للنوم فوائد كثيرة كما نعلم جميعنا، فهو يساهم في تحسين الصحة العامة ويساعد الدماغ على أداء وظائفه بأحسن صورة، كما أنه يحسن المزاج. لكن هل سمعتم من قبل عن علاقة النوم بخسارة الوزن؟
ما العلاقة بين خسارة الوزن والنوم؟
تشعر بالتعب والإرهاق بسبب قلة النوم في الليلة الفائتة، ولا تستطيع بدء يومك دون جرعة من الكافيين، وبعد قليل من الوقت تشعر بأنك بحاجة إلى أطعمة تمدك بالطاقة مثل السكريات والكربوهيدرات.. هل يبدو لك هذا السيناريو مألوفاً؟
هذا السيناريو الذي يعاني منه معظمنا هو طرف الخيط الذي يكشف لنا علاقة النوم الصحي بالوزن الصحي.
وفي الواقع، هناك الكثير من الأبحاث التي تُظهر الروابط بين خيارات الطعام والنوم، فعلى سبيل المثال بحثت دراسة أمريكية في العلاقة بين النوم والتوتر ومحاولات الناس لفقدان الوزن، وخلصت الدراسة إلى أن قلة النوم قد تؤدي إلى السمنة وصعوبة فقدان الوزن.
ووفقاً للباحثين فإن هذه النتيجة بدت لهم طبيعية، لأننا عندما نعاني من الضغوطات ونحرم من النوم الجيد، سيصبح الالتزام بالحميات الغذائية أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة لنا، كذلك سنفضل تناول الأطعمة التي تمدنا بجرعات الطاقة والتي تحتوي على سعرات حرارية عالية بنفس الوقت.
الحرمان من النوم والهشاشة العاطفية
ووفقاً لما ورد في موقع BBC، فإن الحرمان من النوم يزيد من "الهشاشة العاطفية" لدينا، بمعنى أن إرادتنا ستصبح أضعف وسنميل إلى اتخاذ قرارات غير محسوبة عندما يتعلق الأمر بالطعام.
وتقول أخصائية مرض السكري البروفيسور إليانور سكوت من جامعة ليدز: "من الطبيعي عندما يحرم الناس من النوم أن يشتهوا الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات في اليوم التالي. إنها تمنحنا دفعة فورية من الطاقة عندما نشعر بالتعب وتجعلنا نشعر بالرضا".
ومن المعروف أن الأطعمة الغنية بالسكر -والسعرات الحرارية- تجعلنا نشعر بالتحسن في المزاج عندما نعاني من القلق أو التوترات العاطفية، وبالتالي ستكون الخيار الأفضل بالنسبة لنا إذا كنا نعاني من الحرمان من النوم.
أسباب بيولوجية
وبعيداً عن الهشاشة العاطفية، والأسباب النفسية التي تدفعنا لتناول المزيد من الطعام عند الحرمان من النوم، هناك أسباب بيولوجية كذلك تدفعنا نحو هذا الخيار.
عدم الحصول على قسط كاف من النوم يؤثر على الهرمونات الرئيسية في أجسادنا، ولا سيما "اللبتين" وهو الهرمون المرتبط بالشعور بالشبع. إلا أن قلة النوم تؤدي إلى انخفاض مستويات اللبتين وبالتالي نميل إلى الشعور بالجوع أكثر عند عدم النوم لفترات كافية.
الصلة بين قلة النوم والسمنة
إذا اتخذنا خيارات غذائية سيئة في الفترات التي نشعر فيها بالتعب جراء قلة النوم، فهل يعني ذلك أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم بشكل متكرر قد يؤدي إلى مشاكل في زيادة الوزن والسمنة؟
وفقاً للخبراء إذا كانت قلة النوم أمراً عرضياً فلن يكون تأثيرها ملحوظاً على الوزن، أما إذا كانت أمراً منتظماً تعاني منه لفترة طويلة فمن المرجح أن تصاب بالسمنة في هذه الحالة.
يقول البروفيسور سكوت: "هناك ما يكفي من الإشارات الكبيرة حول ما يستبق زيادة الوزن ومرض السكري من النوع 2 يمكننا القول أنه إذا كنت لا تحصل على قسط كافٍ من النوم بشكل منتظم ، فمن المرجح بشدة أنه سيسبب مشكلة".
تقول الدكتورة إيرين هانلون التي قامت بأبحاث في هذا المجال: "أنا شخصياً أشعر بالثقة في أن هناك صلة بين قلة النوم وزيادة رغبتنا في تناول الطعام، علاوة على أن قلة النوم هي أحد العوامل المساهمة في زيادة السمنة".
هذا الرأي مدعوم من قبل خبراء آخرين. "في الدراسات السكانية الكبيرة ، يرتبط النوم غير الكافي (سواء كان ذلك بنوعية النوم الرديئة أو قصر مدة النوم) بنتائج صحية طويلة الأمد أسوأ بشكل ملحوظ ، بما في ذلك ارتفاع معدل الإصابة بمرض السكري وانتشاره ، وزيادة انتشار السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية ، وضعف الصحة العقلية .
هل النوم الجيد يساعد على خسارة الوزن إذاً؟
أجرى الدكتور كريستوفر ب.كوبر من جامعة كاليفورنيا، مع فريق في الجامعة بحثًا ركز على الوزن والتغذية والتمارين الرياضية والنوم .
على مدار 12 أسبوعًا ، اتبعت مجموعتان نفس برنامج التمرين والتغذية ، لكن واحدة تلقت أيضًا برنامجًا لتعديل السلوك – كان جزءًا رئيسيًا منه هو التدريب على النوم. بحلول نهاية الدراسة ، فقدت المجموعة التي لم تحصل على التدريب الإضافي ما متوسطه 1.3 كيلوجرام من كتلة الدهون. بينما فقدت المجموعة التي تلقت التدريب الإضافي 2.3 كيلوغرام.
يشرح الدكتور كوبر: "لم نتمكن من إثبات أننا قمنا بتحسين جودة النوم، ولكن المثير للاهتمام أننا قمنا بتحسين أداء التمارين، ونوعية التمارين الهوائية – بما في ذلك امتصاص الأكسجين -. لقد رأينا انخفاضًا كبيرًا في النسبة المئوية للدهون في الجسم في نهاية برنامج التمرين التدريبي الذي اشتمل على تدريب على النوم ".
ومع ذلك ، يقول الدكتور كوبر، لا يزال هناك الحاجة للمزيد من الدراسات في هذا المجال.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.