المرأة تعني الجسد…!
كانت هذه هي الفكرة القاتلة التي تم الترويج لها وانساقت مجتمعاتنا وراءها لسنوات طويلة حتى الآن.
لم تقتصر هذه الصورة النمطية للمرأة فقط على الإعلانات والبيع والشراء، بل تخللت معتقدات المجتمع الفكرية الخاصة بأسمى ما خلق الله وهو "الزواج".
لا أعني مطلقاً أن نقطة الشكل والمواصفات الخارجية غير هامة، بالعكس من حقك أن تتخير الشريك الذي يتوافق مع معاييرك في شكل الوجه والجسد لكن ما أعنيه هو التالي:
قللي من وزنك حتى تتزوجي.
أنت نحيفة للغاية كيف ستتزوجين؟
شعرك يتساقط والرجال تحب ذات الشعر الطويل.
بشرتك سمراء والمرأة البيضاء تكسب.
ذراعك.. رقبتك.. أصابعك.. حتى إصبع قدمك الصغير يجب أن تهتمي به حتى يأتي "ابن الحلال"
كل ذلك يجب أن يكون مهيأ لزوج المستقبل.
ثم أما بعد..
يعجب الزوج بالصورة البراقة وبعد شهر عسل يدوم عدة أشهر أخرى فقط، ثم تظهر الخلافات.. لماذا؟
لأن من أخبرونا أن المظهر هام لم يخبرونا أن الجوهر هو الأهم.
لم يخبرك أحدهم أن تلك الصفات قد تقربك أو تبعدك عن زوجك وأن نجاحك في حياتك الخاصة جزء أصيل من نجاح حياتك الزوجية وأنك إن اهتممتِ بجسدك فإن ذلك لا يكون فقط لزوج المستقبل لكنه في البداية يجب أن يكون "لك أنت".
إذاً فما الذي يجذب الزوج وما الذي يجعله يشتاق إليك؟
إليكم تلك القصة:
-زوجي بدأ في النفور مني.
-لماذا؟
-لا أعلم.. رغم أنني ألبِّي له جميع احتياجاته.. لا أتركه بمفرده أبداً وأتحرك معه مثل ظله، بل أسخر نفسي لخدمته ليل نهار ولا أجعله يقوم بعمل أي شيء في المنزل أو مع الأبناء.
– وهل أخبرك بأن هذا يريحه؟
– في بعض الأحيان يتململ ثم يدلف إلى غرفته كي يغفو قليلاً.
– جميل وماذا تفعلين أنت حينها؟
– بالطبع أتبعه إلى الغرفة.
– لماذا؟!
-حتى لا أتركه بمفرده.
– وما الذي سيحدث لو تركته بمفرده هل ستأكله أمنا الغولة؟
-لا.. أخشى فقط أن يحتاج إلى أي شيء.
– يحتاج إلى شيء أم أنك تريدين أن تكوني دوماً بجواره ولو خيروك لابتعت زجاجة اللاصق ولصقت نفسك به.
تضحك في خبث وتطأطئ رأسها قائلة:
ماذا أفعل وأنا أحبه؟
من قال لك إنه يريدك بجواره دوماً؟
من قال إنه تزوجك حتى تلتصقي به طوال الوقت؟
من قال إن هذا هو الحب؟
الحب هو الحرية والاستقلال.
إذاً ما العمل وما هي الصفات التي يجب أن تتمتع بها الأنثى كي يشتاق لها زوجها ويراها بعين أخرى؟
يجب أن تعلمى أولاً أن أي تغيير ستقومين به ليس من أجل الآخر فحسب بل من أجلك أنت في بادئ الأمر، وهذا لضمان نجاح التجربة لأنك لو حاولت تغيير نفسك لأجله فقط ولم يلحظ هذا التغيير أو كانت ردود أفعاله على غير المتوقع فسوف تنزعجين ببساطة ثم تعود ريما إلى عادتها القديمة.
أولاً: الاستقلالية
يجب أن تكون لك حياتك المستقلة، حياتك الخاصة بك.
عملك.. هواياتك.. أصدقاؤك.. اهتماماتك.. يجب أن تعملي على تكوين هذا العالم خطوة بخطوة بعيداً تماماً عن عالم الزوج.
