قصة ابتكار شطيرة “الهامبرغر”.. بدأت في روما وساهم التتار في انتشارها واخترع الأمريكيون نسختها الحديثة

تم النشر: 2023/06/09 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/06 الساعة 20:35 بتوقيت غرينتش
تاريخ شطيرة الهامبرغر / shutterstock

سواء كنت في الولايات المتحدة الأمريكية أو في مكانٍ آخر في الكرة الأرضية فحتماً عندما ترغب بتناول وجبة طعام أمريكية، فالأرجح أن خيارك الأول سيقع على الهامبرغر، إذ تعد هذه الشطيرة أحد أكثر الأطعمة شعبية في العالم، حيث يتم تقديم ما يقرب من 50 مليار وجبة سنوياً في الولايات المتحدة وحدها.

وعلى الرغم من أن النسخة الحديثة من هذه الفطيرة لا يزيد عمرها عن قرنٍ تقريباً، إلا أنّ بداياتها كانت أبكر من ذلك بكثير، إذ ارتبطت بالمزارعين في روما وتجار العصور الوسطى، إضافةً إلى اللاجئين السياسيين الألمان والعمال الأمريكيين.

ظهر أولاً في روما وساهم المغول في انتشاره

بتتبع التاريخ إلى آلاف السنين، نجدّ أنّه حتى المصريين القدماء كانوا يأكلون اللحم المفروم، وعلى مر العصور نجد أيضاً أن اللحم المفروم قد تم تشكيله على شكل فطائر وأكله في جميع أنحاء العالم تحت أسماء مختلفة.

على سبيل المثال، وبحسب history، ابتكرت حضارة بلاد الرافدين شطيرة اللحم المفروم منذ حوالي 10 آلاف سنة، إلّا أنّ الظهور الأول لما أصبح يشبه الهامبرغر، كان في الحقيقة عبارة عن طبق اللحم المفروم المحضّر بتوابل الفلفل ونكهات النبيذ والثوم، والذي يعود تاريخه إلى القرن الأوّل الميلادي، حيث كان مزارعو روما يحضرونه.

واستغرق الأمر أكثر من 12 قرناً لتطوير تلك الفطيرة، وذلك من قبل المغول والتتار الذين كانوا يصنعون فطيرةً من لحم الضأن النيئ، بحيث ترافقهم طوال اليوم تحت سروجهم. وعندما يستقرون في خيام، كانوا يأخذون لحم الضأن الساخن، ويقطعونه، ويضيفون إليه بعض التوابل على الأرجح، ثم يأكلونه على هذا النحو.

الهامبرغر
بدأ الشكل الأوّل لشطيرة الهامبرغر منذ القرن الأوّل الميلادي /shutterstock

وخلال الاجتياح المغولي لروسيا انتقلت هذه الوجبة إلى قائمة الطعام بالمطاعم الروسية باسم (الستيك التتاري) تيمناً بجيوش التتار المغولية، وتطورت فكرة "اللحم المفروم" لتصبح أساساً لوجبات كثيرة هناك، وذلك حسب مقالٍ لـ CNN.

ومن ثم شقّ هذا الطبق طريقه إلى البحّارة، والموانئ الممتدة على سواحل بحر البلطيق؛ ما سمح له بالوصول إلى المناطق الغربية من أوروبا، ضمناً إسكندنافيا.

في القرن السابع عشر، بدأت السفن القادمة من ميناء هامبورغ الألماني في الاتصال بالميناء الروسي. خلال هذه الفترة، وصل الطبق إلى ألمانيا وبالضبط إلى مرفأ هامبورغ، وبعد عقود عدة طرأ تعديل على الطبق واستبدل لحط الضأن النيئ باللحم المطبوخ، وأُطلق عليه اسم فريكاديلن.

كيف وصل الهامبرغر إلى أمريكا؟

وفققاً لمقال لموقع toriavey، فإنه في أواخر القرن الثامن عشر، كانت حركة الملاحة كبيرة بين ميناء هامبورغ الألماني وميناء نيويورك، ليصبح الميناءان أشبه بجسر بين الوصفات الأوروبية القديمة والوصفات الجديدة التي تم تطويرها في أمريكا؛ وبسرعةٍ فتحت الأكشاك الصغيرة في ميناء نيويورك لتقدم هذه الوجبة ولكن باسم "ستيك هامبورغ" وذلك من أجل جذب البحارة الألمانيين القادمين من هامبورغ.

