الرهاب أو أنماط الفوبيا عند البشر المعروفة في علم النفس باسم الرهاب المحدد (SPs) هو نوع من الاضطراب المرتبط بالخوف المستمر والصريح من مواقف أو أشياء محددة، مثل الحيوانات، والمرتفعات، والعواصف، والظلام، والأماكن الضيقة، والسباحة، وطبيب الأسنان، ورؤية الدم، وغيرها الكثير، حتى الأجبان!
لكن ما قد يظنه البعض مجرد مزحة، هو أن هناك نوعاً محدداً للغاية من الفوبيا التي تضع الشخص الذي يعاني منها في مواقف مربكة ومقلقة للغاية، ألا وهو الخوف من الأجبان. نعم هذا المكون السحري الذي قد لا يتخيل البعض الحياة من دونه، خاصة على البيتزا أو في الشطائر مع الخبز المحمّص.
ما هي الفوبيا من الأجبان؟
في رهاب نفسي يُعرف باسم الـ"توروفوبيا"، أو (Turophobia)، يعاني الشخص سيئ الحظ من رهاب متفاوت وغير مبرر من مختلف أنواع الجبن. ويُعد أحد أكثر أنواع الرهاب ندرة حول العالم، وقليلاً ما يتم تداول معلومات حوله في مجلات علم النفس المتخصصة.
تأتي الكلمة من اليونانية القديمة، اشتقاقاً من كلمة "توري" أو (turi) التي تعني الجبن في اللاتينية.
الأشخاص المصابون بهذا النوع النادر من الرهاب يخافون من الأجبان بشكل عام، وقد ينحصر خوفهم في مجرد الامتناع عن تناول الجبن فقط في مختلف مكونات الطعام، أو قد يعانون من أعراض الهلع والخوف الشديد عند مجرد رؤية الجبن أو مصادفة رائحته أو حتى مصادفته ضمن أحد مكونات الطعام.
ونظراً إلى أن العقود الأخيرة شهدت تفشٍّ واسع لثقافة الوجبات السريعة والأطعمة الخفيفة المالحة للتسالي مثل المقرمشات والبطاطس المقلية والمخبوزات وغيرها، فهي تعتمد بشكل كبير على مكون شعبي ومحبوب مثل الجبن، حتى في صناعة الحلويات أيضاً، فقد ساهم هذا الأمر في جعل رهاب من هذا النوع قادراً على تعطيل حياة المصابين به بشكل كبير، خاصة إذا كانت درجة حدّته كبيرة وحادثة وقادرة على دفع المصاب إلى الدخول في حالة من الهلع الحقيقي والقلق الشديد والتجنُّب.
أسباب المعاناة من رهاب الأجبان
مثل أنواع الرهاب الأخرى، يمكن أن تتسبب العديد من العوامل والمواقف المختلفة في تطوير حالة من الرهاب عند المصاب، والذي تختلف حدّته بمدى تأثير الموقف أو الحدث في شخصية الفرد.
على سبيل المثال، يمكن أن تنبع فوبيا الأجبان من تجربة مؤلمة شملت الجبن أو أحد مشتقاته، مثل التعرُّض لحادث اختناق بطعام فيه جبن، أو التعرُّض للتسمم الغذائي بسبب وجبة غنية بالجبن، أو حتى بسبب وحم الحامل الشديد على الجبن لدرجة النفور المفاجئ منه لاحقاً بعد انتهاء الحمل.
بالإضافة إلى تلك الأمثلة التي قد تكون السبب الكامن وراء تطوير هذا النوع من القلق، فإن المعتقدات الثقافية أو الشخصية، أو الحالات الحسية مثل التوحّد، أو النفسية السابقة مثل القلق والاكتئاب، أو الخوف أو التقزز العام من بعض المنتجات ذات القوام والملمس الرخو أو حتى النفور من الروائح النفاذة يمكن أن يساهم في تطور رهاب التوروفوبيا، أو الخوف الشديد من الأجبان.
أعراض المعاناة من فوبيا الأجبان
مثلها مثل العديد من أسباب الخوف النفسي الأخرى، فإن أبرز الأعراض لدى من يعانون من فوبيا الأجبان هي الشعور بالقلق والخوف والتقزز الشديد عند التعرض للجبن، سواء في الطعام أو حتى مرئياً على شاشات التلفاز وفي المتاجر والأسواق.
وقد يبدأ الشخص المصاب فجأة في الشعور بالضيق وخفقان القلب وضيق التنفس والدوار وعدم الراحة، وصولاً للتقيؤ والرغبة في غسل الأسنان واليدين وتغيير الموقع لتجنُّب هذا النوع من التعرض المباشر أو شبه المباشر للجبن.
كما قد تصبح المعاناة من هذا النوع من الفوبيا النادرة عاملاً إضافياً للمعاناة من الرهاب الاجتماعي عند الشخص المصاب، نظراً إلى أنه قد يكون من الصعب على الكثيرين استيعاب مدى تأثير الأجبان ورؤيتها أو تذوقها على الشخص المصاب.
وبالتالي قد يضطر المصاب بفوبيا (Turophobia) إلى شرح نفسه باستمرار للجميع، أو ببساطة قد يلجأ إلى تلافي المناسبات الاجتماعية؛ ما يؤثر سلباً على الصورة الذاتية والصحة النفسية، ويزيد من فرص المعاناة من متلازمة القلق المزمن والاكتئاب.
طريقة التعافي من فوبيا الأجبان
كعادة كل أنواع الرهاب أو الفوبيا النفسية، يعمل العلاج النفسي السلوكي دوراً كبيراً في التخفيف من حدة الأعراض، والسيطرة على مدى تداخل هذا النوع من الخوف في الحياة اليومية للشخص المصاب.
ومن خلال الاستشارة والمتابعة مع متخصص أثناء العملية، بالإمكان البدء في علاج الأسباب الكامنة الأصلية وراء تطوير الرهاب، ثم الشروع في العلاج بالتعرُّض التدريجي للأجبان، إذ ليس من الضروري تناولها ولكن أن توجد ببساطة أمام المصاب قد يكون تطوراً كبيراً ومهماً يساهم في بدء العيش بشكل طبيعي دون تعقيدات اجتماعية محرجة.