نعم هناك عالم واحد يجمعكما معاً لكن هذا لا يمنع أن يكون لكل منكما عالمه الخاص.
ثانياً: الثقة بالنفس.
ينفر الرجل من المرأة ذات الثقة المتدنية بالنفس، والتي تشك دوماً في تصرفاتها وشخصيتها وحوارها.
تشك في شكل جسدها ولون شعرها، وتشك حتى في كيفية تناولها للطعام وكيفية تربيتها لأبنائها.
ما يجب أن تعلميه حقاً هو أنه يجب عليكِ أن تعيدي النظر في إيجابياتك لتقومي بتقويتها وتتعرفي على سلبياتك الحقيقية وليست المزيفة أو التي تتخيلينها وتقومي بتعديلها وحتى ذلك الحين لا تتلفظي بها أمام زوجك ليل نهار
مثل أن تشككي في شكل جسدك: "هناك نتوء ما في هذه المنطقة وهناك علامات للولادة في تلك المنطقة".
توقفي عن ذلك فوراً.
ثالثاً: ذكاء المسافات.
ما هو ذكاء المسافات؟
هو أن تعرفي متى تقتربين ومتى تبتعدين قليلاً ليشتاق؟، متى تتدللين، متى تتواصلين معه في العمل.. وكيف؟
متى تقومين بإرسال رسالة تحمل أشواقك ومتى تتوقفين حتى يتساءل أين ذهبت ومن ثم يبحث هو ويبادر.
لا أعني بذلك أن تمتنعي عنه لكنك تعلمين تماماً ما أقصد.
ولكي نطبق ذكاء المسافات بشكل صحيح لا تستجدي الحب استجداءً ولا تلحي عليه دوماً في السؤال: هل تحبني حقاً؟ هل ما زلت تفعل؟ هل أنا جميلة؟ لم تقل لي أحبك منذ عهد الفراعنة!
بدلاً من ذلك علميه كيف يعبر ومتى، وأعطيه بداية الخيط ودعيه يكمل وتعلمي كيف تحاورين عقله وقلبه معاً، لا قلبه فقط.
رابعاًً: لغة الجسد
هل تظنين أن الرجل الذي يقع في شباك امرأة أخرى أو يتزوج بأخرى يجذبه جمالها فقط؟
بل هناك عدة عوامل قد تكونين أنت أهملت بها مثل لغة الجسد ونبرة الصوت.
أرى في الحياة بعض النساء شديدات الجمال لكن أصواتهن وطريقتهن مع أزواجهن مثل مديره في العمل وعلى العكس من ذلك قد تكون الأنثى متواضعة الجمال لكن لغة جسدها ونبرة صوتها تنبئ بالكثير..
يكفي إلى هذا الحد أنتن تعلمن ما أقصد.
خامساً: فنون الحب والعشق
أنا متعبة ليل نهار ولا أفهم ما تقصدين وإن فهمت فإن رأسي لا يستوعب كل هذه المهام، فيومي مع أبنائي طويل مرهق.
سادساً: النظافة
غريب هذا العنوان أليس كذلك!
لا تتعجبي، فهناك سيدات كثر لا يعلمن معنى النظافة الشخصية ولا يتحممن إلا في عيد الأضحى وشم النسيم،
وهناك من تنام بجوار زوجها برائحة المطبخ والتقلية تغمرها من رأسها إلى أخمص قدميها ثم تعود لتشتكي أنها حاولت أن تحتضنه لكنه أدار وجهه للجهة الأخرى واستسلم للنوم، أعتقد أن هذا أفضل له بدلاً من أن يلقى حتفه على يديك.
سابعاً: قوية وضعيفة في الوقت ذاته
يحتاج الرجل لزوجة قوية تقف بجواره وتساعده في اتخاذ القرارات الخاصة بهما لكنه في نفس الوقت يريد أن يشعر أنها تحتاج إليه، فهي تقويه وتسند ظهره، لكنها لا تدير الدفة بدلاً منه ولا تشعره أن البيت به رجلان
هو رجل يحمل ويتحمل ويحتاج لأنثاه بجواره، وهي أنثى تسانده وتشد من أزره وتحتاجه ليشعر بجوارها بقوته ورجولته.
