لم يشهد الانتباه البشري مثل هذا التناقص قط. فمتوسط فترة انتباه الإنسان العادي تبلغ 8 ثوانٍ، لكن هذا الرقم قد تقلّص على مر السنين، بسبب زيادة استخدامنا لوسائل الاتصال الرقمي.
هذه الأرقام الجديدة كشفت عنها دراسة أجرتها شركة "مايكروسوفت" في عام 2015.
قد يكون الاستمرار في أداء مهمة معينة أمراً صعباً، لكنه يُشكّل تحدياً ذا طابع خاص عندما تكون محاطاً بمصادر تشتيت مستمرة.
في عالم اليوم المتصل رقمياً دائماً، لا تحتاج مصادر تشتيت الانتباه أكثر من ضغطة زر واحدة لكي تفقد تركيزك.
باتت مصادر تشتيت الانتباه في متناول يدك حرفياً حتى أثناء لحظات الراحة الهادئة، حيث تجد نفسك تتفقد إشعارات التطبيقات أو أحدث مستجدات الأخبار عبر الهاتف النقَّال.
7 طرق لزيادة التركيز
تعد القدرة على التركيز على شيء معين في بيئتك أمراً بالغ الأهمية في تعلّم أشياء جديدة وتحقيق الأهداف وإظهار أداء جيد عبر مجموعة متنوعة من المواقف.
ثمة كثير من الأشياء التي يمكنك فعلها لزيادة التركيز، لكن، إليك 7 طرق مثبتة لتطوير مستوى تركيز حاد للغاية، وفق ما عددها موقع The Good Men Project.
1- أوقِف الإشعارات
تعد خطوة إيقاف الإشعارات الواردة من البريد الإلكتروني وتطبيقات المراسلة الفورية وغيرها من التطبيقات الأخرى إحدى أسهل الطرق لاستعادة السيطرة على تركيزك.
صُمّمت الإشعارات والتنبيهات لجذب انتباهك بعيداً عمّا تفعله حتى تُمسك هاتفك النقال مُجدَّداً.
تذكّر أنَّ تلك الإشعارات ليس لها سوى غرض واحد فقط يتمثّل في جذب اهتمامك لقضاء وقت أطول في تصفح التطبيق، لأنَّه كلما زاد هذا الوقت، حقّقت الشركة المالكة للتطبيق مزيداً من الأرباح.
في حال تشغيل الإشعارات، فإنَّك تسمح لأشخاص آخرين أو شركات (مثل فيسبوك ويوتيوب وجوجل) بإزعاجك وتعطيلك متى أرادت ذلك.
لا تكمن المشكلة في الهواتف الذكية، بل في الأجراس والأصوات التي تسترعي انتباهك إلى ما لا نهاية.
لذا، يتعيَّن عليك البحث عن طريقة لإيقاف مثل هذه الأصوات سواء كانت صادرة عن إشعارات أو أشخاص يريدون التواصل معك. لا يمكنك أن تتوقع من عقلك التركيز بينما ترن إشعارات الرسائل باستمرار.
2- ابتعِد عن تعدد المهام
قد تبدو مهارة تعدد المهام وسيلة رائعة لإنجاز العديد من الأشياء في آنٍ واحد. لكنَّ تعدد المهام ليس في الواقع إلا خرافة.
تُظهر الأبحاث أنَّ أدمغة البشر غير قادرة على التعامل بكفاءة مع مهام متعددة في آنٍ واحد كما نحب أن نعتقد. في الواقع، تشير بعض الأبحاث أيضاً إلى أنَّ تعدد المهام يقلل الإنتاجية بنسبة 40%.
بينما يبدو أنَّنا ننجز عدة أشياء في الوقت نفسه، لكن ما نفعله حقاً هو تحويل انتباهنا بسرعة من شيء إلى آخر.
لا شك في أنَّ ممارسة تعدد المهام ليست جديدة ونحتاج أحياناً بالفعل إنجاز مهام متعددة في آنٍ واحد. لكن التدفق المستمر للمعلومات من مصادر عديدة مختلفة يُشكّل بُعداً جديداً نسبياً لهذه الممارسة.
هكذا نمارس تعدد المهام كل يوم:
– نقرأ الأخبار أثناء تناول الإفطار.
– نتصفح فيسبوك أثناء المشي.
– نراسل أثناء القراءة.
لقد مارسنا، بمرور الزمن، تعدد المهام لدرجة أنَّنا أتقنّا فن تشتيت الانتباه.
لقد فقدنا قدرتنا على التركيز على الأشياء التي بين أيدينا لفترة طويلة من الوقت.
ومع ذلك، نستطيع استعادة قدرتنا على التركيز إذا توقفنا عن ممارسة تعدد المهام ووجدنا وسائل للحفاظ على التركيز على المهمة التي نعمل عليها.
3- اضبط وضعية الجسم
"قِف مستقيماً"، لقد سمعنا هذه النصيحة في وقت من أوقات حياتنا. تتحكّم وضعية جسمك في ردود فعلك والطريقة التي يشعر بها عقلك.
