الانغماس في الإساءة.. كيف يدفعك الشخص النرجسي إلى الاستمرار معه في علاقة مؤذية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/04 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/04 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش


حين تخرج من علاقة مع شخص نرجسي تبدو الأمور كما لو كانت مستقرة في‏‎ علاقتك المضطربة هذه، مضى النرجسي في حياته وأنت ما زلت تتساءل إذا كان النرجسي قد انتهى حقاً من حيله المروعة البغيضة وإذا كان يمكنك أخيراً المضي قدماً والتعافي، نعم عليك معرفة إن كان النرجسي انتهى معك ولذا انتبه جيداً.

‏‎إذا شعرت بأنك ما زلت عالقاً في حلقة مفرغة من الإساءة النرجسية، فمن الصعب التمييز عندما يمضي النرجسي قدماً في حياته، قد يبدو الأمر وكأنه قد انتهى معك، فقط بالنسبة لك.. أما هو فهذا لمواصلة الظهور مرة أخرى عندما لا تتوقع ذلك، قد تشعر وكأنك ما زلتَ تحت رحمة كل ما يريد القيام به.

‎سيجعلك النرجسي تؤمن بصدق أنه انتهى معك خلال أداء الإلقاء والتخلي المدمر. ومع ذلك، لا يمكنك أبداً الوصول إلى النهاية، لأنه يجد دائماً سبباً للعودة إلى حياتك.

المؤشر الحقيقي الوحيد على أن النرجسي قد انتهى هو عندما لا تترك باباً مفتوحاً أمامه ليكون طريقه إليك، نادراً ما يترك النرجسي ضحيته تذهب- على الأقل ليس بالمعنى التقليدي الذي نعلمه.

حتى لو بدا أنه انتقل إلى شخص ما أو شيء آخر، فهو لا يزال يريد السلطة والسيطرة عليك.. لا يزال يريد معرفة أنك ستعود مسرعاً في أي لحظة يحددها هو.

سيعود إليك عدة مرات كما يريد، إذا سمحت أنت بذلك.. حتى بعد شهور "وأحياناً سنوات" من عدم الاتصال، سيختبر العديد من الطرق إليك ليتحقق إذا كنت متاحاً مراراً وتكراراً.. بعبارة أخرى، يريد استدراجك للعودة إلى دورك في "مسرح جرائمه".

إنه بحاجة إلى استعادة هويته القوية والمتفوقة، وهذه الحاجة تجعله يعود أكثر وأكثر. النرجسي ليس لديه هويته الخاصة. إنه يزيف تخيلات عن هويته، ويعتمد على الآخرين لتحقيق هذا الخيال. عندما يشعر هذا الخيال بالتهديد، فإنه يفعل كل ما في وسعه لاستعادة توازنه.

 بالطبع، يمكن أن يكون هذا النمط محيراً جداً. قد يصنع النرجسي مشهداً درامياً حول كيفية تعامله معك إلى الأبد- فقط لتعود بالزحف حتى لو بشكل مثير للشفقة عليه في أي لحظة.. قد تجد نفسك تشعر بالاهتمام به.

 يعرف النرجسي هذا، لأنه يعرف مفهوم التعاطف المعرفي لديك وهكذا، سيعرف كيفية استدراجك للعودة إلى دورته الاستغلالية الخطرة من خلال طرقة الخاصة جداً.. سجده عائداً يقصفك باعتذار مزيف عن كل ما حدث. سيتقدم بوعود فارغة للتغيير.

‏‎يعلن استعداده لمنحك شيئاً يعلم أنك تريده حقاً. ويحاول إقناعك بأن لا أحد يريدك أكثر منه. أو بالأدق لا أحد يريدك غيره. التظاهر كما لو أن الانفصال لم يحدث بالفعل، سيقوم بحشد الآخرين لإقناعك بأسباب تجعلك تمنحه فرصة أخرى.

وبمجرد أن يصبح النرجسي غير قادر على السيطرة عليك، فإنه يفقد كل قوته تقريباً. وفجأة، لا يبدو مختلفاً عن الطفل المشاغب الذي يلقي نوبة غضب في الملعب. قد تبدو أفعاله المتطرفة مضحكة، على الرغم من أنه يشعر أيضاً بالإحباط والارتباك والإحراج.

‏‎ضع في اعتبارك أنك بحاجة إلى التغيير إذا كنت تريد أن يتوقف النرجسي عن السيطرة عليك، سوف يقدم الكثير من الوعود والمحاولات الفاترة للتغيير.

‏‎لا يمكن استدامة أي من هذه الجهود على المدى الطويل. النرجسي ليس مهتماً ليجعلك سعيداً. إنه مهتم بإبقاء نفسه سعيداً. إذا جلبت له السعادة لفترة وجيزة، فقد يمطرك بوهم المودة والحب واللطف. لكن في اللحظة التي تتغير فيها مشاعره، يبدو الأمر وكأنها حرب غير متوقعة.

النرجسي لا يريدك أن تعرف بالضبط مقدار اعتماده عليك من أجل البقاء. هذا هو السبب في أنه غالباً ما يتصرف بطرق مختلفة تبدو عدائية أكثر، أو حتى كأنهم غاضبون معظم الوقت. كل هذا تستُّر لإخفاء مخاوفه الصارخة.

 لكن لا تبدأ في الاعتقاد بأنك يمكن أن تكون بطلاً وتوضح له الأسباب التي تجعله لا يحتاج إلى الشعور بعدم الأمان. لم ينجح أحد على الإطلاق في تحويل شخص نرجسي بعد محاولته أن يكون "بطله".

