من الشائع للغاية أن تُصاب بنوبة من الصداع بعد تناول الطعام، والذي تتفاوت حدّته من البسيط غير الملحوظ تقريباً، ويصل إلى حدّة الصداع النصفي الذي يعطلك عن أداء مهامك اليومية بشكل طبيعي.
ومع أن الصداع بعد الأكل من الأمور الشائعة، لكن تكراره ومدى قوّته قد يؤشران إلى ضرورة الانتباه للأعراض وطلب المشورة الطبية إذا لزم الأمر، لأنه قد يكون عرضاً لحالة صحية أخرى تستلزم الرعاية والاهتمام.
وفي العادة ستشعر بالصداع بعد الأكل مباشرةً وكأنه ضغط بين العينين أو خفقان على جانب واحد من الرأس أو شعور بالضيق والضغط في منطقة الجبهة.
ويمكن أن يكون كل نوع من تلك الأحاسيس ناتجاً عن مصدر مختلف أو حالة معينة. كما قد يكون الصداع بعد الأكل أيضاً من أعراض حالة طبية كامنة.
ولا ينبغي تجاهل الصداع المستمر والمتكرر بوتيرة ثابتة، إذ يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في النوم وإصابة الشخص بالتوتر والاكتئاب، وكذلك قد يضطر إلى تناول العقاقير والمواد الكيميائية بصورة مفرطة قد تؤثر على الصحة وأعضاء الجسم على المدى الطويل.
ومن أبرز الأسباب المسؤولة عن الشعور بالصداع بعد الأكل ما يلي:
1- نقص السكر في الدم بعد الأكل
تسمى هذه الحالة أيضاً بنقص السكر في الدم التفاعلي، ومن أبرز أعراضها الإصابة بالصداع في غضون 4 ساعات بعد تناول الطعام. وهي تنجم عن انخفاض مستويات السكر في الدم بسبب بدء عملية الهضم، بحسب موقع Healthline.
وتتضمن بعض الأسباب في ذلك:
- الإصابة بداء السكري.
- أورام الجهاز الهضمي.
- عدم انتظام مستويات الهرمونات في الجسم.
- حساسية الطعام.
وقد تعتقد أن الحساسية تحمل دائماً أعراضاً مشابهة لأعراض التهاب الأنف التحسسي -مثل العطس أو سيلان الأنف- ولكن هذا ليس هو الحال دائماً. في الواقع، يمكن أن تسبب الحساسية الغذائية مجموعة من ردود الفعل، بما في ذلك الصداع والشعور بالغثيان والإجهاد العام.
لذلك إذا كنت تعاني من الصداع بعد تناول طعام أو مكون معين، فمن المحتمل أنك تعاني من حساسية تجاه أحد العناصر الموجودة في تلك الأطعمة.
2- عدم تحمل الطعام أو Food Intolerance
تختلف أعراض عدم تحمل الطعام عن حساسية الطعام رغم التشابه الكبير من الأمرين، فالأولى دائماً ما تكون ذات طبيعة هضمية. بمعنى أنها تسبب مشاكل في الهضم وشعور المعدة بعد تناول الطعام المعين. ومع ذلك، في بعض الحالات، يمكن أن تسبب صداعاً بعد تناول الطعام.
ويُنصح في تلك الحالة بتدوين مكونات الطعام الذي تشعر بعد تناوله بالصداع والأعراض، والبدء في الامتناع عن كل منها تدريجياً إلى حين اكتشاف العنصر المسبب لعدم التحمُّل الهضمي.
3- اضطرابات المفصل الفكي الصدغي TMJ
المفصل الصدغي الفكي TMJ هو المفصل الذي يربط الفك السفلي بالجمجمة من خلال العظم الصدغي أمام الأذنين.
وتتميز اضطرابات المفصل الفكي الصدغي عموماً بصوت طقطقة أو نقر وفرقعة عند تحريك الفم، أو شعور بالضيق على جانبي الفك عند فتح الفم وإغلاقه.
ونظراً لأن المفصل المصاب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنطقة الرأس، فهو يؤدي إلى الشعور بالألم والصداع الذي قد يبلغ درجات قوية جداً عن المضغ أو الحديث والتثاؤب.
وتستلزم تلك الحالة علاجاً طبياً متخصصاً قد يتراوح من تناول العقاقير المعالجة للالتهابات وتغيير في نمط الحياة اليومية، وصولاً إلى الحقن الموضعي أو العمليات الجراحية في الفك.
4- الإفراط في تناول السكريات
تتسبب الوجبات العالية في السكريات في ارتفاع نسبة السكر في الدم وانخفاضه بسرعة بعد ذلك ما يؤدي للإصابة بالصداع بعد الأكل، بحسب مركز ميموريال كير أورانج كوست الطبي.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نقص سكر الدم التفاعلي -أو انخفاض نسبة السكر في الدم بعد الوجبة- مما قد يجعلك تشعر بالدوار والتشويش والصداع بالتبعية.
