تختلف الأطعمة التي يتناولها المقاتلون في الحروب مع اختلاف الأزمنة، والأماكن، والظروف، إلا أن الشيء الذي تتوحد فيه أنها تكون ذات سعرات حرارية عالية، قادرة على مدهم بالطاقة من أجل القتال لساعات طويلة دون توقف.
وعلى مر السنين، واختلاف الحروب التي عرفتها البشرية، فقد تم تطوير عملية إمدادات الجنود بشكل خاص بالغذاء، إضافة إلى طريقة التخزين.
إلا أن بقية المقاتلين لا يعتمدون على نفس الطريقة للحصول على الأطعمة، وإنما يعتمدون على أنفسهم بشكل خاص للحصول على إمدادات الغذاء، والتي توفر لهم جهداً أكبر.
إمدادات الجنود بالغذاء قديماً
كان إطعام الجنود والقوات المسلحة يعتبر تحدياً كبيراً على مر السنين، فقد عرفت الحروب التي شهدها العالم بدءاً من الجحافل الرومانية، وصولاً إلى الحربين العالميتين، وما بعدهما، الكثير من التغيرات.
وقد كان الهدف من هذه التغيرات المساعدة في الحفاظ على قوة الجندي لأكثر مدة ممكنة، حتى بأقل كمية من الطعام، مع تعلم طرق الحصول على أنواع أطعمة أخرى في حال انقطاع الإمدادات.
خلال فترة الجحافل الرومانية، وحسب ما يشير له علماء الحفريات، فإن الجيوش الرومانية وكما هو متوقع، كانت تتغذى على الحيوانات البرية، إضافة إلى مصادر الكربوهيدرات، أبرزها الشعير القمح، إضافة إلى نوع من النبيذ المخفف، القريب من الخل، للمساعدة في التقليل من التعرض للبكتيريا عند شرب مياه الأنهار التي غالباً ما تكون ملوثة.
وعند النظر إلى الأطعمة التي كان يتناولها المغول أوائل القرن الثالث عشر، عندما كان جنكيز خان يغزو مساحات شاسعة من آسيا، يمكن القول إنه لم يكن شهياً.
فقد اعتمدوا على مشروب أساسي عبارة عن حليب الفرس المخمر، يسمى إيراج، ولأن الأراضي المغولية لم تكن صالحة للزراعة، لم تكن الخضر والفواكه أساسية لهم، وكانوا يعوضونها بلحوم الحيوانات المختلفة، من الأغنام، وصولاً إلى الكلاب والقطط.
أما الانكشاريون، وحسب فيرجينيا أكسان، أستاذة بجامعة ماكماستر الكندية، والباحثة الرائدة في الإمبراطورية العثمانية، قالت إنه كان يتم تزويد الجنود بالخبز الطازج والبسكويت، وحصة محددة من اللحوم، إضافة إلى العسل والقهوة والأرز والبرغل.
وقد كان البسكويت أهم ما يتم تناوله خلال الحروب لسهولة حمله وتناوله، وكونه غنياً بالكربوهيدرات ومشبعاً بشكل سريع، فقد كانت إسطنبول مزودة بما يعادل 105 أفران مخصصة لخبز البسكويت للجيش فقط.
الثورة الأمريكية وما بعدها.. هذا ما يأكله الجنود
خلال الثورة الأمريكية واجه جورج واشنطن مشاكل كبيرة في تغذية الجيش القاري، بسبب الافتقار إلى الأموال اللازمة من أجل شراء الإمدادات الغذائية.
وقد كان الجنود مجبرين على قضاء أيام بدون أكل، أو تقسيم القليل من الدقيق واللحوم المتبقية، التي غالباً ما تكون فاسدة، على أطول مدة ممكنة للبقاء على قيد الحياة.
