تشعر بالوحدة؟ قلة النوم أحد أسبابها، و هذا هو الحل الجيد للخلاص منها

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/19 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/19 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش

مشكلة جديدة تُبقيك مستيقظاً طوال الليل؛ فتعاني طوال النهار التالي مزاجاً متعكراً وكسلاً وإرهاقاً. هل يمكن لـ "قلة النوم" أن تؤثر على حياتك الاجتماعية؟

ليس بمعنى أن تكون متعباً إلى حدِّ ألا تخرج (رغم أنه حصيلة ليلة سيئة بالتأكيد)، لكن هل تكون قلة نومك مُنَفِّرة للآخرين؟

عزَّزَت دراسةٌ من جامعة كاليفورنيا الرابط بين الوحدة ومشكلات النوم؛ إذ اكتشف الباحثون أن نقص النوم يجعل الناس يشعرون بأنهم أكثر وحدة.

قلة النوم تؤثر على تمييز تهديدات الآخرين واختيار العزلة

كانت دراسةٌ صغيرة، اختُبِرَ فيها 18 شاباً بالغاً بعد ليلةِ نومٍ جيدة وأخرى متقطِّعة. حين عُرِضَت عليهم مقاطع فيديو لأشخاص يمشون باتجاههم، وطُلِبَ منهم توقيف الشريط عندما يشعرون بأن الشخص قد اقترب بشدة منهم، في حالة نقص النوم جعلوا الشخص على مسافة 60% أبعد من حالة النوم الجيد. وأظهر مسح المخ خلال التجربة نشاطاً أكثر في المنطقة التي تُميِّز التهديدات حين كان المشاركون محرومين من النوم.

وحتى الحكم على جاذبية الآخرين

في تجربةٍ أخرى، طُلِبَ من 1000 شخص أن يُقيِّموا صوراً لأناس -بعضهم في حالة نقص النوم- وفقاً لمدى الجاذبية الاجتماعية التي يبدون عليها.

جاءت نتيجة المحرومين من النوم سلبية. واستنتج الباحثون أن العزلة المرتبطة بالنوم يمكن أن "تُحفِّز انتقال الشعور بالوحدة"، فبعد عرض فيديوهات لأشخاص محرومين من النوم، شعر المشاركون السعداء الأصحّاء حينها بوحدة أكثر.

فالبشر اجتماعيون وقلة النوم تؤدي إلى النبذ

أستاذ علم النفس والأعصاب وكبير الباحثين في الدراسة، والذي ألَّف الكتاب الأكثر مبيعاً "Why We Sleep-لماذا ننام؟"، ماثيوز وولكر، قال لصحيفة The Guardian: "نحن البشر جنسٌ اجتماعي، ومع ذلك فقلة النوم يمكن أن تحولنا إلى منبوذين".

وأضاف: "كلَّما قلَّ النوم الذي تحصل عليه، تقل رغبتك في التفاعل الاجتماعي. في المقابل، يعتبرك الناس طارداً اجتماعياً، بالإضافة إلى زيادة أثر العزلة الاجتماعية الخطير الناتج عن قلة النوم. قد تكون هذه الحلقة المفرغة عاملاً مساهماً مهماً في الوحدة التي تمثل مشكلةً في الصحة العامة".

والوحدة أخطر على الصحة من السمنة والتدخين

في بريطانيا، على سبيل المثال، يقول أكثر من 9 ملايين بالغ إنهم دائماً أو غالباً وحيدون. ويتضح أن الوحدة المزمنة والعزلة الاجتماعية يمكن أن تكون لها عواقب صحية بالغة.

اكتشفت إحدى مراجعات الدراسات العام الماضي (2017)، أن الوحدة أخطر من السمنة والتدخين، وأن التواصل الاجتماعي الجيد مرتبطٌ بتقليل العرضة للموت المبكر بنسبة 50%.

هذه ليست المرة الأولى التي يرتبط فيها النوم والوحدة. عام 2002، كشف جون كاسيوبو، خبير الأعصاب والوحدة الراحل، أن الأشخاص الوحيدين ينعمون بنومٍ أقل جودة. وأظهرت دراسة عام 2011، أجراها باحثون بجامعة شيكاغو، على 95 شخصاً، أن كل درجة زيادة في مقياس UCLA للوحدة كانت مرتبطةً بنسبة تقترب من 8% زيادة في تقطُّع النوم (أو تعطُّله)، حتى لو كانت الحالة تحظى بكمية النوم الإجمالية نفسها.

وكتب الباحثون: "يبدو أن صحة النوم تتأثَّر بالشعور بالوحدة". أثبتت دراسة أُجريت على الفئران، أن القوارض المشارِكة اجتماعياً تُظهِر زيادةً في كفاءة النوم مقارنةً بالقوارض المنعزلة.

تقلل جودة النوم وتزيد الشعور بالتعب

وفي العام الماضي (2017)، أظهرت دراسةٌ أجراها باحثون من كلية كينغز لندن على 2000 شاب بالغ، أن الأشخاص الأكثر وحدة يحصلون على نوم أقل جودة، وأكثر عرضة للشعور بالتعب، ويجدون صعوبةً أكبر في التركيز على المهام خلال اليوم أكثر من الذين لم يبلغوا عن شعورهم بالوحدة.

