تستعرض أول ثلاثين ثانية من إعلان مسلسل "النهم" Insatiable، وهو المسلسل الكوميدي الجديد الذي سيبدأ نتفليكس في عرضه اعتباراً من 10 أغسطس/آب، قصة طالبة بدينة بالمدرسة الثانوية تتشاجر معه زملائها وتندفع في قصص حب من طرف واحد، والمخاوف المصاحبة لتلك الليالي التي تقضيها على الأريكة، وتتناول الآيس كريم.
إنها حبكة ملائمة لما يبدو مسلسلًا حديثاً حول حياة المراهقين – وربما يستفيد، على غرار Bo Burnham's Eight Grade، من حقيقة أن بطلته تبدو طالبة عادية بالمدرسة الثانوية، وليست نجمة تلفزيونية لامعة، كما في مسلسل Riverdale.
ومع ذلك، يأخذ الإعلان، بحسب موقع Vox، منعطفاً مختلفاً. وتتلقى شخصيتنا الرئيسية "باتي" لكمة في الوجه، وتتم خياطة وإغلاق فكها على مدار شهور، وبذلك تفقد الكثير من الوزن بحيث تصبح حينما تعود إلى المدرسة في الخريف فتاة جذابة ونحيفة. وتستطيع من خلال هذه القدرة الجديدة أن تنتقم من الطلاب الذين كانوا يستبعدونها في الماضي.
ونظراً لأن المسلسل لم يخضع للمراجعة الرسمية بعد، ليس أمامنا سوى العرض المختصر للإعلان؛ كي نقرر من خلاله كيف سيبدو المسلسل وما الموضوعات التي سوف يتناولها. واستناداً على ذلك الإعلان الذي تبلغ مدته دقيقة ونصف الدقيقة، لم يكن رد الفعل رائعاً.
انتقادات كبيرة لإعلان المسلسل
أطلق النقاد بموقع تويتر وغيره من المواقع على ملخص هذا المسلسل عبارة "رهاب البدانة"، حيث يستهدف الأشخاص ذوي الاضطرابات الغذائية، ويكون بمثابة عدسة رجعية يرى من خلالها روايات البدناء. وكتبت جميلة جميل، نجمة مسلسل The Good Place التي كانت تدافع عن استقلال الجسد، تغريدة حول وجود مشكلة في التلميح بأن الوسيلة الوحيدة للفوز في الحياة تكون من خلال اتباع حمية غذائية.
وأشارت الكاتبة روكسين جاي أيضاً إلى أن منطق المسلسل الخاطئ والمتمثل في أن النساء البدينات لا يستطعن الدفاع عن أنفسهن، ولا بد أن يتعرضن لصدمة بدنية حتى يُظهرن أفضل ما بهن.
وهناك أيضاً التماس مقدم من موقع Change.org الذي جمع أكثر من 145 ألف توقيع لمنع نتفليكس من بث المسلسل، من منطلق أن عرضه سوف يضر باحترام الذات لدى الفتيات ويؤدي إلى اضطرابات في الأنماط الغذائية.
وفي أعقاب ظهور إعلان المسلسل في 20 يوليو/تموز 2018، دافعت كاتبة ومنتجة Insatiable لورين جيسيز عنه ضد النقاد، وكتبت أن الأفكار كانت مستوحاة من تجربتها الخاصة مع الاضطرابات الغذائية خلال فترة المراهقة، وأن تلك الكوميديا ليست سوى وسيلة للتعامل مع نقاط الضعف لدينا.
دافعت النجمة ديبي ريان، التي كانت تمثل بقناة ديزني سابقا، عن المسلسل على انستغرام، وكتبت أنه يعد نظرة ساخرة إلى "مدى صعوبة ورهبة الانتقال حول العالم داخل جسد"، وأكدت للمشاهدين أن الفكاهة ليست في الخجل من البدانة.
وذكرت أليسا ميلانو، التي تظهر أيضاً بالإعلان، في مقطع فيديو لها على تويتر مدته 30 دقيقة أنها تتعرض للنقد، ولكنها تأمل أن ينتظر الناس ليروا المسلسل كاملاً قبل إصدار أحكامهم عليه.
هذا ما تحاول الكاتبة والنجوم توصيله للجمهور. ومع ذلك، بالنسبة للأشخاص الذي اعتادوا أن تُروى قصصهم على الشاشة، يمكن اعتبار إعلان Insatiable مثالاً حصرياً آخر للوسائل السلبية التي يستعرض منها خلال التلفزيون والسينما الأشخاص البدناء.
وسائل الإعلان أمامها طريق طويل لمواجهة "رهاب البدانة"
لفهم السبب وراء الغضب الذي أثاره المسلسل، ينبغي أن تلقي نظرة على سجلات الثقافة الشعبية في رواية قصص البدناء.
