بعد وقوع العديد من الكوارث الطبيعية والزلازل التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأرواح، وعلى رأسها زلزال تركيا وسوريا المدمر، عانى كثير من الناس من تبعات نفسية حادة نتيجة للفاجعة.
ومن أبرز الاضطرابات التي احتلت القائمة، الخوف من الموت تحت الأنقاض نتيجة للزلازل أو ما يُعرف في علم الطب النفسي بـ"التافوفوبيا".
ما هو التافوفوبيا؟
التافوفوبيا هو اضطراب نفسي يعني الخوف الشديد والرهاب الذي يصيب الشخص من أن يُدفن حياً. وهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمراض الرهاب الأخرى مثل: الخوف من الموت، والخوف من شواهد القبور (رهاب الموتى)، والخوف من الأماكن الضيقة والمغلقة.
وتعود كلمة تافوفوبيا إلى معنى التافوس اليوناني "القبور أو القبور"، والفوبوس التي تعني "الرهبة أو الخوف العميق".
على مر التاريخ، كان هناك العديد من الحالات الموثقة لأشخاص تم تشخيص موتهم بالخطأ ودفنوا أحياء بالفعل، ويرجع سبب ذلك إلى عدم توافر الأدوية والمعدات الحديثة للكشف الطبي الموجودة اليوم.
ومن هنا كان الخوف من القبور أو الخوف من الدفن حياً سائداً في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حتى إن العديد من المقابر تم تزويدها بأجراس؛ للمساعدة في اكتشاف مثل هذه "الأخطاء".
بطبيعة الحال، فإن الموت على هذا النحو مخيف جداً، لذلك فإن الأشخاص الذين يعانون بالفعل من القلق أو الاكتئاب أكثر عرضة لتطوير مرض التافوفوبيا، خاصة بعد اختبار تجارب مؤلمة.
على سبيل المثال، عمال المناجم الذين عانوا من تجربة سلبية تحت مئات الأقدام تحت الأرض يمكن أن يصابوا أيضًا بهذا الرهاب، أو أولئك الذين شهدوا أحداثاً مأساوية مثل الزلازل المدمرة أو وفاة أحد المقربين تحت الأنقاض نتيجة للكوارث الطبيعية والحوادث المؤسفة.
علاوة على هذا، فقد تناولت العديد من الكتب والأفلام والبرامج التلفزيونية هذا الموضوع، واعتمدت كثير من أعمال على إثارة الخوف من هذه الفكرة.
أعراض الخوف من الدفن حياً
ينتج عن فكرة رهاب التافوفوبيا أو الخوف من الدفن حياً عدة أعراض جسدية وعاطفية لدى المصاب به، وهي تشمل التالي:
صعوبة التنفس، ارتفاع ضربات القلب، الارتعاش، التعرق بغزارة.
سلوكيات الرهاب، مثل تجنُّب الأماكن المغلقة مثل الأقبية أو الكهوف أو الأنفاق والمساحات المغلقة تحت الأرض، كما قد يرفض المصاب أيضاً زيارة المقابر.
كذلك قد يعاني المصاب بالرهاب من نوبة هلع كاملة مثل البكاء أو الصراخ أو الرغبة الشديدة في الفرار وما إلى ذلك. وبشكل عام، قد لا يفهم معظم الناس ما يمر به المريض بالتافوفوبيا، وهذا غالباً ما يؤدي إلى المضايقة أو التنمر، لدرجة أن المصاب يصبح منسحباً اجتماعياً ومنطوياً، ما يعزز معاناته من القلق والاكتئاب المزمن.
وقد يصبح الرهاب شديدًا جدًا في مرحلة قد تحتاج إلى تدخل طبي.
علاج الخوف من رهاب الدفن على قيد الحياة
إذا كان اضطراب التافوفوبيا يؤثر بشدة على حياة المصاب اليومية، فمن الأفضل طلب المساعدة المهنية واستشارة الطبيب النفسي المتخصص. ويشمل ذلك، العلاج بالكلام والاستشارات النفسية والسلوكية وما إلى ذلك.
كذلك يتم تشجيع المريض بالرهاب أيضاً على تبني بعض التغييرات في نمط حياته وضمن ذلك النشاط البدني اليومي، والانخراط في العمل الخيري أو التطوعي، وممارسة التأمل واليوغا والتمارين والتنفس العميق وما إلى ذلك بشكل يقلل من الإجهاد والاكتئاب.
يمكن للأطباء المتخصصين مساعدة المصاب أيضاً على قبول الموت باعتباره الحقيقة المطلقة وكجزء من طبيعة الحياة وطريقة التوقف عن محاربته وتعلم قبوله.