ثامناً: مدير العمل
"افعل هذا ولا تفعل ذاك.. لقد أخطأت في كذا.. طريقتك مع الأبناء خاطئة.. أنت السبب فيما نحن فيه الآن.. لو لم تترك عملك القديم لما حدث هذا.. لقد أخبرتك أن هذا المشروع لن ينجح؟".
دعينا نكن صرحاء سوياً: لا أحد منا يحب لغة النقد ولا أحد يحب أن يوجه له الآخر توبيخاً بحجة النصح
فإن كنت هكذا فدعي عنك تلك الصفة لأن ما تقولينه لن يقدم ولن يؤخر بل سيبعد زوجك عنك.
تاسعاً: خفة الظل
"النساء يعشقن النكد" بعيداً عن تلك المقولة وبعيداً عن البحث في مدى صحتها.
أعلم أن ما تتعرضين له من ضغوط قد يحولك إلى شخص يبكي كثيراً أو من شخص يحب الضحك إلى شخص كثير العبوس. لكنني أهمس لك أن البشر جميعاً يحبون الشخص الذي يسرِّي عنهم، صاحب النكتة الحاضرة، خفيف الظل الذي يجلسون معه ليتخففوا من أحمالهم، لا أنكر أن عليك مسؤوليات كثيرة لكن كثرة النكد والشكوى والعبوس لن تجدي نفعاً.
لذلك هناك سؤال هام :
هل ينفر الزوج من المرأة النكدية التي تحيل حياته جحيماً وينجذب إلى المرأة خفيفة الظل التي تشعره أن العالم لا يساوي شيئاً أمام ضحكتها؟
هل يحب الزوج الزوجة التي تضحك وتلهو معه، أم الزوجة التي تجلس ليل نهار مثل مشرف في معسكر إجباري؟ أدع لك الإجابة عن ذلك.
عاشراً: العلاقة الحميمة
أغلب الرجال لا يحبون التخطيط لهذا الأمر، فمنهم من يطلبه صباحاً وأنت بالطبع تتململين لأنك غير مجهزة ولأنك قد برمجت عقلك على فكرة مفادها أن المساء فقط هو الذي خلق لذلك، وقد يطلبه وأنت تقومين بتحضير الطعام أو في أي وقت آخر لست مجهزة فيه ذهنياً أو جسدياً.
لذلك يجب أن تضعي في حسبانك أن هذا الرجل يرى ما لا ترينه طوال اليوم ويتعرض للفتن في الشوارع والعمل وعلى الإنترنت رغماً عنه، لذلك أرجو أن ترحميه وترحمي نفسك من دوامة الدخول في مشكلات أنتما في غنى عنها.
هو ليس مثلك ولا يحركه في ذلك سوى شيء واحد وهو الرغبة الجسدية، على عكسك أنت كأنثى تهتمين بالناحية النفسية في المقام الأول، لذلك وجب عليكما أن تفهما طبيعة كل منكما.
هو لا يهتم كثيراً بما تقومين به من تخطيط وزينة ولا يلتفت أيضاً إلى علامات التخسيس في جسدك في هذا الوقت، هو ليس مثلك، لذلك لا تنزعجي كثيراً، فالفيصل هنا هو ثقتك بنفسك وطريقة تفاعلك معه.
اعلمي أيضاً أنه كما تحبين أنت أن يكون هو المبادر، هو أيضاً لديه مشاعر ويحب أن يكون أنت من يبادر في بعض الأوقات، فلا تبرري لنفسك أنك أنت الأنثى وأنك من يجب أن تُطلب لا تَطلب، فهذا هراء ساقه لنا مجتمعنا العظيم.
كوني على طبيعتك مع زوجك وأشبعيه كما يحب وتفاعلي معه كما تحبان سوياً وتعلمي الفنون الخاصة بذلك وافهمي منه ذوقه والطريقة التي يفضلها وأخبريه بما تفضلين ولا تعيشي دوماً دور المتلقِّي، حتى لا تتحول العلاقة إلى روتين يجب أن تقوما به فقط مثل الماكينات.
ودمت دوماً جميلة وبألف خير.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.