ويقول تيموثي ماثيوز، الباحث المشارك بمعهد الطب النفسي وعلم النفس والأعصاب في كلية كينغز لندن: "قد يكون الشعور بأنك وحدك في العالم، وهو شعور غير آمن بالأساس، هو ما يُصعِّب الحصول على نومٍ مريح ليلاً. وهذا بدوره قد يعني أنك لست في أفضل حالاتك، ولا تُخرج أفضل تفاعلاتك الاجتماعية، ما يزيد إحساس الوحدة".

ولكن هل يمكن أن تكون الوحدة ناتجة عن قلة النوم؟

من غير الواضح ما إذا كانت قلة النوم تسبِّب الوحدة -كما تُرجِّح دراسة بيركلي- أو أن الوحدة هي التي تسبِّب قلة النوم.

قال ماثيوز: "يُحتَمَل أن يكون الأمر يحدث بكلتا الطريقتين. يمكن أن تقود الوحدة إلى مشاكل في النوم؛ بسبب شعورك بعدم الأمان، ولأنك لا تنام ربما يضعف هذا تفاعلاتك مع الآخرين، ما يقودك في النهاية للشعور بالعزلة والوحدة. اكتشفنا أن الأفراد الوحيدين لا ينامون بالضرورة أقل أو أكثر من الأشخاص الأقل وحدة، لكن يبدو أنهم لا يحصلون على المزايا المجددة في النوم، وهم بذلك لا ينعمون إلا بنومٍ قليل الجودة".

ويضيف أنه قد يكون هناك عامل تطوري، ويفسر: "يؤمن بعض العلماء بأن الوحدة جزء من تراثنا التطوري؛ لأن أسلافنا كانوا يجتمعون في مجموعات بهدف النجاح. لو كان لديك نفورٌ بسبب عزلك عن مجموعة، فقد يكون هذا بسبب الغرض التكيفي. لو كنت تشعر بأنك وحيد، فهذا يضاهي الشعور بعدم الأمان. يبدو العالم مكاناً مُهدَّداً بصورةٍ أكبر، وهذه النظرة يمكن أن تُصعِّب الحصول على نومٍ أكثر راحة؛ لأنك يقِظ لأجل أمانك".

الإحساس بالأمان والعنف عاملان مؤثران أيضاً

لاختبار فكرة تأثير الشعور بعدم الأمان على النوم، نظر الباحثون إلى تعرُّض المشاركين للعنف سابقاً. ووجدوا أن الرابط بين الوحدة وضعف جودة النوم بنسبة 70% تقريباً أعلى بين هؤلاء الذين تعرَّضوا أو شهدوا عنفاً مُفرِطاً.

حتى عندما وضع ماثيوز في الاعتبار مشكلات الصحة النفسية التي يمكن أن تؤثر على النوم مثل القلق أو الاكتئاب، ظلَّ الرابط بين النوم قليل الجودة والوحدة موجوداً، وقال: "لذا يبدو أن الشعور بعدم الأمان أمرٌ مُحدِّد للوحدة".

والوحدة مُدمِّرة للصحة النفسية والجسدية

يُنظَر إلى الوحدة بشكلٍ متزايد على أنها جزءٌ أساسي من الصورة الصحية الأوسع. قالت أليس سترايد، المتحدثة الرسمية لـ"حملة إنهاء الوحدة": "ارتباط الوحدة والنوم أمرٌ مثير للاهتمام، بمعنى أن كونك متواصلاً مع آخرين مهم لشؤونك الصحية كالنوم، والتمارين الرياضية، والنظام الغذائي. الوحدة مُدمِّرة لصحتك النفسية والجسدية، والتواصل مع الناس قد يكون علاجاً لهذا. نحن نعرف أنك أكثر عرضة للإصابة بالقلق، والاكتئاب، ومشاكل القلب وكل هذه الأمور".

وأضافت أنها غير مهتمة بلغة باحثي بيركلي عن الوحدة، مثل تلقيب الناس بـ"المعتلِّين اجتماعياً". فـ"هناك بالفعل وصمٌ حول الوحدة؛ لذا نحتاج أن نكون حريصين في اللغة التي نستخدمها".

وأحياناً يكون سببها قلة المال والديون

هل يمكن أن يكون مفيداً للناس أن يتذكَّروا أن قلة نومهم قد تكون سبباً لشعورهم بالوحدة؟ أجابت أليس عن هذا السؤال قائلةً: "الوحدة أمرٌ مُعقَّدٌ جداً، ولا يمكنك اختصارها في شيءٍ واحد".

وتابعَت: "أظن أن بإمكاننا القول إن هذا قد يكون عاملاً، لكننا نحتاج للنظر إلى العوامل الأخرى أيضاً". أمورٌ أخرى مثل المشكلات الصحية والحالة الاقتصادية "تُمثِّل عوامل ضخمة في الوحدة، لو كنت متعباً صحياً أو قلقاً بخصوص المال فهذا -بلا شك- سيوقظك، وبهذا يمكن أن يكون هذا كله جزءاً من هذه الدائرة المفرغة".

لكن بالنسبة لبعض الناس الذين يعايشون الوحدة، قد تكون فكرة إمكانية تحسين قلة جودة النوم، وتقليل عزلتهم الاجتماعية، إنذاراً لأن يفيقوا لهذا الأمر.


إقرأ أيضاً..

هل تنتظر عطلة نهاية الأسبوع لتعويض ما فاتك من النوم! لكن مهلاً.. ينبغي أن تعرف إن كان هذا نافعاً أم ضاراً

محبي النوم اجمعوا لأن الأمر خطير! النوم أكثر من 8 ساعات في الليلة قد يعرضكم للموت المبكر