بينما كانت الشركات الصغيرة تكافح مع الاقتصاد المتضرر من الوباء منذ بداية الأزمة الصحية العالمية، فإن العكس قد حدث مع العلامات التجارية الراقية، إذ زادت أسعار رولكس بشكل مبالغ ولم يعد المعروض يلبي المطلوب، فيما ارتفعت أسعار سيارات رولز رويس أعلى مبيعات في تاريخها الممتد 117 عاماً بعد جائحة كورونا، فضلاً عن مبيعات قياسية في سوق منتجات الرفاهية.
وقد ربط بعض العاملين في أسواق منتجات الرفاهية الفاخرة الأرباح التي جنتها خلال عامي 2020 و2021 بجائحة كورونا، ورغبة الناس في اقتناء هذه المنتجات لتكون بديلاً عن وسائل الترفيه الأخرى التي لم تعد متوفرة مع الإغلاق، أو لأن الجائحة جعلتهم يدركون أن الحياة قصيرة ففضلوا اتباع نمط أكثر رفاهية، وأيضاً لأسباب تتعلق بازدهار الشراء عبر الإنترنت.
لماذا أصبحت ساعات رولكس باهظة أكثر خلال جائحة كورونا؟
قبل عام من الآن؛ كانت ساعة رولكس كوزموغراف دايتونا (Rolex Cosmograph Daytona) المصممة للمولعين بالقيادة والسرعة من الذهب عيار 18 قيراطاً والمزودة بقرص أخضر كانت تباع مقابل 52 ألف دولار، لكنها تصل الآن إلى 96 ألف دولار.
أيضاً بالنسبة للنسخة الرياضية من ساعة رولكس ميلغوس (Rolex Milgauss) كانت أسعار الساعات المستعملة حوالي 8 آلاف، أما الآن فوصلت إلى 14.500 دولار، وتضاعف أيضاً سعر طراز إكسبلورز (Explorer II) من 7500 إلى 13 ألفاً خلال نفس الفترة.
هذه الزيادة التي تصل إلى الضعف في سعر الساعات الفاخرة يتعلق جزء منها بالتضخم اللاحق لجائحة كورونا الذي رفع أسعار جميع المنتجات، لكن جزء آخر يتعلق بارتفاع الطلب الكبير على الساعات، بحسب تجار للساعات الفخمة سألتهم صحيفة The New York Times الأمريكية.
إذ تحدث التجار عن ارتفاع غير مسبوق في الطلب على الساعات المستعملة، ذلك أن الساعات الجديدة المتوفرة لدى التجار المعتمدين قليلة للغاية لا سيما الموديلات الرياضية، لأن التجار عادةً ما يحتفظون بالساعات الجديدة جانباً للعملاء المفضلين، وأكدوا للصحيفة الأمريكية أن هذا الطلب كان أعلى كثيراً من الطلب المعتاد قبل 3 سنوات.
فيما أشار التقرير إلى السر وراء رواج هذه الساعات الثمينة؛ وهو ندرتها وتميزها بشكل فريد لعدد محدود من العملاء القادرين على التكفل بسعرها، وزادت هذه الميزة بريقاً في العام 2021، عندما بدأ يلاحظ شح وجود رولكس في الأسواق، حتى إن الشركة السويسرية أصدرت بياناً تنفي فيه أن يكون "قلة منتجاتها استراتيجية من جانبها"، وأشارت إلى أن الإنتاج الحالي لا يمكن أن يلبي حجم الطلب، خصوصاً أن الشركة تهتم بالجودة ولا تريد تقليلها لتلبية الطلب العالي.
رغم أن رولكس صنعت ما يقدر بـ 1.05 مليون ساعة في عام 2021، وهو ما يقدر بنحو 29% من سوق الساعات السويسرية الفاخرة، لكن لماذا الطلب المرتفع؟ أجاب على ذلك أحد العاملين في مجال الساعات الفاخرة، إذ قال ستيفن كايزر، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة Kennedy USA، وهي سلسلة ساعات مقرها أستراليا، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن وباء كورونا ساعد في تنشيط السوق، إذ يعتقد أن الوباء غيَّر من أنماط الترفيه لدى الناس لغياب السفر والذهاب للمطاعم والعروض لنحو عامين أو يزيد في بعض الدول، لذلك ازدهرت قطاعات ترفيه أخرى.
