كيف تتعامل مع شعور الخوف في حياتك وتجعله يعمل لصالحك؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/08 الساعة 14:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/08 الساعة 14:27 بتوقيت غرينتش

(1)

– لقد كانت سبباً فى شعورى بالألم وأريد أن أتركها.. لكن خوفي يمنعني 

– خوفك ممّ؟

– من شعوري بالوحدة.

(2)

– لماذا لم تسافر إلى الآن؟

– تراجعت. 

– لماذا؟

– أخاف من المجهول.. بلاد غريبة.. عادات غريبة.. ولغة غريبة.

– لكن ما ستحصل عليه من نقود وحرية وتعليم واحترام لآدميتك سيحسن من وضعك. 

– بالطبع أعلم لكن شعوري بالخوف لا يزال يمنعنى. 

(3)

– أخاف أن أخوض تجربة جديدة بعد حصولي على الطلاق. 

– لماذا؟

– أخاف من عدم التأقلم معه أو من فشل التجربة مرة أخرى.

(4)

– ماذا عن المنحة التي أخبرتنى أنك ستتقدم إليها؟

– لم أفعل؟

– لماذا؟

– أخاف من الفشل.

(5)

– ولماذا لم تصارحيه باحتياجك؟

– أخاف.

– ممَّ؟

– من أن يسبب لي إيذاءً نفسياً بكلماته أو أن ينتهي رصيده لدي بسبب ما سيقوم به.

"الخوف"..

خوف من المجهول.. من الفشل.. من الوحدة.. من الشعور بالغربة.. من النقد اللاذع.

خوف من أن نكون غير كاملين أو غير مثاليين كما ينبغي.
خوف من الألم أو حتى خوف من أنفسنا وأنها قد لا تختار الأنسب لها والأفضل، رغم أنها تصرخ احتياجاً.

هل الشعور بالخوف شيء فطري أم طبيعي؟

هناك مقولة تجيب عن ذلك:

"إن لم تكن تخاف.. فأنت ميت" نعم أنت ميت، لا تتعجب، فكيف يعيش من لا يحب أو يغضب أو يتألم أو يحزن؟

من منا بلا قلب؟ من منا بلا مشاعر؟ من منا بلا حب وبلا حزن وبلا ألم وبلا سعادة، وأيضاً من منا بلا خوف؟!

تخشى نظراتهم إليك.. تخاف من فشلك أو عجزك أمام نفسك. 

حسناً دعني أعرض عليك بعضاً من الحلول العملية التي من الممكن أن تساعد فى التغلب على خوفك:

أولاً: اعترف بخوفك. 

أنا "بشر" وهذا الشعور طبيعي والمهم ألا يعيقني عن "أهدافي".

ثانياً:

واجهه وتعرف على حقيقته وسببه، هل هو خوف طبيعي أم أنه زائد عن الحد؟

ثالثاً:

لا تسفِّه من مشاعرك ولا تجلد نفسك لشعورك بالخوف لأن جلد الذات سيجعلك واقفاً فى مكانك بلا حراك، بل قد تتراجع خطوات إلى الوراء. 

رابعاً:

حدد ما هو السبب الحقيقي لشعورك بالخوف.. ويجب أن تعلم أن أي "مشاعر" أساسها "فكرة":

– فكرتك عن نفسك. 

– فكرتك عن الآخرين 

– أو فكرتك عن الشيء الذي ستقوم به..

 هل هذه الأفكار تسبب لك خوفاً من الوحدة أم خوفاً من اللوم أم من الفشل… إلخ، ومن ثم اكتب الأسباب التي تجعلك تشعر بذلك:

 – أسباب خاصة بك. 

– أسباب خاصة بالآخر.

مثال:

أسباب خاصة بالآخر:

– أخاف من فتح مشروع جديد أو الانتقال إلى وظيفة جديدة. 

– لماذا؟ أخشى من لوم زوجتي إذا ما فشلت. 

-أسباب خاصة بك:

– أخاف من السفر. 

– لماذا؟ شعوري بالغربة أو عدم الاعتياد أو الوحدة أو أن البلاد التي سأذهب إليها ستنفر مني أو تلفظني بسبب اختلاف الجنس أو الجنسية أو اللغة أو الديانة.

دعنا الآن من زوجتك ولنتحدث عنك: في هذه النقطة إذا ما كنت قد درست جميع الأشياء الخاصة بالسفر وعقلك وتجاربك يخبرانك بأنها الأفضل فعليك هنا أن تنحي مشاعرك جانباً وأن تُعلي صوت العقل أو المنطق.

نعم في بعض الأحيان نحتاج لذلك، أن نضع مشاعرنا داخل "الثلاجة" وأن نجعل الكلمة الأولى للعقل.

