السمنة عند الأطفال هي مشكلة صحية معقدة تحدث عندما يكون وزن الطفل أكثر بكثير من الوزن الطبيعي أو الصحي المناسب لعمره وطوله وحجمه.
وتتشابه أسباب زيادة الوزن عند الصغار مع أسباب زيادة الوزن عند البالغين أيضاً، بما في ذلك النمط المعيشي والأسباب الوراثية. كما تتأثر السمنة أيضاً بمجتمع الشخص وبيئته، إذ يمكن لهذه العوامل أن تؤثر على القدرة على اتخاذ خيارات صحية.
وباء السمنة عند الأطفال بالأرقام
يتضح من مراجعة إحصائيات السمنة عند الأطفال التي نشرها موقع Very Well Health، أن زيادة الوزن بين الصغار قد زادت خلال العقدين أو الثلاثة عقود الماضية، ما يدل على تأثير النمط الغذائي والمعيشي بصورة سلبية على الأعمار المبكرة بين الأطفال وصولاً لسن المراهقة والشباب، بداية من سن الثانية وحتى سن التاسعة عشرة.
وكانت الأرقام بحسب الموقع كما يلي:
- كشفت دراسة استقصائية لعامَي 2003 و2004، أن 13.9% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و5 أعوام يعانون من مشكلة زيادة الوزن، بعد أن بلغت 5% فقط في الفترة من 1971 و1974.
- 18.8% من الأطفال بين عمر 6 سنوات و11 سنوات كانوا يعانون من السمنة المفرطة بحسب ذات الدراسة، بعد أن بلغت السمنة بين هذه الفئة العمرية بين عامي 1971 و1974، 4% فقط.
- وكان يعاني 17.4% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 من زيادة الوزن، بعدما بلغت نسب السمنة في تلك الفئة العمرية 6.1% بين عامَي 1971 و1974.
- وزاد انتشار السمنة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-11 سنة من 7% عام 1980 إلى 18% عام 2012، بينما ارتفعت نسبة المراهقين البدينين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 عاماً من 5% إلى 21% في نفس الفترة.
المخاطر المحتملة لمشكلة السمنة عند الأطفال تمتد باقي العمر
لفت موقع Medical News Today إلى أن السمنة في مرحلة الطفولة ليست مشكلة جمالية فحسب، أو مرحلة عابرة قد تزول خلال نمو الطفل ونضجه؛ إذ يميل الأطفال البدينون إلى أن يصبحوا بالغين بدينين، وهناك العديد من المشكلات الطبية المرتبطة بذلك بالتبعية.
وقد أدت الزيادات الكبيرة بمعدلات السمنة عند الأطفال إلى زيادة الحالات الصحية المرتبطة بالسمنة بين الصغار والمراهقين. وكشفت دراسة استقصائية أُجريت عام 2007، ونشرتها المجلة الدولية للجراحة وعلم الأورام، على اليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً، أن حوالي 70% من الأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة المفرطة لديهم عامل خطر واحد على الأقل للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
كما ثبت أن الحالة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز العضلي الهيكلي، والإصابة بأمراض السكري وأورام السرطان.
ويمكن أن تستمر آثار السمنة لدى الأطفال حتى مرحلة البلوغ وبعد النُضج، وهناك قلق عالمي من أنه إذا استمرت معدلات السمنة لدى الأطفال في الارتفاع، فسيؤدي ذلك أيضاً إلى انتشار الحالات الطبية ذات الصلة.
أسباب السمنة عند الأطفال
من المعلوم أن تغيرات نمط الحياة اليومية لها تأثير كبير على نسب بدانة الأطفال على مدار الثلاثين عام الماضية؛ إذ اعتاد الأطفال على تناول وجبة خفيفة واحدة في اليوم، مثل الحلوى أو المقرمشات، في حين أن طفلاً من بين كل 5 أطفال اليوم يتناول في سن المدرسة ما يصل إلى 6 وجبات خفيفة يومياً.
كما أن أحجام حصص الطعام والشراب أصبحت أكبر مما كانت عليه قبل 30 عاماً. ففي منتصف السبعينيات، كان المشروب المحلّى بالسكر يبلغ حجمه 13.6 أونصة، بينما يبلغ اليوم 20 أونصة.
علاوة على ذلك، ذكرت كلية هارفارد للصحة العامة في بوسطن أن السعرات الحرارية اليومية التي يحصل عليها الطفل من المشروبات المُحلّاة ارتفعت بنسبة 60% بين عامي 1989 و2008.
ويعتقد المتخصصون في الرعاية الصحية أن الإعلانات الدعائية عبر وسائل الإعلام المختلفة تلعب دوراً كبيراً في مشكلة زيادة معدلات السمنة عند الأطفال، حيث أشاروا إلى أن الأطفال المعرَّضين لإعلانات الوجبات السريعة هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة وزيادة الوزن.
انخفاض مستويات النشاط تساهم في تفشّي الوباء
كما انخفض مستوى النشاط البدني خلال العقود الثلاثة الأخيرة وفقاً لـMedical News Today. ويؤكد مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي CDC أنه في عام 2013 على سبيل المثال، أمضى 29% فقط من طلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة الأمريكية مدة الـ60 دقيقة الموصى بها من التمارين اليومية؛ وذلك بسبب تفضيل الأطفال لأنشطة مثل ممارسة ألعاب الفيديو ومشاهدة التلفاز وتصفُّح الإنترنت على لعب الكرة أو زيارة الحدائق.