فيما قال بول ألتيري، مؤسس "ساعات بوب" التي يستخدمها عدد من المشاهير مثل مغني الراب الكندي دريك، ومواطنه جاستين بيبر، إن أحد أسرار الهوس في اقتناء الساعات الفاخرة هو سعرها المرتفع، إذ يجعلها ذلك تبدو جذابة أو استثمار مربح، خصوصاً أن الساعات الفاخرة يعاد بيعها مستعملة بأسعار ثمينة أيضاً.
سيارات رولز رويس حققت مبيعات قياسية بعد كورونا
لم يكن قطاع الساعات الفاخرة وحده الذي شهد زيادة على الطلب وغلاءً في الوقت نفسه خلال جائحة كورونا، إذ قالت شركة صناعة السيارات الفاخرة رولز رويس (Rolls-Royce Motors) إن جائحة كورونا حفزت الأثرياء على شراء المزيد من سياراتها الفاخرة أكثر من أي وقت مضى لأنه الجائحة جعلتهم يدركون أن الحياة قصيرة.
إذ باعت الشركة 5.586 سيارة خلال عام 2021، وهو أعلى حجم مبيعات سنوية في تاريخها الممتد 117 عاماً، وحللت الشركة بيانات عملائها، ووجدت أن الوباء كان عاملاً كبيراً لهذا الإقبال على الشراء من عملاء كان متوسط أعمارهم 43 عاماً، وقال الرئيس التنفيذي للشركة مولر أوتفوس: "شهد كثيرون وفاة أشخاص يحيطون بهم بسبب فيروس كوفيد-19، وهذا جعلهم يعتقدون أن الحياة يمكن أن تكون قصيرة وأنه من الأفضل لك أن تعيش الآن بدلاً من تأجيلها إلى تاريخ لاحق"، وتابع: "لقد ساعد ذلك شركة رولز رويس".
كما أشارت شركة صناعة السيارات، المملوكة لشركة BMW، إلى استفادتها من قيود الوباء، في نقطة مطابقة لما ذكرها أحد العاملين بقطاع الساعات الفاخرة، إذ لم يكن الناس يستطيعون السفر وإنفاق أموالهم على الخدمات الترفيهية المغلقة، لذلك اتجهت إلى الإنفاق على السلع الكمالية، كما نقلت صحيفة Financial Times الأمريكية.
مبيعات "منتجات الرفاهية" تتجاوز مستويات ما قبل كورونا.. لماذا؟
بشكل عام، وصلت مبيعات الرفاهية عبر الإنترنت إلى أكثر من 56 مليار دولار في نهاية عام 2020، بزيادة قدرها 18 مليار دولار مقارنة بعام 2019 ، وفقاً لتقديرات شركة Bain & Company، والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن المشتريات التي تتم عبر الإنترنت للسلع الكمالية وصلت إلى ما يقرب من 23% من إجمالي المبيعات في عام 2020.
أيضاً سجلت ماركات الملابس والحقائب الفاخرة Dior وFendi وLouis Vuitton وLoewe وCeline مبيعات قياسية في النصف الأول من عام 2021 وزادوا حصصهم في السوق، ونمى سوق بعضها إلى 60 و70%.
وعلى مدار العقدين الماضيين، أصبحت دراسة Bain & Company Luxury نقطة مرجعية للصناعة، لكنها لم تشهد أبداً عاماً بالأداء المرتفع الذي شهده عام 2021، ورجحت الدراسة التي تخرج بالتعاون مع هيئة السلع الفاخرة الإيطالية مع Fondazione Altagamma أن ترتفع مبيعات السلع الفاخرة الشخصية بمقدار الثلث تقريباً، وقالت في نهاية العام 2021 إن مبيعات الأحذية والسلع الجلدية والمجوهرات ستتجاوز بشكل مريح مستوياتها لعام 2019 في عام 2021، مع ازدهار المبيعات عبر الإنترنت.