تقول هي: "سنوات حياتي الأولى معه كانت كلها (عسل).. فهو إنسان طيب، وكريم، وشهم، ويزيّن ذلك كله الدينُ والالتزامُ بشرع الله.. ولكن بعد أن كبرت الأسرة لم يَدُم الحال على ما كان عليه.. لا أعرف ما السبب.. هل هو الذي تغير أم أنا؟ لم أعُد أشعر بحبه لي كما في السابق… لم يعُد يتلهف للجلوس والحديث معي… بِتُّ أشعر كأنني أصبحت كأي شيء عادي آخَر عنده، على الرغم من أنني أكرّس حياتي له ولأبنائه".
يقول هو: "زوجتي العزيزة.. بعد أن بادرت للزواج بأخرى، اكتشفت كم كنت أحبك ولا أستطيع الاستغناء عنك. وسامحك الله؛ لأنك كنتِ أنت السببَ الأول في هذا الزواج، فقد كنتِ دائماً تحاصرينني بأحاديثك العادية واستفساراتك التي لا جديد فيها، فلم أكن أجد جديداً يشدني إليك… فباتت الرتابة والملل رفيقيَّ، وأصبحت أشعر بأنني بحاجة إلى التغيير، فأخذت أنجذب إلى التلفاز وجلسات الأصدقاء، وقادني ذلك إلى الاعتقاد بأنني بحاجة لامرأة جديدة تجدد داخلي المشاعر الرقيقة الجميلة، وقد اكتشفت خطأً اعتقاداتي تلك بعد أن وقعت في وسط البئر التي أصبح من الصعب جداً الخروج منها".
نحن البشر نحب التغيير.. فالشيء الجديد يجذبنا نحوه.. والذي ألفناه نسأم منه، فمن حُرم من نعمة الأبناء، يحب ويستعذب شقاوة الأطفال، بل ويعشقها… ومَن أنعم الله عليه بكثير من الأطفال، تراه يتذمر باستمرار منهم ومن شقاوتهم، ويتمنى لحظات من الراحة بعيداً عن ضجيجهم، وكثير منا لا يعلمون مدى حبهم لشركاء حياتهم إلا عندما يفقدونهم، فيحرقون أنفسهم ندماً على كل لحظة أضاعوها بوجودهم دون أن يتمتعوا معهم بالسعادة.
أختي الغالية.. توافر الشيء بين أيدينا يجعله يفقد جاذبيته.. قربك المستمر من زوجك يولّد لديه شعوراً باعتياد وجودك، فأنت ست البيت وأم الأولاد وأنت في البيت بانتظاره دائماً، هو محور حياتك، لا شيء لديك سواه هو والأولاد.. فهو لا يستطيع أن يرى شيئاً جديداً لديك، الأمر الذي يسبب له الملل، الذي تستقبلينه أنت على أنه لم يعد يحبك.
الأشياء الجديدة دائماً تُشعرنا بجاذبية كبيرة، يدفعنا الفضول إلى التعرف عليها وسبر أغوارها ومعرفة أسرارها، ولنسأل أنفسنا: لماذا ينجذب الرجل للمرأة الصامتة أو تلك المختلفة عن باقي النساء، بينما نجده يمل المرأة الثرثارة بسرعة؟ أنه للسبب السابق نفسه، فهو يشعر بأن هناك أشياء مخفيَّة عنه، فتراه يبذل جهده لاستخراج هذه الأسرار.
ومع مرور الوقت على الزوجين وقربهما الدائم من بعضهما، يتسلل الفتور إلى حياتهما، ويصل بهما إلى الملل، خاصة إذا لم يعمدا إلى التغيير، فيعتقدان أن الحب قد مات بينهما، بل يعتقدان أحياناً، أن الأبناء هم الرابط بينهما، وينسيان أن الاعتياد الذي قاد إلى السأم هو الذي دفن مشاعرهما الجميلة تحت طبقة سميكة من الغبار، والتي تحتاج فقط إلى نفض الغبار عنها ليعود الحب متألقاً يانعاً كما كان في بداية العلاقة، وليكتشفا أنه لا غنى لأحدهما عن الآخر وأنهما يحبان بعضهما بشدة أكثر بكثير مما يتوقعان.
الأشياء الجديدة توقظ مشاعرنا وتُحرك الحياة فينا.. فابذلي جهدك لإحداث تغييرات في حياتك، فبعد فترات من القرب لزوجك.. ابتعدي قليلاً، وانعزلي عنه واشغلي نفسك بأشياء تخصك؛ فاقرئي مثلاً، أو داومي على حفظ القرآن… إلخ، واتركيه يفعل ما يحب كما يحلو له؛ ليعود إليك مدركاً مدى حاجته لقربك.
وقبل أن أغادرك، أهمس في أذنك بأحد أسرار السعادة الزوجية: لا تقتربي قرباً مُملاً ولا تبتعدي بُعداً يولّد جفاءً، ولا تنخدعي بكلام من يدَّعون أن الرجل يحب المرأة التي يتملَّكها ويتملَّك كل ما فيها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.