خامساً:

اعلم أن أي شيء جديد تقوم به هو خروج عن المألوف الذي كنت تقوم به دوما أو بما يسمى "منطقة الراحة" لديك، أى أن أى خروج من منطقة الراحة التى تعيش فيها الآن – وإن كنت تتألم – هو بمثابة ألم لك.

ورغم أنك تشعر الآن بالألم إلا أنك تخشى ألماً أكبر، مثل محاولتك إصلاح علاقة تؤذيك يتولد لديك صراع ما بين البقاء والرحيل.

في البداية تخشى المواجهة أو المصارحة حتى لا يؤلمك شريكك في العلاقة فتخسره أو تفقده، ثم بعد ذلك تصل إلى مرحلة أنك لا تستطيع الإكمال معه بسبب ألمك الذي لم يعُد يُحتمَل من تلك العلاقة فتقف مكتوف اليدين.

هل تكمل معه رغم كل هذا الألم؟ أم تتركه حتى لا تتألم؟

 لكنك في تلك الحالة تخاف من الوحدة أو من ألمك لفراقه بسبب اعتيادك دوماً على وجوده في حياتك 

أو أنك قد تشعر باليأس في أنك قد تجد شخصاً آخر يفهمك أو يلبي احتياجاتك.

إذاً ماذا تفعل في هذه الحالة؟

عليك بالمحاولة والإصلاح، والمواجهة حيناً والمصارحة أحياناً أخرى.. 

حسناً، وإن لم تنجح محاولاتي؟

هناك فيصل تستطيع أن تحدِّد به إن كانت تلك العلاقة ستنجح أم لا: أن يكون لدى "الطرفين" نفس الرغبة في استكمال تلك العلاقة، وألا تقوم علاقة على محاولة طرف واحد فقط وإنما على كلا الطرفين، فمنطقة الراحة هنا هي راحتك في استكمال العلاقة رغم الألم الذي تلاقيه وتبني مبدأ:

"اللي تعرفه أحسن من اللي متعرفوش"..

 أي أن الحياة التي تعيشها معه وهو بهذه الحال أفضل من أن تتعب نفسك وأن يتعب هو نفسه في تعليم ومحاولة وأخذ وشد وجذب لتصلا للمراد سوياً، والخروج من شكل هذه العلاقة هو ألم كبير حقاً لكنه أفضل بكثير من ألمك وأنت واقف بلا حراك وكأنك تغرق وتستحي حتى أن تصرخ.

 لكنك حتماً ستصل للسعادة والرضا بمجرد أن تكسر تلك الدائرة التي تقيدك لتعترض وتعلن أن الألم يجب أن يتوقف وأنكما يجب أن تستعدا لبدء حياة جديدة.

إذاً متى يتحقق الإنجاز؟

عندما يتغلب شعورك بالنجاح على شعورك بالخوف، حينها يجب أن تأخذ الخطوة الأولى وأن تبدأ المحاولة وأن تدرس وتخطط للموقف جيداً، ومن ثم تنفذه وأن تقوم بأي خطة ولو صغيرة تجاه هدفك، ومن ثم ستشعر بالنجاح، وشعورك بالنجاح سيدفعك دفعاً لاستكمال المسيرة، ومن هنا كلما اعترتك مشاعر الخوف غالبتها مشاعرك بالفرح والرضا والسعادة الناتجة عن تحقيق إنجازاتك ونجاحاتك.

أختم هنا بالفيلم الرائع 

The pursuit of happiness لبطله Will Smith  

هذا الفيلم الذي يجسد الكثير من المشاعر المتتالية والمتلاحقة لشخص قرر أن يجازف، فتتركه زوجته لشعورها بفشله وتترك معه ولدهما الصغير الذي من المفترض أن يقوم برعايته وتربيته والذهاب للبحث عن عمل، وهنا هو لا يريد أي عمل فحسب بل يطمح لمركز مرموق في شركة مرموقة.

في هذا الفيلم عدة مشاهد يجب أن نتعلم منها:

مشهده مع ولده وهو لا يجد مكاناً للمبيت سوى دورة مياه عامة وشعوره بالألم الشديد حتى البكاء.

مشهده في المقابلة مع رؤساء الشركة وهو يرتدي ملابس رثة قد لطَّخها طلاء المنزل وكيف استحوذ على انتباههم وعقولهم من أول جملة تفوه بها، ومشهده الرائع مع ولده الصغير الذي لم يتعدَّ الست سنوات تقريباً حيث قال له:

Don't EVER let somebody tell you:

You can't do something …Not even me.

You got a DREAM, you gotta PROTECT it.

فى النهاية تذكر دوماً:

أننا نحتاج "لشيء" من الخوف حتى تستمر حياتنا لا للخوف "كله".

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

فاطمة المهدي
كاتبة ومستشارة أسرية
كاتبة ومستشارة أسرية
تحميل المزيد