9 نصائح طبية مهمة لمرضى الصرع في رمضان

عدد القراءات
829
عربي بوست
تم النشر: 2019/05/05 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/05 الساعة 13:39 بتوقيت غرينتش
بريطانيا توفر لمرضى الصرع جراحة بالليزر/صورة تعبيرية_Istock

       لم يعد مرض الصرع ونحن قد شارفنا على نهاية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، هو ذاك الدَّاء الذي تشوبه الخرافات والمفاهيم الخاطئة كما كان في سالف الأزمان، ولم يعد صاحبه يُنعت بالجنون أو المرض العقلي، فقد أضحى معروفاً أنه اضطراب جسدي عصبي ينجُم عن خلل نوبي غير مضبوط، قصير المدة في الإيقاع (النظم) الكهربائي الطبيعي لنشاط الدماغ، فيتظاهر على جسم المريض بأشكال مختلفة، تتراوح من النوبات المتكررة من فقد الوعي الكامل والسقوط على الأرض مع التشنج والخلجان في الأطراف الأربعة (الصرع الكبير المعمم)، إلى نوبات الاهتزازات الخفيفة بأحد الأطراف (الصرع الجزئي البسيط) أو نوبات فقد الاستجابة الشائعة لدى الأطفال (صرع الغياب) أو غيرها من الأشكال. وبتطور علوم الطب والدواء، أصبح هناك الكثير من العلاجات التي تساهم في ضبط هذه النوبات وعودة المريض للحياة الطبيعية، ومن ثم الشفاء الكامل للمرض بعد مرور عدة سنوات، ثم التخلص من الدواء نهائياً في معظم الحالات، وذلك اعتماداً على معايير يحدّدها الطبيب المشرف.

         مع اقتراب شهر رمضان من كل عام، يسارع المرضى وذووهم إلى عيادات المخ والأعصاب، وهم في حالة حيرة وتساؤل عن إمكانية الصيام، وكيفية تناول العلاج، وهل سيؤثر الصيام سلباً على تواتُر (تكرار) النوب أو أنه سيحرِّضها.

         والحقيقة أنه لوحظ عموماً وجود زيادة في تكرار النوبات لدى مرضى الصرع خلال شهر رمضان، بالرغم من أن الدواء المعطَى وجرعاته هي نفسها قبل رمضان، إلا أن هذه الزيادة تُعزى في الغالب إلى تغيير نظام تناول الدواء، بسبب الصيام طويل المدة، جاعلاً المدة الزمنية الفاصلة بين جرعتين أكبر (وبالتالي تضطرب الحركية الدوائية في الجسم pharmacokinetics  وفاعلية الدواء) فضلاً عن نقص مدة النوم أو تقطّعه وتغيّر النَّظْم اليومي circadian rhythm  مع التوتر العاطفي والتعب، وكذلك نوعية الطعام المتناول بما له من تأثير على امتصاص الدواء (وبالتالي تركيزه في الدم).

       بشكل عام يمكن لمريض الصرع ذي النوبات المضبوطة على العلاج قبل رمضان بعدة شهور، أن يصوم بشكل آمن في حال عدم تعرضه للعوامل المثيرة للنوبات. والنصيحة الذهبيّة هنا هي الالتزام بالدواء وعدم تركه نهائياً، والحذر كل الحذر من القطع المفاجئ للدواء مع بدء رمضان؛ لأن ذلك يحمل خطورة عالية لتكرر النوبات التي قد تصبح شديدة ومتكررة، أو ربما مهدّدة للحياة لا قدّر الله.

وفيما يلي مجموعة من النصائح الأخرى لمرضى الصرع مع بداية شهر رمضان:

1. بالنسبة للدواء: من الأفضل زيارة الطبيب المتابع للحالة قبل دخول شهر الصيام بفترة لا تقل عن عدة أسابيع، والذي سيأخذ بالاعتبار شكل النوبات التي يعاني منها المريض، ومدى انضباطها قبل رمضان، ونوع الدواء الموصوف، وبالتالي يمكن بالتنسيق مع الطبيب القيام بتعديل مواعيد تناول الدواء تدريجياً، حتى تصل في اليوم الأول من رمضان إلى موعدي تناول وجبتي الفطور والسحور، وذلك بالنسبة للأدوية التي يجب تناولها مرتين في اليوم (مثل كاربامازبين، فالبروات الصوديوم، توبيرامات)، وبالمقابل هناك أدوية التي يمكن تناولها مرة واحدة باليوم (مثل فينوتوئين، لاموتريجين) سيوصي الطبيب بتناولها إما مع السحور أو بعد الإفطار.