وبعد بذلك، أصبحت الأطعمة التي يتم تقديمها للجنود الأمريكان، عبارة عن حصة من اللحوم، سواء دواجن أو لحوم حمراء أو أسماك، وماء، وخبز أو أي مصدر نشويات أخرى، إضافة إلى القطاني، والحليب وعصير الفواكه، ودبس السكر، والخل.
ويعود السبب في اختيار هذه المواد الغذائية عن غيرها، كونها تقدم للجسم جميع ما يحتاجه من عناصر غذائية ليكون بصحة جيدة، وتمده بطاقة كاملة لفترات طويلة.
نفس نوعية الأطعمة هذه هي التي كان يتم تقديمها للجنود في مختلف الحروب الأخرى، مع إضافة بعض المواد الأخرى مثل البطاطس والذرة.
وعندما يكون الجنود في حالة حرب، دائماً ما يحملون معهم بعض الأطعمة المعلبة صغيرة الحجم، والتي يسهل تناولها بين الحين والآخر، مثل أسماك التونة، واللحوم المجففة، زيادة إلى الفواكه التي يتم قطفها من الأشجار في الطريق.
خلال الحرب العالمية الثانية، تم تطوير عملية إمداد الجيش الأمريكي بالطعام، إذ كان يتم توزيع أطباق مختلفة بحصص محددة حسب اختلاف الأفواج وأدوارها، وكان يطلق عليها اسم "MRE"، والتي تعني "Meals Ready to Eat"، أو الوجبة الجاهزة للأكل.
إذ هذه الأطعمة كانت تأتي بشكل معلب، الفرانك أو الفاصوليا طبق رئيسي، بعض الفواكه المعلبة، وبعض العلكة، وألواح الشوكولاتة، وبعض القهوة سريعة التحضير، والقليل من الجبن المطبوخ، والبسكويت، الذين يتم حملهم معهم خلال تنقلاتهم المختلفة.
وكان مجموع السعرات الحرارية الكاملة في وجبة اليوم الواحدة توفر للجندي الواحد حوالي 3600 سعرة حرارية.
اختلفت الأطعمة المقدمة بشكل عام للجنود والسعرات الحرارية التي توفرها من بلد لآخر، حسب إمكانياته، إلا أن هذه الطريقة أصبحت هي المعتمدة بشكل أساسي في الحروب، مع تطويرها بأشكال بسيطة لتكون مناسبة أكثر لعملية التنقل السريع.
كيف يمكن للمقاتلين الحفاظ على الطاقة دون إمدادات غذائية؟
عند الحديث عن المقاتلين، يكون من الصعب تحديد ما يتناولونه بشكل دائم، لأنهم لا يحصلون على إمدادات غذائية مستمرة من جهات معينة، تقوم بتحديد حاجتهم للطعام، وكمية السعرات الحرارية التي تساعدهم للبقاء بصحة جيدة.
لكن في الأغلب، وحسب ما أشار إليه أحد المواطنين من مدينة غزة الفلسطينية لـ"عربي بوست"، فإن المقاتلين يعتمدون هناك بشكل أساسي على التمر، وذلك لأنه غني بالسكريات الطبيعية، التي تزودهم بالطاقة، والألياف، التي تساعد عملية الإخراج.
فيما تتم الاستعانة كذلك بالبسكويت، والكيك المعلب، المصنوع من دقيق القمح الصلب، الذي يساعد بدوره على مد الجسم بما يحتاجه من كربوهيدرات، وألياف.
وبشكل عام، قد يعتمد المقاتلون كذلك على الفواكه المتوفرة في الأشجار، والمساعدات من طرف العائلات، التي تقدم لهم عادة وجبات سريعة وسهلة الحمل، إضافة إلى الماء.
وفي الحالات التي تشتد فيها الحروب، ويصبح الأشخاص من المقاتلين محاصرين في مكان ما، قد يكون الهدف هنا هو إطالة العمر، فيصبح من المتوقع أكل أي شيء من نباتات إلى الحشرات، أو الأغذية منتهية الصلاحية.