كذلك ميل الآباء لتحضير الأطعمة المريحة لأفالهم، مثل وجبات العشاء المجمدة أو المُعدّة بشكل مُسبق، إضافة للوجبات الخفيفة المالحة والمأكولات المُعلَّبة، يمكن أن تساهم أيضاً في زيادة الوزن غير الصحية خاصة عند الصغار.
عوامل أخرى تُسبب السمنة عند الأطفال
ويُصاب بعض الأطفال بالسمنة لأن آباءهم لا يعرفون كيفية اختيار الأطعمة الصحية أو تحضيرها. كما قد لا تتمكن بعض العائلات من شراء الفواكه والخضراوات واللحوم الطازجة والخيارات الصحية الضرورية لنمو الجسم.
ووفقاً لموقع Healthline الصحي، قد تؤدي المشكلات النفسية أيضاً إلى السمنة عند الأطفال، لأن الصغر والمراهقين الذين يشعرون بالملل أو التوتر أو الاكتئاب بصورة مزمنة ومتكررة قد يأكلون أكثر أو يلجأون لأطعمة غير صحية للتعامل مع مشاعرهم السلبية.
في المقابل، يمكن أن يساعد تناول الأطعمة الصحية وممارسة النشاط البدني الأطفال على النمو والحفاظ على وزن صحي ومثالي. ولفت موقع CDC إلى أن موازنة الطاقة أو السعرات الحرارية المستهلكة من الأطعمة والمشروبات مقابل السعرات الحرارية المحروقة عند اللعب مثلاً، ستلعب دوراً محورياً في منع اكتساب الوزن الزائد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول الأطعمة الصحية وممارسة النشاط البدني يومياً يساعد في الوقاية من الأمراض المزمنة مثل مرض السكري من النوع 2 وبعض أنواع السرطان وأمراض القلب.
كيف تحدد إذا ما كان طفلك يعاني من الوزن الزائد؟
ليس كل الأطفال الذين يعانون من بعض الكيلوغرامات الزائدة يعانون من السمنة الزائدة في الوزن. وذلك لأن بعض الأطفال لديهم بالفعل إطارات جسم أكبر من المتوسط وهياكل عظمية أعرض عن غيرهم من الصغار.
وبحسب موقع Mayo Clinic الصحي، من الطبيعي أن يحمل الأطفال كميات مختلفة من دهون الجسم في مراحل نموهم المختلفة؛ لذلك من غير الدقيق الحُكم على الطفل وصحته وفقاً لما يبدو عليه جسمه.
ومع ذلك فإن مؤشر كتلة الجسم BMI، الذي يحدد الوزن الملائم وفقاً للوزن بالنسبة للطول، فهو المقياس المقبول لتحديد ما إن كان هناك زيادة في الوزن أو مشكلة سمنة.
وباستشارة العيادات المتخصصة، يمكن لطبيب الأطفال استخدام مخططات النمو ومؤشر كتلة الجسم وبعض الاختبارات الأخرى إذا لزم الأمر، لمساعدتك على معرفة ما إذا كان وزن طفلك يمكن أن يسبب مشاكل صحية له لاحقاً، أو يكون عرضاً في حد ذاته لمشكلة صحية كامنة.
متى قد تشير السمنة عند الأطفال إلى أسباب صحية كامنة؟
ويشير موقع Bupa الطبي إلى أن الأولاد مختلفون عن البنات في مراحل نمو الطفل ويتطورون وفقاً لوتيرتهم الشخصية الخاصة. وقد يجعل هذا التغيير والتباين المستمر من الصعب معرفة ما إذا كان الطفل يتمتع بوزن صحي أم لا. ومع ذلك قد يكون الطفل معرضاً لخطر زيادة الوزن إذا لاحظت الآتي:
- الطفل يطلب تناول المزيد من الطعام باستمرار في مختلف الوجبات اليومية.
- اضطراره لارتداء ملابس مصنوعة للأطفال الأكبر سناً لأنها تناسب حجمه أكثر.
- عدم القدرة على مواكبة أصدقائه أثناء اللعب أو خلال حصص التربية البدنية بالمدرسة.
وفي حال كنت تراعي عدم تعرّض الطفل لأي من مسببات السمنة السالف ذكرها في التقرير، وكنت قلقاً من وتيرة اكتساب طفلك للوزن، فتحدث إلى طبيب متخصص في سمنة الأطفال، لأن المشكلة قد تعود إلى مشكلة في قدرة جسمه على التمثيل الغذائي بصورة طبيعية، أو بسبب كسل في غدته الدرقية.
وسيأخذ الطبيب في الاعتبار تاريخ نمو الطفل ونضج جسمه، وتاريخ عائلتك في السمنة والوزن مقابل الطول. ويمكن أن يساعد ذلك في تحديد ما إذا كان وزن الطفل طبيعياً أم لا، وما إن كانت هناك أسباب صحية كامنة تحدد وزنه.