2. التأكيد على ضرورة تناول وجبة السحور وتأخيرها إلى ما قبل الفجر مباشرةً، فالجوع الشديد هو عامل خطر معروف يزيد من احتمال حدوث نوبة الصرع. ولا ضير في أن تكون وجبة السحور غنية بالسكريات لتجنب انخفاض سكر الدم نهاراً، وبالتالي تحريض نوبة الصرع.

3.  شرب كمية جيدة من الماء خلال فترة المساء بعد الإفطار، تتراوح من 2.5 إلى 3 لترات يومياً، وذلك لتجنب الجفاف نهاراً، وخصوصاً في فصل الصيف، الأمر الذي قد يؤدي الى خلل التوازن والاستقرار الداخلي في الجسم (مثل ارتفاع تركيز الصوديوم في الدم)، ما قد يحرّض نوبة الصرع.

4. تجنب النشاط الجسدي الزائد والإرهاق نهاراً، مثل الرياضة والجري والسفر، بل الاكتفاء بالنشاط الروتيني المعتاد (الذهاب للعمل أو المدرسة). يفضل تأجيل ممارسة الرياضة أو الأعمال المجهدة إلى فترة ما بعد الإفطار، وذلك منعاً لانخفاض سكر الدم أيضاً، وبالتالي تحريض نوبة الصرع.

5. الحفاظ على جودة النوم عبر أخذ القسط الكافي من النوم، بما لا يقل عن 7- 8 ساعات يومياً بالنسبة للبالغين، و9- 11 ساعة للأطفال، بالإضافة إلى محاولة تجنب تقطّع النوم قدر الإمكان، وضرورة أن يكون النوم الأساسي ليلاً، مع إمكانية أخذ قيلولة صغيرة نهاراً، وبالتالي الحفاظ على النظم اليومي المعتاد circadian rhythm قبل رمضان. وقد لوحظ أن النوم هو أحد أكثر العوامل المؤكدة التي تؤثر على حدوث النوبات،  فالحرمان منه أو اضطراب دورة (النوم – اليقظة) يحرّضان النوب.

6. تجنب التوتر النفسي والهياج والانفعالات الزائدة والقلق، نظراً لما تحمله هذه العوامل من تأثير سلبي على إحداث النوبات، كونها تؤدي إلى اضطراب في النماذج اليومية الطبيعية لعدة هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول.

7. تجنب الجلوس الطويل أمام شاشة التلفاز أو الحاسوب و ألعاب الفيديو وما يشابهها من الأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى الأماكن الصاخبة والضجيج العالي، كي لا تتم إثارة الخلايا العصبية الدماغية، وبالتالي تحريض النوب لدى بعض المرضى.

8. تجنب قيادة السيارة قدر الإمكان واستبدالها بوسائل النقل العام أو سيارات الأجرة، أو الركوب مع زميل أو جار في سيارته.

9. اتخاذ الطرق الوقائية لتجنب العدوى، نظراً لما تُسببه من ارتفاع حرارة الجسم، وبالتالي زيادة احتمال حدوث نوبة الصرع. وفي حال حدوث العدوى يجب مراجعة الطبيب المتخصص في أقرب وقت، لوصف الأدوية المضادة اللازمة، وخافضات الحرارة، مع ضرورة إخباره باسم دواء الصرع المتناول، لتجنب حدوث أية تداخلات دوائية.

       من جهة أخرى، فقد قامت مجموعة من الأطباء بعلاج بعض مرضى الصرع عن طريق الصيام، أو اتباع نظام غذائي معين (الحمية الكيتوجينية) يُعتمد فيه على الدهون كغذاء أساسي، مما يؤدي إلى توليد الأجسام الكيتونية ذات الدور الفعّال في ضبط نوبات الصرع، إلا أن هذه الطريقة لا تزال محدودة الاستخدام، نظراً لما تحتاجه من إشراف طبي دقيق من قِبل متخصص خبير، فضلاً عن كونها طريقة ذات طابع شخصي تتطلب مراقبة حالة كل مريض على حدة. وتبقى القاعدة هي أن الصيام يزيد من احتمال تكرار النوبات عموماً، ولتجنب ذلك يوصى المرضى باتباع النصائح المذكورة أعلاه.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمود مندو
اختصاصي بالأمراض العصبية
أنا الدكتور محمود هشام مندو من مواليد ألمانيا 1979، طبيب حائزٌ شهادة الاختصاص بالأمراض العصبية منذ عام 2008 . وحائزٌ شهادة البورد السوري بالأمراض العصبية، وفيلوشيب في تدبير الألم من الهند عام 2016. عملت في كل من سوريا والمملكة العربية السعودية، وبجانب الطب عملت مؤلفاً وترجمت عدة كتب ومقالات.مهتم باللغة العربية وتعريب الطب وأتقن الإنجليزية والألمانية والتركية ومقيم حالياً في تركيا.
تحميل المزيد