يأخذ الشخص وضعية متراخية عندما يكون مكتئباً أو يشعر بالكسل. ويعبر العكس عن الشيء نفسه، حيث يشعر الشخص بالاكتئاب والكسل عندما يجلس في وضع متراخٍ.
لكن عندما تكون مستقيماً، فهذا يعني أنَّك نشط ومستعد لفعل شيء ما؛ ويميل عقلنا إلى أن يتذكر على الأرجح الذكريات الإيجابية أو يفكر في شيء إيجابي بوجهٍ عام.
عندما تأخذ وضعية متراخية، فإنَّك تصاب بالمشاعر السلبية وتشعر بالكسل، لأنَّ وضعية الخمول تعني أنَّك منهك وقد تؤدي إلى مزيد من التوتر.
4- كن نشيطاً
إذا كنت لا تمارس التمارين الرياضية، فستكون دائماً بطيئاً وخاملاً. كيف تستطيع التركيز في مثل هذه الحالة؟
تساعدك الرياضة في التركيز على أداء مهمة فردية، إضافة إلى فوائدها الصحية المتعددة.
ينبغي لنا الحفاظ دائماً على نشاطنا أثناء وقت العمل. خذ استراحة قصيرة لمدة 5 دقائق للمشي، أو يمكنك ممارسة تمارين الضغط من 10 إلى 20 ضغطة في المرة الواحدة.
يساعد ذلك في رفع معدل ضربات القلب وتحفيز الجسم على إفراز هرمون "الإندورفين"، ممّا يُحسّن وظائف الدماغ.
إذا أخذت فترات راحة قصيرة أثناء ساعات العمل لممارسة نشاط بدني خفيف بدلاً من الجلوس على المكتب طوال اليوم على نحو متواصل، فإنَّ قدرتك على ترتيب الأولويات سوف تتحسّن، الأمر الذي يساعدك على تجاهل مصادر التشتيت والتركيز بصورة أفضل على المهمة التي تنفّذها.
5- طوِّر عقلية موجهة نحو تحقيق الهدف
عندما تفعل أي شيء، ركِّز على ما تريد إنجازه بدلاً من التركيز على عدد الساعات التي سوف تستغرقها.
حاوِل التركيز على تحقيق هدف أو نتيجة معينة، بدلاً من تخصيص ساعات معينة تعمل فيها.
تساعدك هذه الطريقة في تخصيص وقتك وطاقتك بفاعلية لإنجاز المهام التي تحقق تقدماً نحو النتائج المرجوة. يعني تطوير عقلية تركز على تحقيق الهدف أنَّ طاقتك ستتركّز في 3 نواحٍ رئيسية: تخطيط مهامك وتنظيمها، وإنجاز تلك المهام والحفاظ على الحافز المُحرّك لك.
عندما يكون الشخص مدفوعاً بتحقيق أهداف محددة، فإنَّ ذلك يُحفّزه على العمل بجهد أكبر لبلوغ ما يسعى إليه وإنجاز مزيد من المهام بكفاءة.
يساعدك تحديد الأهداف لنفسك على إيلاء المزيد من الاهتمام للأشياء الصغيرة التي تصل بك إلى النتيجة النهائية التي تريدها.
6- اقرأ كتباً كثيرة
تستطيع عادة القراءة صنع العجائب فيما يتعلّق بمدى انتباهك على نحو أفضل كثيراً من الانغماس في مشاهدة البرامج التلفزيونية. لا تساعد القراءة في تحسين أداء أدمغتنا فحسب، بل تزيد أيضاً من مدى انتباهنا وفترات تركيزنا.
عندما تقرأ كتاباً، يتركّز انتباهك بالكامل على قصة الكتاب أو الوصول إلى فهم أفضل بشأن موضوع معين، تنغمس حينها في كل التفاصيل الدقيقة التي تستوعبها بينما يتلاشى بقية العالم بعيداً.
تُشجعنا الكتب جيدة البنية على التفكير التسلسلي، فكلما قرأنا، زادت قدرة أدمغتنا على ربط السبب بالنتيجة.
يُحقّق الانغماس التام في قراءة كتاب أعلى درجات الاسترخاء. سوف تندهش حقاً من مدى زيادة تركيزك عند المواظبة على القراءة.
7- تأمَّل
لا توجد وسيلة لتحسين التركيز أفضل من ممارسة التأمل يومياً.
التأمل يشبه تماماً التمارين الرياضية، فهو يُدرّب العقل كما لو كانت المادة الرمادية في أدمغتنا عبارة عن مجموعة عضلات يعمل التأمل على تقويتها. يعزز التأمل مدى الانتباه ويحافظ على التركيز لفترة أطول، حتى أثناء تنفيذ أكثر المهام إثارة للملل.
لا يتطلب التأمل تخصيص جزء كبير من الوقت. يمكنك اقتطاع دقائق من يومك لممارسة التأمل.