كما قد تشعر أيضاً بالضعف أو التعرق أو الارتعاش نتيجة لتلك الحالة، لكن الأمر الجيد أن تلك الأعراض تختفي تدريجياً بعد زوال أثر الطعام من الجسم، وفقاً للمعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى.
5- الإفراط في تناول الأملاح أيضاً
إن تناول الأطعمة شديدة الملوحة مثل الأطعمة المجمدة، وصلصات المعكرونة، والأجبان والتسالي المُعلبة والاصطناعية وغيرها من الأطعمة الغنية بقدر كبير من الأملاح، يمكن أن تسبب خفقان الرأس والصداع.
وبحسب دراسة نشرتها مجلة BMJ العلمية، أظهرت أبحاث بريطانية أن الأشخاص الذين يتناولون أكبر قدر من الصوديوم (بنسبة بلغت حوالي 8000 مجم يومياً) يعانون من الصداع بنسبة تصل إلى 33% أكثر مقارنة بمن يتناولون 4000 مجم من الصوديوم يومياً.
وبحسب مجلة Women's Health، توصي جمعية القلب الأمريكية باستهلاك ما لا يزيد عن 1,500 مجم من الملح يومياً لا أكثر للحصول على صحة مثالية.
ويحدث الضرر لأن الصوديوم يزيد من حجم الدم في الشرايين، مما يجعله يشغل مساحة أكبر في الأوعية الدموية في الدماغ، وبالتالي تتمدد الأوعية لاستيعاب الحجم الزائد، مما قد يؤدي إلى حدوث الصداع بعد الأكل وألم الرأس والطنين.
6- حالة تجمُّد الدماغ
هل جربت من قبل هذا الشعور بانقسام الجمجمة عندما تسرع في تناول المثلجات أو المشروبات الباردة؟ تُدعى تلك الحالة بـBrain Freeze أو تجمُّد الدماغ – أو ما يسميه الأطباء علمياً بالتهاب العصب الشوكي العصبي.
ويحدث هذا النوع من الصداع بعد الأكل عندما يلامس شيء بارد سقف الفم، فتنقبض الأوعية الدموية بسرعة وتقلل من تدفق الدم إلى الدماغ. ونتيجة لذلك يحدث وميض سريع من الألم حول جبهتك مسبباً صداعاً لا يُحتمل. لكن لحسن الحظ فإن هذه الحالة تختفي في غضون دقيقة أو دقيقتين على الأكثر، لكنها ستتكرر إذا ما عاودت الاستعجال في تناول مثلجاتك.
كيفية علاج الصداع بعد الأكل
1- ترطيب الجسم
تأكد من شرب كمية كافية من الماء طوال اليوم ومراعاة عدم الشعور بالعطش.
ويعد البقاء رطباً هو جزء مهم من إدارة الصداع بعد الأكل والصداع بشكل عام. وقد يؤدي عدم شرب كمية كافية من السوائل، خاصة في الطقس الحار، إلى الإصابة بالجفاف، مما يزيد من آلام الرأس.
وبحسب Healthline، يعد الماء عادةً خياراً مثالياً، لأنه لا يحتوي على السكر المضاف الموجود في العصائر والقهوة المنكهة والشاي المحلى والمشروبات المحلاة الأخرى.
كما يجب الابتعاد عن الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على المحليات الصناعية؛ لأنها يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الصداع لدى بعض الأشخاص.
2- التزم بنظام غذائي صحي
من المهم الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن لكي تتجنب حدوث الصداع بعد الأكل. ولكن عندما لا يؤدي اتباع نظام غذائي متوازن إلى تحسين حالة ووتيرة تكرار الصداع لديك، ففكر في التحدث إلى طبيبك حول نظام غذائي للتخلص من الصداع، والكشف عن أي أسباب كامنة، وفقاً لـHealthline.
يشبه نظام حمية الإقصاء إلى حد كبير تجربة علمية في نظام طعامك، حيث ستستمر في تجربة خيارات طعام مختلفة لمعرفة مدى تأثرك بكل منها. ويمكن أن يساعدك ذلك في اكتشاف احتمالية عدم تحملك للطعام، وإصابتك بالحساسيات المحتملة.
على سبيل المثال، قد تحاول قضاء فترة زمنية معينة بدون منتجات الألبان لمعرفة ما إذا كنت لا تزال تعاني من الأعراض بعد تناول الطعام. إذا اختفى الصداع خلال هذا الوقت، فربما تكون قد حددت إصابتك بالحساسية تجاه هذا الطعام.
إذا لم تختفِ، يمكنك إضافة منتجات الألبان إلى نظامك الغذائي والتخلص من الأطعمة الأخرى التي قد تكون السبب. ويمكن أن تستمر هذه العملية حتى يتم الكشف عن طعام محفز.
ويجب عليك دائماً اتباع نظام غذائي تحت إشراف الطبيب أو إخصائي التغذية.