 فقط اسأل أي شخص حاول وستجد الإجابة واحدة.. هذا تنبيه "للعلم والتحذير".

 ينخرط النرجسي في جميع أنواع التكتيكات المتلاعبة لإبقائك مرتبكاً ويائساً. إنه يعتمد على صدمة الخيانة ليبقيك مقيداً بالسلاسل. مثلما يعرف كيف يجعلك تشعر بالذنب والخجل، فإنه يعرف أيضاً كيف يجعلك تشعر بالإطراء والحب.

 خلال هذه الأوقات، من المهم أن تتذكر وتتعلم جيداً أنه نظراً لأن شخصاً ما يتصرف بلطف لا يعني أنه حقيقي، خاصة إذا كان هناك تاريخ من الإساءة العاطفية والتلاعب لديك.

 النرجسي لا يريدك أن تعرف قيمتك الذاتية، إنه لا يريدك أن تدرك أنه يمكنك القيام بعمل ما أفضل منه؛ لهذا السبب غالباً ما يحبطك ويسخر من انتصاراتك أو حتى يخرب نجاحك أو "ينسبه إلى نفسه" لا يمكنه تحمُّل التفكير في حياتك بدونه.

النرجسي لا يرى الناس كأناس حقيقيين لديهم مشاعر وأفكار، يراهم كأشياء مصممة لتلبية احتياجاته، يريدك أن ترى نفسك بهذه الطريقة أيضاً، إنه لا يريدك أن تعرف أنه بحاجة مستمرة إلى الإمداد منك.

 النرجسي غير راضٍ حقاً، غالباً ما تشعر روحه بالفراغ العميق، ولهذا السبب يسيء معاملتك لملء هذا الفراغ الذي لا نهاية له، وللنرجسي احتياجات عديدة أصبحنا نعرفها جيداً، فكلما حققت له هذه الاحتياجات زاد اعتماده عليك في الإصلاح.

 تدور معظم العلاقات النرجسية من خلال نمط من قصف الحب، وخفض قيمتك، والإلقاء ​​والتخلي، بكامل دورته اللعينة، يميل هذا النمط إلى الاستمرار ما دمت بقيت على علاقة معه، والنرجسي لا يريدك أن تعرف أنه لا يعرف كيف يقول وداعاً، الحقيقة النرجسي لا يعرف كيف ينتهي منك، هذه إجابة لك.

 بالطبع لن يسمح لك بالدخول إلى هذا السر، بدلاً من ذلك سيُقنعك بأنه لم يحتَجْ إليك أبداً في المقام الأول، يبدو أنه سينتقل إلى العلاقة التالية بسهولة.

سوف يتصرف كما لو أنك لم تكن موجوداً من قبل، أو سوف يشوهك لعائلتك وأصدقائك، لكن لا تخطئ، فهو يحتاج إليك أكثر بكثير مما كنت في حاجة إليه.

عدم قدرتهم على إعطاء أو قبول الخاتمة يقوّي هذا الواقع، ومع ذلك من المهم أن نفهم أن كون النرجسي "بحاجة إليك" لا يعني أي مشاعر حب وتفانٍ من جانبه.

 إنه بحاجة إليك حتى يتمكن من إطلاق العنان لأعمق انتهاكاته عليك، لا يمكنه فعل ذلك مع العديد من الأشخاص الآخرين الذين يعرفهم، فكِّر في هذا الأمر تماماً كمجرم يعطي مصاصة لطفل قبل ارتكاب فعل إجرامي لا يوصف، هذا بالضبط حالك معه عندما يُبقيك جانبه.

‏‎حتى لو انتهى النرجسي معك فهل انتهيت أنت منه؟ في رأيي الشخصي هذا هو السؤال الأهم.

‏‎من المهم التفكير في إجابتك عن هذا السؤال، للأسف إجابتك أعلمها مسبقاً، أنت تعلم أنه في كثير من الأحيان تجد نفسك منغمساً في الإساءة النرجسية، تتمسك بالأمل في أن الأمور ستتغير، تُقنع نفسك بأنك بحاجة فقط إلى التحلي بالصبر والتسامح.

‏‎والآن: ما الذي يتطلبه الأمر لاستنتاج أن هذا يكفي؟ كم عدد الأشهر أو السنوات التي ستضيعها من خلال الاستمرار في هذه اللعبة المروعة؟ النرجسية مرض عقلي مزمن "هذا الوصف الأشمل". معظم النرجسيين ليس لديهم أي اهتمام على الإطلاق بتغيير تكتيكاتهم، وإذا فعل النرجسي ذلك يمكنك أن تراهن على أنه يستعد لشيء ما، وليس هذا في صالحك… إنه تمويه وتلاعب جديد وليس أكثر من ذلك.

‏‎إذا وجدت نفسك تتساءل باستمرار عن كيفية معرفة ما إذا كان الشخص النرجسي قد انتهى معك، افهم أن هذا ليس أمراً طبيعياً في علاقة صحية، ضع في اعتبارك أن العلاقة تضر بك أكثر من نفعك، لا تلُم نفسك.

فأنت لست سبب سلوكه المسيء، بغض النظر عما يقوله هو أو الفكرة التي يُصدّرها عنك للخارج، إن العناية بنفسك هي الأولوية الكبرى، التي أول ما تشمل "قطع العلاقة تماماً"، ولتكن ملكيتك لنفسك قاطعة، وهنا ستكون فعلياً في سلام، ونكمل الطريق في رحلتنا للتعافي.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ماجدة أحمد
كاتبة في مجال التربية وعلم النفس
حاصلة على دكتوراة في فلسفة العلوم، ومهتمة بمجال التربية وعلم النفس
تحميل المزيد