كان ستيك هامبورغ مختلفاً بعض الشيء، إذ كان عبارة عن قطعة من اللحم المفروم المدخن ويقدم مع البصل وقطع الخبز المفتت، ومن المحتمل أن المهاجرين الألمان هم من نشروا تلك الطريقة لعمل اللحم المفروم أثناء سفرهم إلى نيويورك.

وبحلول عام 1802، تضمن قاموس أوكسفورد الإنجليزي إدخال "شريحة لحم هامبورغ" – لحم بقري مفروم ومملح ومدخن قليلاً وممزوج بالبصل وفتات الخبز.

وعندما هزت الثورات السياسية 39 ولاية من الاتحاد الألماني عام 1848، تضاعفت الهجرة الألمانية إلى الولايات المتحدة، وقدم الجزارون الألمان مع مجموعة من أطباق اللحوم التقليدية، ولأن هامبورغ كانت معروفة بصفتها مصدراً للحوم البقر عالية الجودة، بدأت المطاعم الأمريكية في تقديم شرائح اللحم المفروم شبيهةٍ لـ "ستيك هامبورغ".

الهامبرغر
ساهم الألمان في وصول الهامبرغر إلى أمريكا في القرن التاسع عشر /

ومع ذلك، اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ وكيفية وصول الهامبرغر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يُعتقد أنه بعد سنوات من وصول الألمان مع طبقهم إلى أمريكا، وفي معرض مقاطعة إيري عام 1885 في هامبورغ، نيويورك، اخترع الأخوان فرانك وتشارلز مينش شطيرة الهامبرغر، وذلك بعد أن نفدت منهما نقانق لحم الخنزير وبدآ في وضع لحم البقر المفروم على شطائرهما، لصنع البرغر. 

في نفس العام، وفي معرض سيمور في ويسكونسن، قام تشارلي ناجرين البالغ من العمر 15 عاماً بسحق كرات اللحم البقري بين شرائح الخبز حتى يتمكن الناس من تناول الشطيرة بسهولة أثناء المشي.

وبعد 6 سنوات واحتفالاً بـ "عيد الاستقلال الأمريكي"، صنع أوسكار ويبر ويلبي وزوجته فاني أولى فطائر لحم بقري مشوية على اللهب ووضعها بين كعكة.

وانتظر الأمريكيون 30 سنة من ذلك حتى يروا أوّل مطعمٍ خاصٍ بالهامبرغر، إذ افتتح الطباخ والتر أندرسون ورجل الأعمال بيلي إنجرام أول مطعم لهما في عام 1921 في ولاية كانساس الأمريكية، ونجحا في تغيير مسار تاريخ الهامبرغر من خلال التصميم والطبخ وطريقة التقديم.

وفي عام 1948، بدأ الأخوان ماكدونالد في صنع الهامبرغر في كاليفورنيا وأصبحوا أكبر سلسلة مطاعم للوجبات السريعة في العالم. بينما في عام 1953، في فلوريدا، تم تأسيس برغر كينغ، والذي أصبح أكبر منافس لماكدونالدز.

أرادت أمريكا تغيير اسمه إلى شطيرة الحرية

خلال الحرب العالمية الأولى ومع بدء انتشار شطيرة الهامبرغر، أرادت أمريكا تغيير اسم ساندويتش الهامبرغر، ليصبح اسمه "ساندويتش الحرية"، إذ عرفت الشطيرة رواجاً كبيراً بين الأمريكيين.

واستمرت شعبية الهامبرغر في النمو خلال العقود التالية، غير أنّ هذه الشطيرة تأثرت بموجة نقص الغذاء وتقنين اللحوم في الحرب العالمية الثانية.

الهامبرغر
أرادت أمريكا تغيير إسم الهامبرغر إلى شطيرة الحرية /shutterstock

خلال تلك الحرب، جلب الجنود الأمريكيون الهامبرغر معهم إلى الخارج، إذ كان من السهل صنعها، كما ساعدت الجنود في علاج الشعور بالحنين إلى الوطن الذي شعرت به القوات الأمريكية في أوروبا وإفريقيا وآسيا خلال الحرب العالمية الثانية.

ومع انتشار الهامبرغر في جميع أنحاء العالم، بدأت تطور أساليب تقديمه، إلا أنها تقاربت، وتكاد تكون توحدت مع انتشار سلسلة مطاعم الوجبات السريعة، ما جعل أسعار الوجبات متقاربة، حتى أصبح الهامبرغر من المؤشرات الاقتصادية وسعره يستخدم كوسيلة لمقارنة القدرة الشرائية للأفراد في البلدان حول العالم، كما صار من الممكن العثور على الهامبرغر اليوم في كل جزء من العالم تقريباً.

تحميل المزيد