وفي 23 يوليو/تموز، طلبت الفنانة والكاتبة "كيفا باي" من متابعي حسابها على موقع تويتر تحديد اللحظة التي كرهوا البدانة خلالها.
وتراوحت الردود بين بريدجت جونز التي توصف دائماً بكونها بدينة (59 كيلوغراماً تقريبًا) إلى ما يفترضه مسلسل Wall-E، الذي يصف مستقبلاً بائساً لا يتسم كل من يعيش به بالبدانة وزيادة الوزن فحسب، بل بالخصائص السلبية التي ترتبط بتلك البدانة، والتي تتمثل في الكسل والغباء وعدم الاهتمام سوى بالتهام ما يتوافر أمامهم.
ويكرر إعلان مسلسل Insatiable أيضاً ممارسة مزعجة في هوليوود، وهي ارتداء حلة البدانة. حينما يتطلب الدور شخصاً بدينًا، غالباً ما يقوم ممثل نحيف بارتداء حلة البدانة بدلاً من الاستعانة بممثل بدين للقيام بالدور.
ونرى ذلك مستخدماً في مشاهد استرجاع الذكريات حينما نتناول مشهداً لممثل كان بديناً ثم أصبح نحيفاً، مثل مونيكا في مسلسل Friends أو شميت في New Girl أو ريان رينولدز في Just Friends.
وتأتي الفكاهة من خلال رؤية الممثلين يرتدون زياً أحمق، مثل إيدي ميرفي في Norbit أو The Nutty Professor ومن خلال القدرة على سرد النكات حول بدانة شخص في الماضي مع العلم بأن الشخصية الحديثة تسخر من ذلك أيضاً.
فقدان الوزن هو القصة الوحيدة التي غالباً ما نشاهدها حول البدناء
هناك نمط آخر يبدو أن مسلسل Insatiable يندرج تحته، وهو فكرة أن فقدان الوزن هو السبيل إلى السعادة. ونجد أن مونيكا بمسلسل Friends وشميت في New Girl لم يحققا أهدافهما إلا بعد فقدان وزنيهما.
وتعتمد صناعة الرفاهية بالكامل على هذا الوعد الزائف – وهو أن فقدان الوزن هو أساس تحقيق ما تصبو إليه دائماً، سواء كان الهدف هو الحب أو المال أو الانتقام.
وتستطرد قائلة:
لم أرَ حياة بدينة مثل حياتي على الشاشة. لم أرَ شخصاً بديناً يقع في الحب، ولم أرَ أزواجاً نحيفين يحبون بدناء.
ولم أرَ بدناء تتم ترقيتهم بالعمل أو فصلهم منه أو يبذلون قصارى جهدهم بالعمل وينجحون، لقد رأيت بدناء يخفقون فقط. وأي شيء آخر تعلمته يتم الاحتفاظ به لصالح النحيفين التائبين.
وباختصار، يتم تعريف الشخصيات البدينة من خلال بدانتها فقط، وتصبح تلك الشخصيات متعددة الأبعاد بمجرد فقدان الوزن، إنه موضوع يتناوله مسلسل Insatiable.
حينما تعود "باتي" إلى المدرسة، بعد أن أصبحت نحيفة تفكر قائلة: "يمكنني الآن أن أصبح رياضية أو أميرة"، كما لو كانت سمات تلك الشخصية لا يمكن أن تنطبق على البدناء؛ نظراً لبدانتهم.
ولحين مشاهدة المسلسل، ليس واضحاً أين تكمن نقطة النهاية هنا، ولكن يمكن أن تكون إشارة واضحة.
نعم إعلان المسلسل لا يزال حتى وقتنا هذا مجرد إعلان، وهناك عرض كامل ينبغي مشاهدته ومناقشته اعتباراً من 10 أغسطس/آب. ومع ذلك، يشعر العديد من المشاهدين بالقلق من وضع أساس المسلسل حول نفس الحبكات والقصص الخاصة بالبدناء والتي شاهدناها آلاف المرات.
ورغم أن نجومه ومبدعيه يعدون بأن المسلسل يتعاطف مع الضغوط التي يواجهها المراهقون فيما يتعلق بالشكل البدني. ألسنا نعرف بالفعل تلك الضغوط؟ وعلاوة على كل ذلك، فإن ما نحتاجه بالفعل هو إلقاء نظرة متعاطفة على البدناء بصفة عامة دون التطرق لفقدان الوزن، وبالتأكيد دون اللجوء لحُلة البدانة.
واقرأ أيضاً..
لأول مرة سيشاهد الهنود بلدهم الحقيقي على نتفليكس.. Sacred Games مسلسل يعرض العالم المظلم للهند