40% من العادات سلوكيات متكررة يفعلها الإنسان تلقائياً.. كيف تخلص نفسك من “عبودية” العادة؟

عدد القراءات
613
عربي بوست
تم النشر: 2023/04/10 الساعة 15:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/10 الساعة 15:09 بتوقيت غرينتش
ينطوي كسر العادة عادةً على تشكيل مسارات عصبية جديدة أقوى من المسارات التي تشكلت سابقاً/ istock

الحياة لا تخلو من السلوكيات الإيجابية والسلبية التي نمارس الكثير منها بشكل روتيني وتَعوُّد، يسعى البعض إلى تحسين حياته بالتخلص من السلوكيات السلبية كالتدخين، أو قضم الأظافر، أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي لوقت طويل بلا هدف، أو تكرار مشاهدة المواد الإباحية.

لكن تفشل محاولات التغيير ويجد الشخص أن هذه المهمة ليست سهلة وصعبة على النفس، ويجد الشخص نفسه أسير ذلك السلوك السلبي ولا يستطيع التوقف عن ممارسته ووقف تكراره، عندها نطلق على ذلك السلوك إما "عادة أو إدمان".

الفرق بين العادة والإدمان

دعونا نتعرف على الفرق من خلال تعريف كل من العادة، والإدمان.

العادة: هي نمط من السلوك المتكرر؛ لدرجة أن الدماغ يفعله تلقائياً، يستطيع الإنسان التحكم فيها وتعديلها، مثل الذهاب إلى الحمام عند الاستيقاظ، والوقوف عند مصافحة الآخرين، والمبالغة في تقديم الأعذار دون استحقاق للآخرين في كل المواقف.

الإدمان: هو سلوك قهري يمارسه الإنسان لتلبية احتياج قهري للجسد، والتي عندما يُحرَم منها يسبب آثاراً سيئة كأعراض الانسحاب، يصعب على الإنسان التحكم فيها أو تعديلها، ويلجأ لمختص للعلاج منها، مثل: إدمان المواد الإباحية، التدخين، الجنس، القمار.

iStock/ الإقلاع عن التدخين

كيف تتكون العادة؟

ذكر الكاتب "تشارلز دوهیج" مراحل تكوين العادات في كتابه الشهير "قوة العادة"، حيث يعتقد أن 40% من العادات التي نقوم بها هي سلوكيات متكررة يفعلها الإنسان تلقائياً لأنها تمر بثلاث مراحل:

1- التحفيز: يستجيب عقلك لمحفز ومن ثم يقرر ما هي العادة المناسبة لهذا المحفز، مثال صوت المنبه، قيادة السيارة، صوت الأذان، بكاء الطفل.

2- الروتين: بعد استجابة عقلك للمحفز فإنه يقوم بالفعل الروتيني الذي تعودت على ممارسته والمرتبط بالمحفز مثال عندما يحفزك صوت المنبه على القيام من السرير والذهاب إلى الحمام، أو عندما تحفزك قيادة السيارة على تشغيل موسيقى أو أغانٍ، أو عندما يحفزك صوت الأذان على القيام للوضوء لأداء الصلاة، أو عندما يحفزك بكاء الطفل على الذهاب إليه وحمله وهدهدته.

3 التعزيز/ المكافأة: بعد قيام الإنسان بممارسة الروتين فيترتب عليه نشاط دماغي كاستجابة لممارسة العادة مثال: عندما تذهب إلى الحمام بعد الاستيقاظ وتنظف جسدك فإن ذلك يعقبه الشعور بالانتعاش، أو عندما تؤدي الصلاة عند استجابتك لصوت الأذان فإن ذلك تعقبه راحة نفسية وشعور بالطمأنينة، أو عندما يشاهد أحد الأشخاص مشهداً إباحياً، فإن ذلك تعقبه لذة جنسية.

سر القوة في العادة

من المدهش أن من قوة العادة أنها ضمن روتين الحياة اليومية للإنسان وقد تحدث بغير وعي من الإنسان بسبب جزء في الدماغ يسمى "ganglia basal"، والذي يحفز الإنسان إلى ممارسة العادة بشكل تلقائي، فنجد بعض الناس ممن فقدوا الذاكرة يمارسون عاداتهم بشكل طبيعي، وبعض المصابين بالاضطرابات العقلية يداومون على عاداتهم، وأيضاً نستطيع تدريب المصابين باضطراب طيف التوحد أو الإعاقات الذهنية الشديدة على تكوين عادات سلوكية.

