العلاقات الإنسانية والاجتماعية تكون على أساس من التفاهم المتبادل والثقة القوية، وقبول الطرف الآخر، كما هو بسلبياته وإيجابياته، ودعمه دائماً على تحسين سلبياته قدر المستطاع ومحاولة تخطي أي مشكلات أو عقبات.
ماذا لو فكرت أن تكون صديقاً حميماً لنفسك؟ وأن تتحدث عن آلامك وهمومك ومخاوفك، وأن تقدم الدعم لنفسك، وأن تضع الحلول المناسبة لمشكلاتك.
يقول أطباء علم النفس وخبراء الطب السلوكي: إن الحديث إلى النفس هو إحدى أنجح طرق علاج التوتر؛ لأنه يعد وسيلة لتحديد الأفكار ومحاولة للوصول إلى علاج المشكلات التي تقلقك.
ويقول علماء النفس أيضاً: إذا كنت تشعر بقلق أو توتر فجرِّب وأنت على انفراد طريقة الحديث إلى النفس بصدق، فقد تكتشف الحقيقة، هذا بالإضافة إلى الفضفضة للذات عن طريق الكلام؛ حيث يؤكد علماء النفس أن ترجمة وكتابة المشاعر والعواطف على الورق تساعد على منع الأمراض.
عليك أن تجوب داخل مكنوناتك، وتتأمل ما يميزك عن الآخرين، ستجد داخلك أشياء كثيرة تستحق أن تحترم نفسك عليها، كن على يقين بأنك متميز، فقط امنح نفسك الفرصة.. فكر.. خطط.. دوِّن ملاحظاتك وأفكارك، وكل ما يجوب في خاطرك. أطلق لنفسك العنان وحطم جميع القيود، وحلق بعيداً إلى أعالي السماء، وانسج أحلامك وطموحك وضعها نصب عينيك، وابنِ لنفسك جسوراً من الأمل لتحقيقها.
ادعم نفسك، ولا تضعف إيمانك بنفسك وقدراتك، وتحلَّ بالصبر والشجاعة، ودائماً حفِّز نفسك وقُل لنفسك أنت مبدع ورائع!.. ولا تسخر من إنجازاتك مهما صغر حجمها، بل اشكر نفسك على ذلك، وقدم لنفسك هدية رائعة.
فلقد قام بنفس الفعل الدكتور إبراهيم الفقي، رحمه الله، حيث قال في كتابه "المفاتيح العشرة للنجاح"، حين نجح وأصبح مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبرى: "انتظرت من يقوم بتهنئتي وتقديم هدية بمناسبة نجاحي، فلم يأتني أحد، فأكرمت نفسي وقدمت لها هدية"؛ حيث قام بشراء باقة ورد، وأهداها إلى نفسه!
قم بدعوة نفسك إلى احتساء كوب من الشاي، أو ترتشف فنجان قهوة في مكان جميل، وشاهد أحد أفلامك المفضلة، واستمع إلى ما تستهويه من المعزوفات الموسيقية، قُم بقراءة كتاب أو رواية لنفسك.
لا تجعل الأسف عند التعرّض لبعض المواقف الصعبة هو كل أسلحتك؛ لأنك بالفعل قادر على التغلب على الأزمات، فالله يقويك ويعينك لتجتاز كل المحن والصعاب.
لا تقلّل من قدراتك، فلماذا تقارن نقاط ضعفك بنقاط قوة غيرك المبهرة؟ جرّب العكس وسترَ كم أنك بالفعل موهوب، قرّر أن تواجه القرارات الصعبة بنفسك، ولا تؤجل قراراً يجب أن تتخذه بنفسك، قرّر أن تساعد الناس، فكلما كنت قادراً افعل ذلك بكل حب، أظهر تعاطفك مع الآخرين، عبّر عن ضيقك، ولكن بشكل غير مبالغ فيه، وبغير انفعال زائد يقودك إلى الخطأ، لا تعامل نفسك بحدة أو بشدة، طالما أنك لم تقِّصر في شيء، لا تكثر من توبيخ نفسك بالنقد، لا تتسرّع في إصدار أحكامك السلبية على الآخرين، حاول أن ترى جوانب مشرقة مبهجة في حياتك، اقبل نفسك وشخصيتك "كما هي"، واعترف بالنقاط السلبية فيك، وحاول معالجتها، وطوِّر نفسك دائماً بالقراءة والاطلاع والتثقيف، اعرف "كل" نقاط قوتك، ولا تسمح لأحد بأن يجادلك بشأنها، لا تقلّل من شأن نفسك أمام نفسك أو أمام الآخرين، فلن تجد أعز من نفسك صديقاً.. فعاملها كطفلة صغيرة بحاجة لحنان ومحبة وتوجيه، واهتم بها كنبتة صغيرة بحاجة لعناية، وتغذية، ومساحة لكي تنمو، فالنفس صديق حميم، تعلم الوفاء إليها، وتفنن في عشقها، فلن يبقى معك سوى نفسك، واسعَ دائماً لإسعادها من أجل حياة أرقى.
لقد كتبت الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة رحمها الله تقول:
"قد بحثنا عن السعادة، لكن ما عثرنا بكوخها المسحور أبداً نسأل الليالي عنها.. وهي سر الدنيا ولغز الدهور".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.