توصلت دراسة مفصلية نُشِرَت في دورية New England Journal of Medicine، إلى أنَّ استخدام بدائل شائعة للملح يمكن أن يمنع آلاف السكتات الدماغية والنوبات القلبية في المملكة المتحدة كل عام، وتشير الدراسة إلى أنَّ خطر الإصابة بالسكتة الدماغية انخفض بنسبة تصل إلى 14% لدى البالغين الذين لديهم تاريخ من ارتفاع ضغط الدم، وذلك وفق ما نقلته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 30 أغسطس/آب 2021.
وتتوافر بالفعل بدائل الملح التي تحتوي على نسبة أقل من الصوديوم والبوتاسيوم المضاف في متاجر البقالة الكبرى، وطعمها يشبه الملح العادي، وقد ارتبطت بانخفاض ضغط الدم، لكن هذه الدراسة الجديدة هي أول بحث يُظهر ارتباطاً واضحاً بين البدائل وتراجع معدلات النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
أكبر دراسة على الإطلاق
في تعليق له على نتائج هذه الدراسة التي قادها، يقول البروفيسور بروس نيل، من معهد جورج للصحة العالمية في سيدني: "من الآمن القول إنَّ إحلال بدائل الملح محل كل الملح الموجود على أرفف متاجر البقالة [في المملكة المتحدة]، سيمنع آلاف السكتات الدماغية والأزمات القلبية كل عام".
إذ تتسبّب السكتات الدماغية في نحو 34 ألف حالة وفاة بالمملكة المتحدة سنوياً، وهي أكبر سبب للإعاقة الشديدة، كما أن هناك أكثر من 100 ألف حالة دخول إلى المستشفى كل عام بسبب النوبات القلبية، أو نحو حالة واحدة كل خمس دقائق، وفقاً لمؤسسة القلب البريطانية.
يُذكر أن هذا البحث يعتبر من أكبر دراسات "التدخل الغذائي" التي أُجرِيَت على الإطلاق، فقد درس البحث 21 ألف شخص إما أصيبوا بسكتة دماغية وإما تجاوزوا الستين من العمر يعانون من ارتفاع ضغط الدم من 600 قرية في الصين.
فيما زُوِّد المشاركون في بعض القرى ببدائل الملح التي تحتوي على 70% من كلوريد الصوديوم و30% من كلوريد البوتاسيوم مجاناً.
نتائج الدراسة
فقد استمر أولئك الموجودون بالقرى الأخرى في استخدام ملح الطعام العادي، وهو مركب 100% من كلوريد الصوديوم. تم تتبعت الدراسة المشاركين لمدة خمس سنوات في المتوسط تقريباً، ووجدت أنَّ أكثر من 3000 منهم أصيبوا بسكتة دماغية.
أما بالنسبة لأولئك الذين يستخدمون بديل الملح، فوجد الباحثون أنَّ خطر الإصابة بالسكتة الدماغية انخفض بنسبة 14% وإجمالي أمراض القلب والأوعية الدموية، وضمن ذلك النوبات القلبية، تراجع بنسبة 13%، وخلال الفترة التي غطتها الدراسة، انخفض خطر الوفاة من أي سبب بنسبة 12%.
فيما انخفض ضغط الدم الانقباضي لمجموعة التدخل (المخصصة لها بدائل الملح)، في المتوسط، بنحو 3.3 ملم زئبقي، والأهم من ذلك، لم يرتبط بديل الملح بزيادة خطر الإصابة بفرط بوتاسيوم الدم، وهي مشكلة طبية مرتبطة بزيادة البوتاسيوم.
ومن المتوقع أن تكون نتائج مثل هذه التجربة مختلفة في المملكة المتحدة؛ لأنَّ البريطانيين يتناولون المزيد من الأطعمة المُصنّعة التي تحتوي بالفعل على مستويات عالية من الصوديوم. بينما القرويون الصينيون المشاركون في التجربة يطهون كميات أكبر من الطعام من الصفر؛ مما يعني أنَّ النسبة الأكبر من الصوديوم الذي تناولوه أضيف أثناء الطهي.
مع ذلك، يتوقع الخبراء أنَّ تحول المستهلكين في المملكة المتحدة إلى بدائل الملح سيكون له تأثيرٌ كبير.
يجب تغيير العادات السيئة
من جانبه، يقول غراهام ماكغريغور، أستاذ طب القلب والأوعية الدموية في باريس وكلية لندن للطب: "توضح هذه الدراسة المهمة جداً أنه يجب تشجيع المستهلكين [في المملكة المتحدة] على عدم إضافة الملح إلى الطعام، لكن إذا اضطروا إلى ذلك، فمن الضروري استخدام صوديوم منخفض بإضافة ملح البوتاسيوم".
كما أضاف: "يمكن لصناعة المواد الغذائية تقليل الكميات الهائلة من الملح التي تضيفها إلى الطعام، واستبدال ملح البوتاسيوم بها بأمان عند الضرورة".
ما يصل إلى ثلاثة أرباع الصوديوم في النظام الغذائي البريطاني العادي يضاف بالفعل إلى الأطعمة المُصنّعة.
بينما تُقدِّر الأبحاث التي أجرتها جامعة كوين ماري بلندن أنه بتقليل تناول الملح إلى 6 غرامات يومياً- الحد الأقصى الموصى به- فإنَّ المملكة المتحدة ستتجنب 17000 حالة وفاة مبكرة كل عام.