يظنُّ بعض الناس أنَّ الإنسانَ المبدع وُلد هكذا مبدعاً، وهو مفهوم غير صحيح، إنَّ كلَّ فردٍ على هذه البسيطة هو مشروع مبدع يستطيع أن يُبدع ويبتكر إذا تعلّم وتَدَرّب على مهارات التفكير (الإتيان بجديد) العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكون مفيدة ومقبولة اجتماعياً عند التنفيذ وأيضاً هو أن ترى المألوف بطريقة غير مألوفة، والقدرة على حَلّ المشاكل بأساليب جديدة، كلها أسباب للإبداع والتميز.
ماجد البطش شخص أعرفه وهو غير اعتيادي، منذ صغره وهو يبحث عن كل ما هو حديث وغير مألوف ليسمو في هذا الكون.
بدأ حياته في بيئة متواضعة كان يتمتع بمستوى تعليمي عالٍ في المرحلة الإعدادية، ولكن كانت الصدمة في عدم تجاوزه المرحلة الثانوية، وانحدر تحصيله العلمي بشكل لافت بسبب ضغط الأهل لاختيار تخصص علمي بدلاً عن الأدبي. لكن الشغف الذي يمتلكه وإقباله على الحياة كان لهما دور بارز في تجاوزه هذه المرحلة، وقد استعان بالقراءة في زيادة وعيه وإدراكه، بدأ فكره يختلف عن بيئته والحارة التي نشأ بها إلى أن وصل إلى مرحلة تناقض عجيب بينه وبين أهله.
كان ملهماً بالسفر لاكتشاف نفسه والبحث عن علم يستهويه، وحسب وصفه فإن هناك شيئاً في الكون يبحث عنك لبداية تحول جديدة قد تغير الإحداثيات المتوافرة كلها.
في زيارة لأخيه في إفريقيا عاد بذكرياته إلى أن يصبح معالجاً طبيعياً، استغرق شهراً من الحيرة إلى أن وجد أن العالم كبير جداً، وهو محصور في نقطة معينة، توسع نطاق أفكاره في هذه الزيارة، ومن خلال قراءات في كتب الطب الصيني وما يسمى العلاج اليدوي – طريقة علاج تعيد الحيوية والتوازن والتناغم للجسم – استهواه تعلم هذا العلم بحكم حبه لكل شيء غير متعارف عليه ويلفت الانتباه.
لازم المدرب 5 سنوات، اجتهد في هذا العلم إلى أن حصل على شهادات عالية في هذا المجال. وكانت الصدمة عندما عاد إلى وطنه فلم يكن للمعالجة اليدوية مسمى، ولم يعترف بها أحد، ليجد نفسه مُحارباً من المنظومة الطبية لأن طريقة علاجه تغني في بعض الحالات عن تكاليف المستشفيات الباهظة والعمليات الجراحية.
برغم عدم السماح له بفتح مركز طبي، على اعتبار أن المراكز الحالية تقليد قانوني، ولا يوجد مجال لإبداع مواهب طبية شعبية، فإنه اعتبر هذه الصعوبات التي تقف في طريقه ما هي إلا فترة تأمل ومراجعة لما هو دوره ومكانه في هذه الحياة.
أصر على إثبات ما يملكه من مهارة وعلم في إعادة حيوية وتوازن الجسم، فقام بفتح مركز خاص به متخصص في علاج مشاكل عضلات الجسم / الديسك، عرق النسا / متلازمة آلام الكتف وغيرها باعتماده على آلية إعادة العضلات لوضعها الطبيعي من خلال اليد وتناسقها مع بقية أعضاء الجسم والاعتماد على الكشف الحسي.
إصرار البطش وتركيزه على تحقيق حلمه وعدم الاستجابة لضغوط وصعوبات الحياة جعل منه شخصاً مبدعاً ومعالجاً بطريقة لا يمتلكها إلا أشخاص محدودون، في النهاية ما ركز عليه حصل عليه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.