متى تتحول العادة إلى إدمان؟

يمكننا القول إن العادة يسبقها تكرار السلوك وقد يعقبها إدمان على السلوك، فالعادة إن ارتبطت بالمواد التي يحتاجها الجسم مثل هرمون السعادة "الدوبامين" والتي تحققها بعض العادات مثل مشاهدة المواد الإباحية وارتباطها باللذة الجنسية، فإن الجسم سيطلب تلك المادة لاحقاً؛ وعند تلبية الإنسان لاحتياج الجسم لتلك المادة بممارسته للسلوك المتكرر، عندها تتحول العادة إلى إدمان.

تدهور الصحة النفسية والجسدية – iStock

كيف نستطيع تغيير العادة؟

العادة سواء تطورت إلى إدمان أو ظلت عادة، فإننا نستطيع تغييرها وفق عاملين مهمين:

1- تغيير الروتين: فإن مفتاح تغيير تلك العادات يكمن في كسر المرحلة الثانية من تكوين العادة وهي مرحلة الروتين، حتى نفكك ذلك الارتباط وتسلسل تكوين العادة عبر المراحل الثلاث، بمعنى أننا نوقف حصول الشخص على المكافأة أو التعزيز والتي تزيد من احتمالية تكرار السلوك مرة أخرى؛ ومن ثم تزيد من قوة العادة الروتين.

أما تغيير الروتين سيفقد العادة وظيفتها في مكافأة الفرد ومن ثم يتوقف عنها الإنسان ويستبدلها بعادة أخرى تحقق نفس التعزيز والمكافأة.

مثال: شخص لديه عادة إدمانية وهي التدخين، إذا قمنا بتحليل هذه العادة عبر مراحل التكوين نجد التالي:

المرحلة الأولى "التحفيز": الشعور بالضغط أو بالقلق.

المرحلة الثانية "الروتين": ممارسة التدخين.

المرحلة الثالثة "المكافأة/ التعزيز": الشعور بالارتياح.

لتغيير هذه العادة يمكنك تغيير الروتين؛ فبدلاً من ممارسة التدخين عند الشعور بالضغط أو القلق، يمكن للشخص ممارسة تمارين التنفس والاسترخاء مع إشغال الفم بمضغ علكة أو أكل الحَب، عندها سيحصل الإنسان على التعزيز المطلوب وهو الشعور بالارتياح بدون اللجوء لممارسة التدخين.

2- قـوة الإرادة

إن تغيير الروتين يتطلب جهداً متواصلاً حتى نجاح الإنسان في كسر قوة العادة. يلزم ذلك قوة إرادة على مواصلة الجهد وعدم الضعف والاستسلام.

نصائح لتقوية الإرادة عند تغيير العادة:

1- لا بد أن يكون التغيير نابعاً من داخل الإنسان وليس استجابة لضغوط المحيطين به كما قال الله عز وجل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالله سيعينك على التغيير إن غيرت من إرادتك وكانت نفسك صادقة في التغيير.

2- كافئ نفسك على النجاحات الصغيرة فإن أقلعت عن مشاهدة المواد الإباحية لمدة أسبوع كافئ نفسك بقطعة من الحلوى أو ما تحب.

3- ابتعد عن محفزات العادة، فإن كنت تريد الإقلاع عن التدخين تجنب قدر الإمكان التواجد وسط أشخاص يدخنون.

4- شارك نجاحك مع المقربين، فإن كنت تريد إنقاص وزنك الزائد فحدث المقربين عن نجاحك في إنقاص الوزن وأظهر لهم سعادتك بهذا التغيير.

ختاماً.. أنت صاحب القرار وأنت صاحب الإرادة وأنت أكثر المستفيدين لهذا التغيير وأنت أكثر المتضررين من أسر العادة السلبية، انظر لمن حولك من النماذج الناجحة من استطاعوا أن يغيروا من عاداتهم فهم ليسوا أفضل منك في شيء، عليك أن تبدأ التغيير الآن؛ فكل ما تحتاجه هو إرادة قوية، وعزيمة على مواصلة الجهد للتغيير.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد صبحي
أخصائي نفسي ومعالج سلوكي
تحميل المزيد