أظهرت الأبحاث أن استخدام معقمات اليدين التي أساسها الكحول، والتي تعتمدها المستشفيات بغية منع انتشار العدوى، لم تعد فعالة مثل السابق.
وحذر الخبراء بأنه سيتوجب على المستشفيات البحث عن استراتيجيات جديدة لمحاربة البكتيريا، بعد العثور على نوع مقاوم للمضادات الحيوية اجتاح المستشفيات. وقد باتت هذه البكتيريا أكثر مقاومة للكحول، الذي يعد المكون الرئيسي لمعقمات الأيدي الحالية، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.
يعتبر اعتماد معقمات اليدين، التي أساسها الكحول على غرار الإيزوبروبانول، طريقة شائعة للحد من انتشار العدوى. وأشار أحد الأبحاث الجديدة إلى أنه وعلى الرغم من أن هذه المنتجات عُرفت بفوائدها، وضمنها تقليص معدلات الأمراض الناجمة عن عدوى مكورات عنقودية ذهبية مقاوِمة للميثيسيلين (MRSA) في المستشفيات، فقد تكون لها عواقب وخيمة أيضاً وغير متوقعة. وأفاد العلماء بأنهم توصلوا إلى أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والمعروفة باسم "معوية مقاومة للفانكومايسين"، أو VRE، أصبحت أكثر مقاومة للكحول.
إنذار للمسؤولين عن مكافحة العدوى
وفي هذا الشأن، أفاد البروفيسور تيموثي ستينير، المؤلف المشارك في البحث، من جامعة ملبورن، بأن "هذه النتائج تعد بمثابة إنذار للمسؤولين عن مكافحة العدوى في جميع أنحاء العالم، حيث يجب العثور على بدائل أكثر فاعلية من أجل التحكم في انتشار البكتيريا "المعوية المقاومة للفانكومايسين"". وأشار ستينير إلى أنه يمكن الحرص على التقيد بالأنظمة المعتمدة حالياً في المستشفيات، على غرار فرك اليدين جيداً بالمعقمات التي أساسها الكحول، بالإضافة إلى استخدام المطهرات الأخرى على غرار المنتجات التي تحتوي على الكلور، وإجراء فحوصات العدوى على المرضى.
بكتيريا مقاوِمة وشائعة
وتعد البكتيريا المعوية البرازية أحد أنواع المعويات المقاومة للفانكومايسين الأكثر شيوعاً، وخاصة في ظل ارتفاع عدد الإصابات بالعدوى في كل من إنكلترا وأستراليا. كما أوضح ستينير أن عدوى البكتيريا المعوية المقاومة للفانكومايسين قد تشكل خطراً على المصابين، وأحياناً قد تودي بحياتهم.
وقدرتها على الوصول عالية
في هذا الصدد، أوضح البروفيسور تيموثي ستينير أن "المشكلة المقترنة بعدوى البكتيريا المعوية المقاومة للفانكومايسين تكمن في كونها قادرة على الانتشار داخل القناة الهضمية ثم الانتقال إلى مجرى الدم والتسبب في تعفن الدم. ومن ثم، الإصابة بعدوى مجرى الدم، التي يصعب التخلص منها، حيث تعتبر مقاومة لجميع أنواع المضادات الحيوية تقريباً". ونوه ستينير إلى أن قدرة البكتيريا على الوصول إلى صمامات القلب وغرسات الأعضاء الاصطناعية تعد من بين المشاكل الأخرى التي تتسبب فيها هذه البكتيريا.
وأوضح ستينير أن "العدوى تصيب فقط أولئك الذين لا يتمتعون بمناعة قوية. لهذا السبب، نجد أن الأشخاص ممن يتمتعون بصحة جيدة، نادراً ما يصابون بعدوى المعويات المقاومة للفانكومايسين". وتابع ستينير أن "الأشخاص الذين هم بصدد تلقي علاجات كيميائية، أو من خضعوا لعمليات زراعة الأعضاء، أو حتى الأفراد الذين يخضعون لغسل الكلى يعدون من بين الأشخاص الأكثر عرضة للخطر".
ما هي "المعزولات"؟
وفي مقال نشرته مجلة Science Translational Medicine، تطرق ستينير وزملاؤه إلى تجربة أجروها. وفي خضم هذه التجربة، قام الباحثون بمعالجة مجموعة من البكتيريا المعوية البرازية، التي يطلق عليها اسم "المعزولات" أو "isolates"، أخذت من عدد من المرضى، بمحلول أساسه الإيزوبروبانول لمدة 5 دقائق. وقد تم استخدام نحو 139 عينة حصلوا عليها من اثنين من المستشفيات الواقعة بملبورن في الفترة ما بين عامي 1997 و2015.
تجدر الإشارة إلى أنه تم اعتماد المعقمات التي أساسها الكحول في أستراليا منذ أوائل هذه الألفية، حيث تضاعفت معدلات استخدامها بنحو 10 مرات بحلول سنة 2015.
أخيراً، كشفت النتائج أن المعزولات المقاومة للكحول كانت أكثر قدرة على تحمّل مواد التنظيف، وأن نسبة أكبر بكثير من الفئران التي تعرضت لهذه المعزولات انتهى بها الأمر بالإصابة بالعدوى واجتياح البكتيريا قنواتها الهضمية. وأوضح ستينير أن "هذه النتائج تشير إلى أن هذه الظاهرة ليست مجرد جزء من أبحاث مخبرية، حيث نقوم فيها بدراسة التحولات المميزة التي طرأت على [البكتيريا]؛ بل دليل على أن البكتيريا باتت قادرة على مقاومة الإجراءات الأساسية المتبعة في مكافحة العدوى".
طرق التنظيف الحالية غير كافية
وأردف ستينير أنه "في حال كانت هذه البكتيريا المقاومة (للكحول) منتشرة في المستشفى الخاص بك، بينما تقتصر عمليات التنظيف فيه على رش مقعد المرحاض بمطهر أساسه الكحول فقط… فلن يكون ذلك كفيلاً بالقضاء على هذه البكتيريا الجديدة، المعوية المقاومة للفانكومايسين، التي من المرجح أنها انتقلت في الأثناء إلى المرضى".
وأشارت الدراسات المعمقة التي أجراها فريق الباحثين على الطفرات الجينية في البكتيريا المعوية البرازية المقاومة للكحول، إلى أن البكتيريا بصدد التطور لتصبح أكثر مقاومة من ذي قبل. ويقول الفريق الأسترالي إنه من المهم الآن معرفة ما إذا كانت هذه الظاهرة قد أخذت في البروز ببلدان أخرى. كما أفاد الفريق ذاته بأنه ليس من الواضح بعدُ ما إذا كان الاستخدام المتزايد للمعقمات التي أساسها الكحول هو السبب الذي أسهم في اكتساب البكتيريا هذه المناعة؛ ومن ثم التكيف مع هذه المعقمات.