حلوى المن والسلوى العربية، أو كما يُطلق عليها حلوى "مَنّ السماء" أو "ندى السماء" أو العسل السماوي، هي نوع فريد من الحلويات، يُعد من مادة صمغية دبقة يميل لونها إلى الخضرة الممزوجة باللون الأبيض.
ما هي حلوى المن وما سر خصوصيتها لدى العرب؟
تأتي حلوى المن والسلوى من أشجار الجوز المتقدمة في العمر، وشجر البلوط، وشجرة لسان العصفور، وبعض الأشجار المختلفة التي تنمو في الأماكن المرتفعة في بعض الدول العربية، خاصة في فصل الخريف، بحسب موقع موضوع.
وقد تم ذكر حلوى المن في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، أولها قوله تعالى: "وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"، من سورة البقرة الآية 57.
وفي قوله: "وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"، من سورة الأعراف الآية 160.
وأخيراً في قوله: "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى"، من سورة طه الآية 80.
المميز في ذلك النوع من الحلوى ليس فقط أن عنصره الأساسي الدبق ينمو على الأشجار، بل أيضاً لتدخُّل الحشرات في تكوينه وصناعته قبل أن يجمعه الإنسان ويقوم بتحضيره عبر إضافة بعض المُنكهات والمُطيّبات المحددة عليه، ليُصبح في صورته النهائية المعروفة.
كيف تتدخل الحشرات في تكوين حلوى المن والسلوى؟
نوعيات الأشجار التي أسلفنا ذكرها لا تُنبت هذا النوع من المادة الدبقة من تلقاء نفسها، بل تتواجد حشرة صغيرة فوق جذوع هذه الأشجار، تسمى حشرة المن، وهي التي تُسهم في إفراز المادة التي تُصنع منها حلوى المن.
إذ تقوم هذه الحشرة بإفراز مادة صمغية تتجمع فوق الجذوع والأوراق، ويُطلق عليها في تلك المرحلة المبكرة اسم الصمغ العربي.
ولاحقاً في الخطوة التالية يتم تجميع هذا الصمغ من قِبَل المزارعين في أقرب فرصة من إفرازه، وقبل أن يتعرض للهواء والشمس لكي لا يفقد لزوجته ويتحول إلى بلورات يابسة من الصمغ العربي، المعروفة بعض نوعياته أيضاً باسم اللبان الذكر.
وبحسب موقع Elle بالعربية، تُجمع المادة الدبقة فوراً وتصفَّى من الشوائب، ثم تتم إضافة مطيبات ونكهات مختلفة إليها، خاصة مساحيق الحبهان أو الهيلو، بالإضافة إلى بعض المكسرات المجروشة بشكل خشن، وتكوَّر في كرات صغيرة، أو تُعد في قوالب ثم تُقطَّع إلى قطع صغيرة، يتم دحرجتها في الدقيق والنشا لمنع تلاصقها وذوبانها، وتُحفظ في عبوات خاصة لحمايتها من عوامل الجو.
انفرد العراقيون بحرفة إنتاجها
بالرغم من أن حلوى المن والسلوى تُعد مُنتجاً خالصاً من الطبيعة، إلا أنه لولا خطوة تهيئتها وإعدادها لما تمكن الناس من الاستمتاع بمذاقها الغني الدبق الشبيه بحلوى النوجا المطاطية.
وقد انفرد العراقيون بشكل خاص بين دول الشام بإنتاجها وصناعتها، وإضافة أكثر المُطيبات والمُنكهات المميزة عليها، وخاصة سكان مدينة السليمانية.
وقد قال راوي الأحاديث والعلامة العراقي قتادة بن دعامة، الذي دعاه الإمام أحمد ابن حنبل بأحفظ أهل البصرة لدقة رواياته وتنوع توثيقه لأحوال أهل العراق، في وصف حلوى المن إنها كانت "تنزل على الناس في محلهم سقوط الثلج، أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، يسقط عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يأخذ الرجل منهم قدر ما يكفيه يومه ذلك، فإذا تعدّى ذلك فسد في البرية".
الحلوى التي يسمونها في العراق "مَنّ السماء" من إنتاج حشرة المن التي تُفرز مادة صمغية أثناء موسم تكاثرها في فصل الخريف، فتتجمع على أوراق أشجار البلوط وأشجار الجوز الشاهقة المنتظرة في العراق، وتكون على شكل قطع متفاوتة الحجم.
ويقوم الأهالي برحلة خطرة للبحث عنها وتجميعها في مناطق شاسعة منعزلة في الجبال، حيث يبلغ حجم الأكوام المجمعة من 4 إلى 10 كيلوغرامات في الحصاد الواحد وفقاً لمجلة لها.
وتستغرق عملية تحضير هذه الحلوى أياماً عديدة، حيث توضع المادة الخام في قدور كبيرة، ويُضاف إليها الماء لتغلي جيداً، ثم تُصفَّى مما علق بها من شوائب ومن بقايا ورق الأشجار، ويضاف إليها بياض البيض، ثم يضاف لها الطحين لمنع سيلانها.
لاحقاً تُضاف المكسرات مثل الجوز أو الفستق الحلبي للمزيج، ومن بعدها تقطع وتُرصّ في علب لتصبح جاهزة https://fb.watch/c9l665bcpK/
" class="rank-math-link">للبيع في الأسواق والتوزيع.