إذا لم تتمكن من خسارة الوزن بالمقدار الذي ترغب فيه رغم كل المقاومة لتناول الأنواع المختلفة من الطعام ولكن دون جدوى، قد يكون السبب استنفار الجسم نفسه واعتماد تكتيك "التكيف الأيضي".
والتكيف الأيضي هو إحدى الآليات التي يلجأ إليها الجسم ليحمي نفسه حين يفقد قدراً كبيراً من الوزن.
وخلصت دراسة جديدة أجراها قسم علوم التغذية في جامعة ألاباما في برمنغهام إلى أن التكيف الأيضي هو السبب وراء المدة الطويلة التي قد يستغرقها تحقيق خسارة الوزن المطلوبة.
وهذا قد يفسر لماذا يزداد إنقاص الوزن صعوبة بعد خسارة بعض الكيلوغرامات في البداية.
واعتمد الباحثون في دراستهم على نساء في فترة ما قبل انقطاع الطمث وتتجاوز أوزانهن حدود الوزن الصحي التي يحددها مؤشر كتلة الجسم (BMI).
وخسرت المشاركات قرابة 16% من وزنهن خلال 5 أشهر في المتوسط. وقال الباحثون إن التكيف الأيضي بعد إنقاص الوزن بنسبة 16% أطال المدة التي يستغرقها فقدان المزيد من الوزن.
وضمت مجموعة المشاركات في الدراسة 65 سيدة في فترة ما قبل انقطاع الطمث، واتبعت كلتا المجموعتين نظاماً غذائياً من 800 سعرة حرارية حتى وصلتا إلى مؤشر كتلة جسم محدد.
واعتُبرت إحدى المجموعتين خاملة (تمارس الرياضة مرة واحدة فقط في الأسبوع) فيما كانت المجموعة الأخرى تمارس الرياضة بانتظام. وجميع المشاركات امتنعن عن التدخين وكانت دوراتهن الشهرية منتظمة.
وجميع المشاركات أيضاً:
- لديهن مستويات غلوكوز طبيعية.
- لديهن تاريخ عائلي من زيادة الوزن والسمنة لدى قريب واحد على الأقل من الدرجة الأولى.
- لا يتناولن أدوية قد تؤثر على تكوين الجسم أو التمثيل الغذائي (الأيض).
وبلغت نسبة الالتزام بالنظام الغذائي 64% في المتوسط.
ما هو التكيف الأيضي؟
يحدث التكيف الأيضي حين يحاول الجسم تقليل معدل الأيض أثناء الراحة (RMR).
تقول خبيرة التغذية المعتمدة في جامعة بيتسبرغ كارولين ويست باسريللو، إن معدل الأيض أثناء الراحة هو عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم ليستمر في أداء وظائفه.
يختلف هذا المعدل من شخص لآخر ويتغير طوال حياتنا لأنه يعتمد على عوامل مثل العمر والطول والوزن ومستوى النشاط وتكوين الجسم، وفقاً لما قالته كارولين لموقع Healthline.
وقالت: "نعلم من الأبحاث أن معدل الأيض أثناء الراحة يتغير مع فقدان الوزن. على أنه توجد متغيرات عديدة تحدد إن كان التغيير في معدل الأيض أثناء الراحة مهماً من الناحية السريرية وما إن كان التغيير في معدل الأيض أثناء الراحة سيستمر فور استقرار وزن الشخص".
بدوره، قال خبير التغذية وفقدان الوزن في مدينة تورنتو الكندية، آندي دي سانتيس، إن التكيف الأيضي يشبه "إبطاء" عملية التمثيل الغذائي استجابة لتقييد السعرات الحرارية وخسارة الوزن. والجسم الصغير عادة يُخرج طاقة أقل أثناء الراحة.
وأوضح لموقع Healthline أن الطعام يحتاج طاقة لهضمه؛ لذلك حين تقل جرعة الطعام والوزن، تنخفض كمية الطاقة التي يُخرجها الجسم يومياً.
وقال إنه لذلك من الصعب أن نقول إن نتائج هذه الدراسة أضافت الكثير لمعلوماتنا.
هل يمكن فقدان الوزن بعد التكيف الأيضي؟
تقول كارولين: "لدى الأعضاء البشرية احتياطات كثيرة للحفاظ على سير وظائف أجسادنا. والكثير من هذه الاحتياطات تصعّب الحفاظ على الوزن المفقود".
ولو أردت خسارة بعض الوزن، فالنصيحة العامة هي تعديل توازن الطاقة، أي تقليل عدد السعرات الحرارية المستهلكة أو زيادة عدد السعرات الحرارية الخارجة لخسارة الوزن بين حوالي 455 و907 غرامات أسبوعياً.
ويتفق العديد من الخبراء أن خسارة 455 أو 907 غرامات أسبوعياً معدل صحي وآمن.
هل يمكن تجنب حصول التكيف الأيضي أو إبطاء معدل الحرق؟
إن أفضل طريقة لمنع تباطؤ عملية التمثيل الغذائي في المقام الأول هي تجنب اتباع حمية، ولكن نظراً لأن معظم الناس يريدون خسارة الدهون، فهذه التوصية غير مناسبة لمن يريدون خسارة الوزن.
إلا أن الأنظمة الغذائية المعتدلة أكثر فعالية وثباتاً من الحميات القاسية، وبينما تستغرق وقتاً أطول لفقدان الوزن فعلياً، إلا أنها تقلل من خطر تباطؤ عملية التمثيل الغذائي وكذلك تقليل خطر فقدان كتلة العضلات (مما يؤدي أيضاً إلى إبطاء عملية التمثيل الغذائي نفسها).
ويُنصح أيضاً بالحرص على إبقاء مستوى الكربوهيدرات معتدلاً وليس منخفضاً طوال الوقت، فالكربوهيدرات ترتبط مباشرةً بوظيفة الغدة الدرقية وتساعد على تنظيم معدل الأيض.
وأخيراً، تجنب استخدام الحميات القاسية لفترات متقطعة، لأنها تسبب باستعادة الوزن بمجرد عودة الإنسان تدريجياً إلى وزنه السابق بمجرد استكمال عاداته الغذائية ما قبل الحمية.