فن العيش ببساطة.. دعوة للابتعاد عن المادية

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/26 الساعة 10:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/26 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش
مصدر الصورة: Istock

لم نعد نعرف في مجتمعاتنا العربية أن نعيش ببساطة، بالأحرى صار من الصعوبة بمكان أن نكون بسطاء. أصبحنا نملك الكثير من المقتنيات والممتلكات المادية، كما الكثير من الخيارات، ونواجه الكثير من الإغراءات وتجتاحنا الرغبات بغير إنذار.  بشكل أو بآخر، أصبحنا مبذرين ومخربين نستخدم أغطية وأكياساً وأفلاماً وقداحات وأجهزة تصوير والكثير من الأشياء ذات الاستخدام الواحد.

علينا أن نكف من اليوم عن هذا التبذير قبل أن يأتي يوم نصبح فيه مجبرين عليه. الحياة الغنية، حياة ترف، لا تجلب لنا الرضى ولا منتهى الأناقة، بل تفسد الروح وتسممها.

في مقابل ذلك، البساطة، حل وملجأ من حياة الترف. توقفي سيدتي عن امتلاك المزيد لتتمتعي بمزيد من الوقت تخصصينه لجسدك، وعندما تشعرين بالراحة مع جسدك ستتمكنين من نسيانه لتهتمي بروحك ولتبلغي حياة ذات معنى.

ستصبحين أكثر سعادة، تعني البساطة اقتفاء أثر القليل لترك المجال فسيحاً لما هو أساسي وجوهري. من ثم البساطة جميلة بما تخبئ من روائع، ترفع عبء المقتنيات حقيقة ومجازاً، تزيح الحاجة للتكديس، وتفرغ أماكن  الصناديق الممتلئة بأشياء تنتظر يوماً قد لا يأتي لتفتح.

أما آن الأوان لنتفكر ونتساءل لماذا نحن شديدو التعلق بالأشياء؟

يمثل الغنى المادي لكثير من الناس جوهر حياتهم ودليلاً على وجودهم، يربطون بوعي منهم أو بلا وعي هويتهم ونظرتهم إلى أنفسهم التي يقيمها حجم ما يمتلكون فكلما زادت مقتنياتهم زاد اطمئنانهم ونعموا بالراحة فهم يطعمون في كل شيء المقتنيات المادية والمشروعات الناجحة والتحف الفنية والمعلومات والأفكار والأصدقاء والمحبين والرحلات.

يستهلك الناس ويقتنون ويكدسون ويجمعون لديهم أصدقاء ويقيمون علاقات ويحصلون على شهادات وألقاب ومناصب وأوسمة إنهم يجرون عبء مقتنياتهم وينسون أو لا يدركون أن طمعهم وشهواتهم قد حولتهم إلى كائنات بلا حياة، أصبحوا عبيداً لرغباتهم التي لا ولن تنتهي أبداً.

نحن نقتني الكثير من الأشياء التي تزيد عن حاجتنا ولكننا لا ندرك ذلك إلا عندما نحرم منها، نستخدم الأشياء لأننا نمتلكها، لا لأنها ضرورية. كم من الأشياء نشتريها لا لحاجتنا لها بل لأننا رأيناها عند الآخرين!

عليكِ سيدتي أن تكتفي بالقليل وألا تعيري أهمية تذكر لكل ما هو مادي واكتفي بما يؤمّن لك شيئاً من الراحة. إن رفضك لاقتناء الكثير جعلك أقدر على تقدير ما يجلب لك السعادة الروحية والعاطفية والفكرية.. تبرعي بكل ما لا فائدة منه ولا تبالي.

هبي ما يمكن الاستفادة منه من كتب وملابس وأوانٍ للمستشفيات ودور المسنين. بذلك العمل لا تخسرين شيئاً بل على العكس ستكسبين الكثير من الرضى والسعادة.

إن امتلاك ما يزيد عما هو ضروري يعني أن تتحمل عبئاً جديداً.. من ينجو من الغرق وهو مكبل الحقائب؟

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مروة الجبوري
كاتبة ومحررة
كاتبة ومحررة وفائزة بعدة مسابقات عربية و عراقية في القصة القصيرة
تحميل المزيد