المشكلات.
مثلاً إذا شعرت بالإهانة من كلام شخص ما، فإن الإنسان الذي تسبب بالإهانة هو المسؤول عن تلك الكلمات التى تفوه بها، ومطلوب منه أن يعتذر عنها، أما غضبك فهو مسؤوليتك والتعبير عنه يكون برد فعل ينبع من إرادتك الحرة التي تساعدك أن تختار الطريقة التي تعبر بها للشخص عن رفضك للإهانة.
وإنك إذا شعرت بمشاعر الغضَب أو شعرت بالسخونة وتزايد الطاقة في جسدك، أو شعرت أن هناك خطراً يهدد أمانك أو قيمتك أو طموحاتك، فعليك أن تقف مع نفسك أولاً وتعترف بمشاعر الغضب الموجودة، فإن إنكارها لن يحل الموقف، بل سيزيد الموقف سوءاً وقد تكون أنت يوماً ذلك الرجل الهادئ الذي أخرج مسدسه يوماً ما وقتل الجميع ثم قتل نفسه.
لذلك هذا المقال يهدي إليك النصائح التالية.
نصائح لإدارة الغضب والتعبير عنه
– اشعر بالغضَب واعترف بوجوده.
– ابحث عن سبب غضبك. تكلم مع نفسك بصوت مرتفع. شارك ما تشعر به مع صديق مقرب أو معالج أو الورقة والقلم.
– راجع الأفكار التي ساهمت في غضَبك من الموقف.
– عبر عن غضَبك بصورة صحية وابحث عن طرق بناءة لحل المشكلات التي تسببت به.
– حافظ على طاقة الغضَب مستمرة حتى تصل إلى هدفك نحو حل المشكلة، لا تحول غضبك من ظلم مديرك في العمل إلى ابنك الذي لا حول له ولا قوة، ويصبح كل ما قمت به هو أنك سعيت إلى تفريغ طاقة الغضَب ولم تسعَ لحل المشكلة واسترداد حقك.
كانت هذه نصائح بسيطة بحسب دكتور أوسم وصفي، يمكنك الرجوع إليها، لتقييم المواقف التي عبرت فيها عن غضَبك بطريقة خاطئة، وتنظر هل كانت تلك الخطوات ستفيدك في اتخاذ السلوك الأنسب لو أنك اتبعتها؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.