ها هو العام 2020 يحزم أمتعته مستعدًّا للرحيل.. عام يشارفُ على إغلاق أبوابه، وطيِّ صفحاته.. لكنه يحاول أن يوصل إلينا نداءه الأخير بالتغير والتغيير.
عام سيمضي من أعمارنا.. أتراه يستحق الحسبان؟ أم أنه مجرد عقارب تدور بين ثنيات الزمان؟ أكان به ما يستحق الذكر أم أنه ما كان؟!
أكان مثل سابقه دونما تغير أم أنه أضاف خبرة ووعيًا واتزان؟
همس العام الفائت في أذن الزمن إنهم قيدوني، وجعلوني كثيرًا موضع اتهام.
قد استنسخوني حتى أبقى لصيقًا بأعذارهم، خارج حدود النسيان. صبوا علي جل غضبهم مرارًا و تكرارًا ، ولعنوني على مسمع الزمان.
حاولت فراقهم لكنهم أبوا، فأصابني تلف في غشاء طبلتي لكثرة ما دقوا أبواب مقبرتي، ودخلوها مقتحمين بازدحام.
2020 يدافع عن نفسه
إنني بريء من اتهاماتكم، وسأحاكمكم على مرأى ومسمع الأيام. نبش القبور جريمة، والأموات لا يجديهم عتاب، ولا يحييهم أي اعتذار.
ما مضى وانقضى أصبح ذكريات، نستقي منها دروسًا وعبرات، لنا يدٌ تمسك بالحاضر، والأخرى تتشبث بالمستقبل، أما الإمساك بالماضي سيجعلك تفلتُ حاضرك ومستقبلك من بين يديك، شئت ذلك أم أبيت فما عليك إلا أن تختار.
إما أن تشد الهمة وتعقد العزم على وصول مبتغاك، بالتخطيط من جديد بخبرةٍ أكثر، وتخطٍّ للهفوات، والتصدي للعقبات بالصبر والثبات، وإما أن تكتف يديك تنتظر تغير الأحوال، وتبدل الأرقام في كل عام راجيًا أن تأتيك بالجديد، أو الحظ السعيد.
انظر للشمس كل يوم بتأمل و عزم، تشرق بلا كلل تبعث الأمل، و إن اعترضها الغيم عادت لنا بشوق، فكن كمثلها لا تعرف الركود، ولا تبقَ يومًا مستسلمًا بلا حراك.
ابحث في كل درب، و في كل ركن عن أمل في سبيل التجدد والعطاء.
فلا تقف أبدًا في المنتصف، لا تكن كحَرِجِ النقاط لأي اقتران.
انظر بمرآة قلبك كل يوم، وتأكد من وضوح صورتك، فلا تجعله يتراكم عليها سواد الضباب..
لذلك في زحام يومكَ لا تنسَ غذاء الروح من صلاة وذكر لله.. وتذكر أن السعادة تحصل عليها بقدر ما تقدمها لغيرك.
أشياء بسيطة لا تكلفك شيئًا كابتسامة، أو كلمة طيبة تجبر بها خاطرًا كُسر قد تفتح لك في الخير والسعادة ألف باب و باب.
واعلم أن العام هو العام، و الأشهر هي الأشهر، لكن أنت من يتغير حقًا، أنت الذي يحتَّمُ عليك أن تتغير كلما ضخَّت التجارب حكمة فيك.
فلِيعدَّ العامُ جديدًا لا بدَّ أن يضيفَ لرصيدك في الحياة ما يستحق الذِّكر، وليتسنّى ذلك عليك أن تضع في بدايته خطةً لما تود تحقيقه فيه، وتحدد الأسباب التي أخرت سير خطتك في العام السابق، وتتفاداها. المهم ألا تلغي خطة أحلامك، وطموحاتك التي وضعتها سابقًا، وتجعلها تهترئ بتقادم عقارب الزمن، فعليك التعديل عليها وفقًا لما استنبطته من عبر، وجعلها أكثر مرونة، كما عليك وضع كثير من الخيارات والبدائل في حالات الظروف الطارئة، أو هبوب رياح عاصفة مفاجئة عكس تيار سيرك تحط من سرعة نبض أحلامك،
فعليك تذكر أن الحياة دقائق وثوان لا تعود للوراء أبدًا.
على أعتاب العام الجديد
فتذكر وأنت على أعتاب العام الجديد أنك أنت من يجب أن يتغير قبل تغير التواريخ، أنت من تصنع عامك الجديد في الوقت الذي تريده، فلكل منا بوصلته وتوقيته الزمني الخاص به.. فأيام تعيشها قد تساوي في شأنها سنينًا، وسنين تُمحى وتُنسى بلحظة لخلوها من أي إنجاز أو سعادة..
لا تنتظر تبدل الأعوام لتتبدل أقدارك، بل اخلق في كل يوم ولحظة عامًا جديدًا خاصًا بك، ولا تأسف وتندم مطولًا على أخطائك، وعش بالطريقة التي تحبها، وسِر على النهج الذي به تبصر نجاحك، واجعل الدقيقة في أيامك القادمة تساوي سنينًا مشرقة فتمحو من تقويمك عجاف سنواتك، وتُسقطها من الحسبان.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.